من الملاحظ أننا نعاني منذ فترة من غياب خطاب سياسي مقنع على مستوى الأغلبية والمعارضة على حد سواء، وذلك على الرغم من أننا نقترب كثيرا من موعد انتخابي مهم، قد يشهد تنافسا قويا.
لستُ هنا بصدد إعادة الحديث عن أسباب غياب خطاب سياسي مقنع لدى الأغلبية والمعارضة ، ولمن أراد أن يطلع على وجهة نظري حول تلك الأسباب، فعليه أن يعود إلى مقال "قراءة تشخيصية للمشهد السياسي الموريتاني" المنشور بتاريخ 28 أغسطس 2022. كما أني لستُ كذلك بصدد تقديم مقترحات أو إطلاق مبادرات لصالح المعارضة، فقد فعلتُ ذلك رفقة عدد من النشطاء والمهتمين بالشأن العام من خلال "نداء 4 دجمبر" الذي أطلقناه منذ عقد من الزمن، ما بين شوطي انتخابات 2013 ، والتي كانت قد شاركت فيها أحزاب : تواصل والتحالف والصواب وغابت عنها بقية أحزاب منسقية المعارضة.
ويرجع الفضل في ذلك النداء في تقديم مقترح بتأسيس تكتل معارض جديد ينفتح على الشخصيات الوطنية والنقابات والمنظمات الحقوقية، فانبثق عن الخطوة لاحقا ميلاد وقيام المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة.
اليوم، وبعد عقد من الزمن، وبعد أن تركتُ فسطاط المعارضة وأصبحتُ في صف داعمي فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، أجدني ملزما بالعمل مع داعمين كثر من أجل تشكيل تيار سياسي داخل الأغلبية يكون نواة لما يمكن تسميته بالموالاة الناصحة، وينخرط فيها داعمو الرئيس الذين لا تعجبهم إعادة تدوير الأساليب والأشخاص داخل الأغلبية، والتي نتج عنها غياب خطاب سياسي مقنع، وضعف في الأداء للأذرع السياسية و الإعلامية للنظام.
إننا في الأغلبية الداعمة للرئيس بحاجة إلى خلق عنوان سياسي جديد قادر على استقطاب الكثير من الداعمين الصادقين والجديين والإيجابيين، والذين لا يجدون أنفسهم في العناوين القائمة، وفي أساليبها التقليدية في ممارسة السياسية، والتي تعتمد في الأساس على القبيلة والمال.
إننا في الأغلبية الداعمة للرئيس بحاجة إلى عنوان سياسي يتأسس على ثلاث مرتكزات كنت قد تحدثت عنها في مقال سابق تحت عنوان : " فلنتحرك داخل مثلث الإصلاح"، واختصرتُ تلك المرتكزات في ثلاث نونات.
المرتكز الأول : أن تكون لهذا العنوان السياسي القدرة على تثمين المنجز وتسويقه للرأي العام، ومما يؤسف له أن الأغلبية الداعمة للرئيس تعاني ضعفا في هذا المجال، إما بسبب نقص في مصداقية بعض الأشخاص الذين يتصدرون الواجهة السياسية والإعلامية للنظام، أو بسبب استخدام أساليب تقليدية لم تعد قادرة اليوم على التأثير في اتجاهات الرأي العام.
المرتكز الثاني : أن تكون له القدرة والشجاعة في كشف ما يقع من خلل وما يُسجل من نواقص في الأداء الحكومي، ولا يهدف كشف ذلك لإظهار عجز هذا المسؤول أو ذاك، وإنما الهدف منه لفت الانتباه إلى ما يقع من أخطاء من أجل تصحيحها.
إن هناك أخطاء تقع، وفخامة الرئيس قد تحدث بنفسه عن بعض تلك الأخطاء في أكثر من مناسبة، وواجبنا كداعمين صادقين وجديين للرئيس أن نكشف عن تلك الأخطاء،. وأن لا نقبل بأن يزايد علينا أي داعم آخر للرئيس إن تحدثنا عن تلك الأخطاء والنواقص، فنحن نعتقد بأننا الأكثر صدقا وجدية في دعم الرئيس.
المرتكز الثالث : أن تكون لهذا العنوان السياسي الجديد القدرة على تقديم المقترحات وإطلاق المبادرات الإصلاحية لتصحيح ما يقع من أخطاء بالتعاون مع الجهات المعنية.
إننا في الأغلبية الداعمة للرئيس بحاجة إلى حراك سياسي جديد، يمكن اختصار تسميته ب"حراك 3 ن" يعمل على خلق نواة لموالاة ناصحة، ستظهر الحاجة لها أكثر خلال المأمورية الثانية، والتي نعتقد بأنها ستكون مأمورية إصلاحات واسعة وشاملة، وذلك بعد أن تجاوزنا خلال السنوات الماضية مرحلة تأمين التناوب السلمي على السلطة، وتجاوز التحديات التي فرضتها جائحة كورونا وحرب أوكرانيا.
لن أختم هذا المقال قبل أن أعلن عن استعدادي الكامل للعمل مع كل من يشاركني هذه الرؤية من أجل تأسيس نواة للموالاة الناصحة من خلال إطلاق "حراك 3 ن".
3 ن = نُثمن + نَنتقد + نُصلح.
حفظ الله موريتانيا..