دعوة لوحدة المعارضة من أجل انتقال آمن للديمقراطية (بيان)

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
سبت, 2023-01-28 20:13

يلاحظ دارسو الانتقال الديمقراطي، وجود ما يشبه الإجماع بين منظري الديمقراطية على ضرورة تجاوز الاستقطاب السياسي بين القوى ذات المصلحة في التغيير، ونشر مناخ من الطمأنة المتبادلة بين مختلف أطرافها من أجل تحقيق الانتقال الآمن إلى الديمقراطية. وتكشف تجارب الانتقال الناجحة، في بلدان جنوب أوربا خلال سبعينات القرن الماضي وفيما بعد في أمريكا اللاتينية وآسيا وأوربا الشرقية وإفريقيا، أن وحدة قوى المعارضة تأتي في مقدمة الشروط الضرورية لنجاح معظم عمليات الانتقال إلى الديمقراطية وفي استدامتها، وذلك ما تؤكده بشكل خاص تجربة الجارة السنغال منذ سنة 2000.

الواقع:

أما في موريتانيا فتستطيع قوى المعارضة، أن تستخلص من تجربتها الذاتية حاجتها الملحة إلى رص صفوفها، ليس لأن مرشحها للرئاسة حين كانت موحدة سنة 1992 حقق رقما قياسيا (33%) خلال الشوط الأول لم يتمكن أي مرشح معارض تحقيقه منذ ذلك التاريخ حتى الآن، ولكن أيضا لأن خلافاتها ضيعت على البلاد فرصة تناوب ديمقراطي سنحت سنة 2007، وأدخلتها فيما يشبه حالة عجز شاملة عن التأثير في مجريات أوضاع البلاد بما في ذلك حماية حرية التنظيم والوقوف في وجه عمليات الهندسة السياسية والانتخابية التي يسعى النظام من خلالها إلى تكريس الوضع القائم وقطع الطريق أمام أية إمكانية للتغيير عن طريق الانتخابات.

وإذا ما اقتصرنا على قراءة خاطفة لنتائج انتخابات 2018 النيابية والجهوية والبلدية، وعلى التحديات التي يمثلها التقطيع الإداري الجديد المنفذ بطريقة أحادية والتغييرات التي طالت المدونة الانتخابية، بالإضافة إلى المحتوى المثبط للرسالة التي يوجهها تشتت جهود المعارضة إلى الناخبين الراغبين في التغيير وحتى إلى النظام ذاته؛ فإننا سنكون أمام مجموعة من العناصر تؤكد خطورة خوض معركة الانتخابات القادمة بطريقة فوضوية وانعكاسات ما قد ينجر عن ذلك من هزائم إضافية على مستقبل التغيير في البلاد. وتتمثل أبرز هذه العناصر فيما يلي:

1- أظهرت نتائج انتخابات 2018 النيابية والجهوية والبلدية، عجز أحزاب المعارضة أو تحالفاتها الانتخابية المحدودة، عن الفوز بقيادة أي مجلس جهوي في عموم البلاد ولا أي مجلس بلدي في أي من عواصم الولايات ولا أية بلدية ذات أهمية انتخابية كبيرة إذا ما استثنينا ثلاثا من مقاطعات نواكشوط، مع ملاحظة خسارة المعارضة لبلدية الميناء لأول مرة منذ 1994؛

2- لم ينجح أي من أحزاب المعارضة في الفوز بمقعدين نيابيين ولا حتى بمقعد واحد في الدوائر الانتخابية التي تجري فيها الانتخابات طبقا لنظام الأغلبية ذات الشوطين، لتنقضي بذلك مرحلة كان فيها معارضون مستقلون قادرين على تحقيق الانتصار على حزب السلطة وكانت فيها أحزاب معارضة تستطيع الفوز بمقاعد مقاطعات مهمة مثل بوغي والطينطان وبتلميت وواد الناقة؛

3- سيعني استمرار المعارضة إذا في خوض الانتخابات بالطريقة السابقة، تحييد جميع المجالس الجهوية ومعظم البلديات و50% من مقاعد البرلمان (المنتخبة وفق نظام الأغلبية)، من المنافسة لصالح حزب السلطة؛ لتنحصر بين الجميع على الـ 50% من مقاعد البرلمان التي تنتخب بالنسبية، مع ضرورة ملاحظة أن حظوظ أحزاب المعارضة في هذه المنافسة قد لا تكون قوية نتيجة قلة أعدادها بالمقارنة مع أحزاب الأغلبية؛ الرهانات:

4- تحاول السلطة إظهار قبولها لاعتماد النسبية في انتخاب المجالس الجهوية والبلدية، على أنه تنازل لصالح المعارضة والأحزاب الضعيفة بشكل خاص؛ غير أن الأمر ينطوي على أكثر من خدعة تخدم استمرار تفوق حزب السلطة وتكريس هيمنته، حيث أن الأحزاب المطمئنة على وجود تمثيل لها في بعض هذه المجالس عبر النسبية، قد لا تشعر بالحاجة إلى توحيد لوائحها مما يعزز حظوظ حزب السلطة بتصدر اللوائح، الشيء الذي يتيح له قيادة هذه المجالس من خلال التعديل الجديد القاضي بأن يكون رئيس الجهة والعمدة وجوبا هو رأس اللائحة التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات المعبر عنها؛

5- تكمن الخدعة الثانية ضمن هذا الإطار، في أن رؤساء الجهات والعمد الحاصلين على مناصبهم بقوة القانون وليس من خلال انتخاب زملائهم لهم، سيجدون القانون أيضا إلى جانبهم حين تعوزهم الأغلبية التي تسمح لهم بتشريع ما يتخذونه من قرارات، لأن التعديلات الجديدة منحت سلطة الوصاية الحق في البت في أي خلاف يحصل بين العمدة أو رئيس الجهة وأغلبية المجلس الذي يقوده، حتى أنها خولت سلطة الوصاية "تحديد آليات خارج العملية الانتخابية" للبت في ذلك الخلاف؛

6- تبدو أهداف السلطة من الهندسة السياسية والانتخابية التي تنفذها، أكثر انكشافا حين يتعلق الأمر بالتقطيع الإداري الذي تم تمريره مؤخرا خارج أي شكل من أشكال التشاور والذي أسفر عن تقليص معتبر للنسبية في الولايات الداخلية، لصالح حل بعض إشكالات التمثيل القبلي والاجتماعي التي كانت مطروحة لحزب السلطة في بعض الدوائر، وتقليص حظوظ المعارضة في الفوز بتمثيل لسكان الداخل، إضافة إلى تفتيت بعض البلديات بغرض تحويلها إلى وحدات قبلية خالصة ترضية لمجموعات داعمة للسلطة كانت تطالب ببلديات خاصة بها. والأسوأ من ذلك أن المقرر المشترك بين وزارتي الخارجية والداخلية، الموقع يوم 27 يناير 2023 والمتعلق بالمكاتب المخصصة لتصويت الجاليات الموريتانية في الخارج، يعبر عن إرادة جلية في إعادة إنتاج المنافسة غير النزيهة، حيث اعتمد هذا المقرر مكاتب في بلدان يقيم بها عدد قليل من الناخبين فيما تجاهل بلدانا تقيم بها جاليات كبيرة: إفرقيا: غامبيا، كوت ديفوار، غينيا بيساو؛ آسيا: السعودية، الإمارات، قطر؛ أوروبا: فرنسا؛ أمريكا: الولايات المتحدة؛ مما يدفع إلى الاعتقاد بأن ما يجري الترتيب له ليس أكثر من تحضير للاستحقاق الأهم المرتقب سنة 2024

الآفاق:

7- يعطي إصرار المعارضة على المضي قدما في طريق تصعيد الاستقطاب الداخلي بين مكوناتها والتشرذم وتغليب "المصالح الأنانية" على المصلحة العامة، إشارات بالغة الخطورة للطبقات والفئات والشرائح المتعطشة للتغيير، من شأنها أن تقوض ثقة الرأي العام في جدية الطيف المعارض وفي جدارته بقيادة البلاد. وهو ما يؤدي إلى عزوف بعض هذه المكونات عن صناديق الاقتراع، فيما يدفع بعضها الآخر إلى السقوط في شراك سماسرة الانتخابات وتجار بطاقات التعريف؛

8- تمثل الانتخابات النيابية والجهوية والبلدية القادمة، اختبارا فعليا لقدرة المعارضة على المنافسة بفعالية في رئاسيات 2024، ولن يعني فشلها في هذا الاختبار سوى تضييع فرصة أخرى لتحقيق التناوب الديمقراطي على السلطة، مما يعني مزيدا من الإحباط في صفوف الجماهير ومزيدا من تعفن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ومن تعريض البلاد لمخاطر إضافية في سياقات شبه إقليمية وإقليمية ودولية تستدعي تضافر كل الجهود واستغلال مختلف الطاقات للنجاة من تداعياتها المدمرة.

نواكشوط 28 يناير 2023

  حزب طلائع قوى التغيير الديمقراطي

  حزب موريتانيا القوية (حزمح