مطلقات موريتانيا... يحتفلن وينتظرن حظوظا أعلى للزواج

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
جمعة, 2023-02-17 10:04

كما يبتهج #الموريتانيون للعرس يفرحون أيضاً للطلاق ويقيمون له احتفالاً خاصاً تغلب عليه #العادات_والتقاليد المتوارثة منذ مئات السنين.

ولطالما كانت العائلات القبلية تدعم المطلقة العائدة إلى بيت أهلها بالاحتفاء حتى تتجاوز أزمة الانفصال، وتوارث المجتمع هذه العادة فاتخذت أشكالاً وأبعاداً جديدة تحولت مع الوقت من دعم المطلقة إلى تشجيعها على طلب الطلاق.

وفور سماع نبأ الانفصال ترفع المرأة المطلقة أو إحدى قريباتها صوتها بالزغاريد لإعلان فرحتها بهذه الحادثة الذي تعتبره انتصاراً على الزوج.

وتستقبل المنفصلة طوال يوم الطلاق أفواج النساء من صديقاتها وقريباتها يحملن الطبول والدفوف ويرددن أغاني شعبية تحمل معاني العزاء والمواساة، وعند انتهاء أشهر العدة تقيم المطلقة حفلاً وتتزين وتستقبل صديقاتها والفنانين الشعبيين الذين يهنئونها بالقصائد والأغاني على خلاصها من الزوج سيئ الحظ وحصولها على حريتها، ويقام هذا الحفل نكاية بالزوج ولرفع معنويات المطلقة وتأييدها في قرار الانفصال عنه.

وتحظى المطلقة بدعم ومؤازرة جميع المحيطين بها وتحرص على الظهور بأبهى حلة بعد انتهاء العدة، إذ تتزين وتخضب يديها ورجليها بالحناء وتتحلى بما تملك من حلي تقليدية مصنوعة من الذهب، كما يتنافس أبناء عمومتها والمعجبون بها في تقديم الهدايا والتقرب منها.

وتعرف هذه العادة في موريتانيا بـ "التحراش"، إذ يتظاهر الرجال من أقارب المطلقة أو أصدقاء العائلة برغبتهم في المطلقة لرفع معنوياتها ومساعدتها في تجاوز أزمة الانفصال والشعور بأنها مرغوبة على رغم طلاقها.

سوق المطلقات

وفي هذا الصدد قالت الناشطة الحقوقية مريم بنت الداه إن الاحتفاء بالمطلقة تقليد راسخ، وهو نوع من التعويض المعنوي لما تعانيه المنفصلة سواء لحظة طلاقها أو بعد خروجها من العدة.

وأشارت بنت الداه خلال حديثها مع "اندبندنت عربية" إلى أن هذا الاحتفاء يجب ألا يؤثر سلباً في نظرة المجتمع لاستمرار الحياة الزوجية بأن يشجع الزوجة على ترك بيتها حين وقوع خلاف بين الطرفين.

وأكدت أنه بغض النظر عن الجانب السلبي للاحتفاء بالمطلقة فإن "الشيء الإيجابي أن المنفصلات أصبحن أوفر حظاً من الفتيات في الزواج، إذ لا تسود في المجتمع تلك النظرة السلبية ضدهن كما في باقي المجتمعات".

وأضافت أنه إلى جانب الدعم النفسي تحظى المطلقات بدعم مالي عائلي، إذ يتكفل والدها وإخوتها بالمصاريف المعيشة لها ولأبنائها وتعويضهم عن المكانة الاجتماعية التي فقدوها بعد الانفصال.

وأوضحت أن "المحيط العائلي يساعد المرأة المطلقة في الزواج من جديد لإيجاد معيل لها ولأبنائها، كما أنه يساعدها في تحقيق الاستقلال المادي من خلال تأمين مبلغ مالي لتنفيذ مشروع تجاري بسيط".

ويوجد في العاصمة الموريتانية نواكشوط سوق يدعى "سوق المطلقات" تبيع فيه المنفصلات كل مستلزمات النساء من ملابس وعطور وحلي وما يعني بالزينة التقليدية والأفراح.

تحذير وقلق

وعلى رغم عدم وجود إحصاءات دقيقة عن نسبة الطلاق في المجتمع الموريتاني إلا أن متخصصون في علم الاجتماع يؤكدون أنها تتجاوز 32 في المئة، ويعتبرون أن ارتفاع عدد حالات الانفصال يبعث على القلق مقارنة بباقي دول منطقة غرب أفريقيا.

ويضع المتخصصون اللائمة على تساهل المجتمع وتقبله للطلاق وترحيبه بقرار الانفصال، معتبرين أن هذه التقاليد شجعت المرأة على طلب الطلاق وهجر بيت الزوجية مما أفقدها الإحساس بأخطار الانفصال عليها وعلى أبنائها.

وفي هذا الصدد قال الباحث الاجتماعي محمد ولد أغرابي إن الواقع المعيش يؤكد أن نسبة الطلاق أصبحت تسجل ارتفاعات كبيرة ومقلقة سنة بعد أخرى، مما يعكس مدى فشل الأسر الموريتانية في الحفاظ على رابط الزواج وما ينتج منها من مشكلات اجتماعية واقتصادية كبيرة.

المطلقة_تعود_لبيت_اهلها_دون_حقوق.jpg

 

وأضاف ولد أغرابي في حديث خاص أن أسباب الطلاق في المجتمع الموريتاني متعددة، أهمها التسرع في الزواج وعدم منح فرصة كافية للطرفين من أجل التعارف والتفاهم قبل الارتباط، وتراجع قيم الإحسان والحب والمودة في مقابل انتشار الفردانية والأنانية واستفحال الماديات وسط أزمة اقتصادية خانقة، إضافة إلى تراكم المشكلات وارتفاع كلف المعيشة والتأثير المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي.

وطالب الباحث بالإسراع في وضع خطط لوقف حالات التفكك الأسري واتخاذ إجراءات وتدابير عاجلة للحد من ظاهرة الطلاق من أجل ضمان الأمن والسلم الاجتماعي.

وأشار إلى أن محاربة ظاهرة الطلاق في المجتمع الصحراوي تستلزم مكافحة ممارسات وعادات وثقافة الفرح عند حدوث الانفصال والقضاء على طقوس الاحتفال بهذا الإخفاق العائلي، وتوعية المجتمع بخطورة الظاهرة ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً.

وعلى رغم النصوص والتشريعات التي صدرت خلال السنوات الأخيرة وسعت إلى الحد من الطلاق والتفكك الأسري، إلا أن انتشار الظاهرة داخل المجتمع الموريتاني دفع المتخصصين إلى دق ناقوس الخطر.

وحذر المتخصصون من عواقب التفكك الأسري وتعالت الأصوات النسائية المطالبة بمحاربة الظاهرة التي أصبحت مصدر قلق حقيقياً بالنسبة لهن وهاجساً مخيفاً يعوق استقرارهن ويحد من إسهاماتهن في تنمية المجتمع.