لم يهدأ بعد الجدل الذي أثارته زيارة سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي الأخيرة لموريتانيا، حيث واصل الإعلام الموريتاني والفرنسي والروسي التعاطي حولها بالبحث عن خفاياها التي لم تعلن، وبتحليل انعكاساتها المحتملة على التوازن بين القوى الدولية المتصارعة في الساحل الإفريقي.
واهتم الإعلام الموريتاني المستقل بتحليل وتداول بيان نفت فيه وزارة الخارجية الروسية ما أكدته صحيفة «لوبويه» الفرنسية بخصوص ما قد تكون زيارة لافروف لموريتانيا قد تضمنته، من وجود رغبة لدى موسكو في بناء قاعدة عسكرية في موريتانيا.
وقالت الخارجية الروسية إنه «لم تكن لدى روسيا مثل هذه الخطط قط، وهي لم تتوجه إلى السلطات الموريتانية بمثل هذه الطلبات، وبوسعها تأكيد ذلك بنفسها.»
وأشارت إلى أن «التعاون العسكري التقني لم يناقش خلال زيارة لافروف لنواكشوط.»
وعكست صحيفة «لوبويه» قلق حكومة باريس إزاء زيارة لافروف لموريتانيا، مؤكدة في إثارة لنقطة حساسة «أن الغرض منها هو الحصول على موافقة موريتانيا لبناء قاعدة عسكرية، ضمن سياستها التوسعية في منطقة الساحل».
وأضافت لوبويه: «لم تتخل روسيا عن استكشاف طرق للتقارب مع موريتانيا، هذا البلد الساحلي الذي يقطنه 4.5 مليون نسمة والذي يمثل جسراً بين المغرب وإفريقيا ما وراء الصحراء».
وتابعت: «من المهم التذكير بأن موريتانيا رغم علاقاتها القوية مع فرنسا والولايات المتحدة، وقعت اتفاقاً عسكرياً مع موسكو في يونيو 2021، ذلك الاتفاق الذي اعتبرته الصحيفة الفرنسية في تعليقها على زيارة لافروف «باباً يفتح أمام روسيا الفرصة لزيارة تأثيرها في المنطقة عبر بناء قاعدة عسكرية بحرية فيها».
وأعادت لبويه التذكير «بأنه رغم التقارب الموريتاني الروسي فإن موريتانيا صوتت في آذار/ مارس 2022 على توصية الأمم المتحدة التي دعت روسيا إلى إيقاف فوري لعملياتها العسكرية في أوكرانيا، كما صوتت على توصية مضادة لضم أربع مناطق أوكرانية إلى روسيا، إلا أنها امتنعت في نوفمبر عن التصويت على تعويضات الحرب التي على روسيا أن تدفعها لأوكرانيا».
وكان لافروف قد علق على مواقف موريتانيا من الملف الأوكراني بقوله: «نحترم سياسة الحياد التي تنهجها موريتانيا في جميع المحاور والقضايا»، وهو ما يشير على أن روسيا غير قلقة إزاء مواقف الحكومة الموريتانية الخاصة بالأزمة الأوكرانية.
وأكد لافروف ذلك بقوله: «إن الحكومة الموريتانية تتفهم كثيراً انشغالات روسيا الأمنية، وهي ترى أنه من الضرورة أخذها بعين الاعتبار نظراً لدورها المهم في أمن واستقرار أوروبا، وكذا أهمية دورة في أمن واستقرار العالم».
وخصصت إذاعة فرنسا الدولية تحليلاً معبراً عن انزعاج فرنسا من جولة لافروف وزيارته لموريتانيا تحديداً، حيث توقفت عند قول لافروف «إن موريتانيا وروسيا تتقاسمان القلق نفسه إزاء الوضع الأمني في الساحل المثقل بأزمات عدة، بينها الوضع في الصحراء الغربية التي أكد لافروف أن الطرفين الموريتاني والروسي يساندان حلها على أساس قرارات مجلس الأمن».
وحملت راديو فرانس «روسيا مسؤولية الأزمة الغذائية التي تواجهها إفريقيا بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي أكد لافروف «أن المسؤولية عنها تعود للعقوبات الجائرة التي فرضتها الولايات المتحدة وأتباعها».
وأشارت أسبوعية «القلم» الموريتانية الصادرة باللغة الفرنسية في تحليل لزيارة الوزير لافروف إلى أن من أهم ما قاله وزير الخارجية الروسي خلال زيارته لموريتانيا هو «أن الولايات المتحدة الأمريكية تستغل النظام الأوكراني في محاولاتها التخلص من العراقيل التي تعيق هيمنتها على العالم».
وتساءلت «هل ستتمكن روسيا عبر سياسة ربط الشراكات التي بدأت بمالي والتي ينتظر أن تتسع باتجاه بوركينافاسو، من إرضاء الأفارقة الذين لم يجدوا لدى فرنسا ما يرضي أجيالهم الجديدة؟».
عبد الله مولود
نواكشوط –»القدس العربي»