نقاش حول عاشوراء.. مهاجرون لبنانيون حملوا التشيّع إلى السنغال قبل أن يعبر إلى موريتانيا

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
أربعاء, 2022-08-10 09:33

الاحتفال بيوم عاشوراء في داكار- أرشيف

 ثارت مناسبة عاشوراء هذا العام، التي تحتفل بها مجتمعات غرب إفريقيا اليوم الثلاثاء، بعد أن كانت تقتصر على طقوس عادية، نقاشا كبيرا بين رجالات الثقافة، حول ملامح ومظاهر التشيع الملاحظة في الموروث الثقافي والاجتماعي الموريتاني.

وعَبَرَ التشيع إلى موريتانيا أواخر ستينيات القرن الماضي قادماً من السنغال المجاورة التي ظهر فيها عام 1969م على يد مهاجرين شيعة لبنانيين يتقدمهم الشيخ عبد المنعم الزين.

الحد الأدنى

وطرح الباحث الدكتور التقي ولد الشيخ قضية تشيع المجتمع الموريتاني في تدوينة بعنوان “نحن وعاشوراء وتشيع الحد الأدنى”، أثارت نقاشا واسعا واهتماما كبيرا في مجتمع تتخلله، منذ عقود، ملامح تشيع واضحة.

وقال: “لا ينظر الموريتانيون إلى عاشوراء باعتباره ظرفا زمانيا لمقتل شهيد الطّف سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما، فلا يقيمون فيه المناحات ولا يتلقون فيه العزاء كما عند الشيعة؛ ولا يوجد من بين الموريتانيين، في الماضي على الأقل، من يقول بولاية الفقيه أو برجعة الإمام أو بمصحف فاطمة الذي هو وحي لم يفرط في شيء حتى ولو كان ذلك الشيء “أرش الخدش”، حسب زعم الشيعة، كما أنه ليس من بينهم من يستطرد في فضل علي كرم الله وجهه، الحوادث التي يعتدون بها كحادثتي الكساء وغدير خم”.

“أما سب الشيخين وأُم المؤمنين والتحامل على بقية غرماء الشيعة من الصحابة فهو من التشيع الذي تمجه، وتلفظه الذائقة الدينية لساكنة هذا المنكب البرزخي”.

بذرة التشيع

وأضاف: “قد لا نستغرب ملاحظة بعض مظاهر التشيع في بلادنا بحكم قربنا من منطقة كانت في الغابر مسرحا لنفوذ العبيديين والأدارسة الذين غرسوا فسيلة التشيع وكانوا متنفسا لرئته بعد أن حكم عليه وعليهم العباسيون بالجلاء؛ لكن تلك المظاهر قد صُنعت على أعين أهل السنة فلم تتجاوز الضوابط الشرعية ولم تصل السقف الذي ترفعه مختلف طوائف الشيعة حدا مقبولا من التشيع؛ بمعنى آخر فإن تلك الفسيلة لم تلق من الرعاية والتعهد ما يلزم فلم تلد بُسرا”.

ملامح تشيع

يقول التقي الشيخ: “أجل، إننا أمة تحب الهاشميين حبا جما، وتقدر الطالبيين تقديراً كبيرا، وتحترم الصحابة، يتجلى ذلك في أُمور؛ منها أننا نكتب في جوانب اللحد قبل أن ننزل فيه صاحبه اسم فاطمة بنت أسد رضي الله عنها، وهي والدة الإمام علي تبركا وطمعا في التخفيف من عذاب القبر، ونخلع على التوأم اسم الحسن والحسين سبطي الرسول، كما أن أغلب أسماء نسائنا هو فاطمة بالدرجة الأُولى، كما تجد عندنا أسماء من قبيل “الزهرة” و”البتول”. ولا يخفى أننا بذلك كله نرعى حول حمى بضعة رسول الله ـصلى الله عليه وسلم، فاطمة الزهراء”.

ذو الفقار

وزاد الدكتور التقي الشيخ: “أما ذو الفقار أو” سيف عال” فله في الميثولوجيا الشعبية عندنا مشاهد لا يطالها النسيان منها ما دار بين الإمام علي وبين أُم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يوم الجمل مما تتداوله العامة في انبهار عفوي بذلك السيف المشهور؛ إضافة إلى ما سبق فإننا نلاحظ انتشار العمائم السود والبيض في رجال مجتمعنا (كذا ارتداء العروس للثوب الأسود) وأن تلك العمائم ترمز إلى مستوى متفاوت من الأُبهة والتقدير شأنها عند إخوتنا الشيعة”.

موجة تشيع

وزاد: “تلك بعض مظاهر التشيع العفوي في موريتانيا تعرضنا لها، ونحن نرى موجة تشيع دافقة تغمر مجتمعنا هذه الأيام تترجمها ندوات ومقالات ومقابلات وتراخيص لما يسمى بالحسينيات، مما يقوض تشيعنا العفوي، الذي يجد فيه كل الصحابة إلى جانب علي رضي الله عن الجميع، مكانهم المرموق والمحفور في وعينا الجمعي الذي لم يعرف في يوم من الأيام القول بالوصية والرجعة والغيبة وعصمة الأئمة”.

معتقدات غريبة

وممن تدخلوا في هذا النقاش الدكتور عبد الله محمد سالم، أستاذ الأدب في جامعة نواكشوط، الذي علق قائلا: “بالإضافة إلى هذه المظاهر الدالة، يبدو أن تيارا فكريا إماميا حاول السيطرة على المعتقد، وعلى الحياة عموما، وقد تكون حركة الإمام ناصر الدين (قائد ديني وعسكري من البربر- 1645- 1674م)، وظهور قبر الحضرمي وكتاب “المنة” من تجلياته، كما أن بعض أفكار المتصوفة عندنا تتجلى فيها بعض معتقدات هذا التيار كعصمة الشيخ واطلاعه على الغيوب، أو الاعتقاد أنه لم يمت وأنه سيعود”.

وكتب الأستاذ الباحث الموريتاني أحمد حبيب الله: “كان هذا هو التشيع الموريتاني، ولكنه تحول إلى التميع والطمع والجشع حبا وعبادة للدينار والدرهم في هذه البلاد مع الأسف الشديد، وانتشار أشرطة “يا علي” منذ عام 1992 وغيرها؛ ومنذ فترة سألت أحد من يذهبون إلى إيران ماذا قدموا لكم؟ قال لي: دولارات معدودات وكانوا فينا من الزاهدين”.

أعداد هائلة

يذكر أن إيران تبذل، منذ ثمانينيات القرن الماضي، عبر سفاراتها، جهودا لتنظيم الشيعة وزيادة عددهم.

وحسب إحصاء الشيعة العام الذي نفذه عام 2008 مجمع آل البيت التابع للمرشد الأعلى في إيران، فإن عدد الشيعة في غرب إفريقيا يقدر بنحو 7 ملايين شخص.
ويقدر هذا الإحصاء عدد الشيعة في مالي، وهي دولة سنية بالأساس، بحوالي 120 ألف متشيع، وفي السنغال، وهي أحد أهم مراكز النفوذ الإيراني في غرب إفريقيا، يبلغ عدد السكان نحو 12 مليون نسمة، بينهم أكثر من نصف مليون شيعي (5٪) وذلك وفقاً لإحصاء المجمع العالمي لآل البيت.
أما غينيا بيساو، وهي أيضاً من دول غرب إفريقيا، فيبلغ عدد المسلمين فيها 680 ألف نسمة، بينهم حوالي 6800 شيعي (أقل من 1٪)، كما تتراوح أعداد الشيعة في زامبيا وليسوتو وسوازيلاند وسيشل والرأس الأخضر ما بين 1 و2٪ من السكان.

وبتشجيع من الحكومة الإيرانية أسس شيعة السنغال هيئة المزدهر سنة 2000، وهي مؤسسة نشطة تتحرك في مجال التربية والتعليم وبناء المدارس وإقامة المناسبات، كمناسبة عاشوراء وعيد المولد النبوي الشريف ومولد الزهراء وعيد الغدير، وفي الوقت نفسه تطبع هذه المؤسسة الكتب وتنشر المقالات في المجلات وفي الجرائد والإذاعات وتنعش برامج في القنوات السنغالية.

عبد الله مولود

​نواكشوط- «القدس العربي»