الجزء الأول : العسكرية في الإسلام
قال تعالى:<< إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص>>. وقال تعالى :<< ياأيها الذين آمنوا اصبرو وصابرو و رابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون >> .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو و أمي ـ , قائد الصلاة , وهو قائد العسكر , وكان حريصا على تسوية الصفوف في الصلاة ,و كان حريصا على تعليم أصحابه كل شيء، حتى الخراءة ,كما قال المشركون متعجبين.
الصلاة في حد ذاتها تكوين عسكري , كل مسلم مطالب باللإلتزام بأوقات الصلاة ,و في كل يوم:على وجه الوجوب ,و مطالب بقيام الليل , و الإجتماع للصلاة فرض ,أي أن المسلم دائما مستعد .
كان صلى الله عليه و سلم يقود الجيوش ويرسل السرايا ,و يرسل العيون (المخابرات العسكرية) و يبرم الإتفاقيات حربا وسلما مع جميع القوى الإقليمية و الدولية , وقد اعتمد الخطة التي أشار بها الحباب رضي الله عنه يوم بدر, وكذالك خطة سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ في الخندق, و التي تعلمها في الأكاديمية العسكرية الفارسية، فداء و تبادل الأسرى ، نظام الكوماندوز كما حدث مع كعب بن الأشرف.....,(الإستراتيجيات العسكرية الجيوسياسية) .
لقد حد رسول الله صلى الله عليه وسلم السن الأدنى للإلتحاق باالجيش (15 سنة ) .
لقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة خاصة بالحرب (صلاة الخوف).و كان في بعض الأحيان يُؤمِّر صحابيا حديث عهد بالإسلام ـ لخبرته بالحرب ـ على منهم أقدم منه إسلاما مثلما حصل مع عمرو بن العاص رضي الله عنه (الكفاءة)
كان حسان بن ثابت وكعب بن مالك (الشعراء) وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم يقومون بالحرب الإعلامية .
لقد أقام عمر رضي الله عنه نظام الحمى و نظام البريد: لأغراض عسكرية ,و كذالك أمر أن لا يحبس الجنود (المتزوجون) في الثغور أكثر من أربعة أشهر لأسباب اجتماعية .
لقد كانت الخدمة العسكرية إجبارية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أقترح أن يكون التعليم في موريتانيا كله تعليما شبه عسكري .
يعفى من الخدمة العسكرية :<< ليس على الاعمى حرج و لا على الاعرج حرج ولاعلى المريض حرج >> .
هذه عجالة جمعتها ,ويمكن تأليف كتاب كبير حول الموضوع.
أنا : ـ كأحدهم ـ شنقيطي : مالكي ذو مرجعية خليلية (نسبة إلى الشيخ خليل الجندي ),و صوفي ذو مرجعية جنيدية ـ نسبة إلى الجنيد ـ تقوم على جهاد النفس (الجهاد الأكبر) و أشعري ذو مرجعية عقلانية .و " إسلامي" ذو مرجعية إخوانية شعارها(مصحف و سيفان متقاطعان و "و أعدوا"). . و " ديمقراطيي " ذو مرجعية ليبرالية غربية ، يحز في نفسي كثيرا هذه الهجمة ـ التي أصبحت موضة ـ على "العسكري" و العسكرية ، حتى أصبحت كلمة عسكري مرادفة ل"مجرم".
أنا لا أرى فرقا بين مهنة: المدرس و الميكانيكي و الحلاق و الطبيب و العسكري...إلخ , الكل يخدم الأمة .
و يغيب عن الكثير أنه في الأكاديميات العسكرية تُدَرس جميع العلوم (العلوم الدقيقة و العلوم الإنسانية ) ، للأسف الكثير منا يعتقد أن العسكرية تقتصر على التدريب البدني و على الأسلحة .
لقد كان هنالك رؤساء دول, من الذين ليست لهم ثقافة عسكرية عميقة , من أمثال هتلر (لم يدرس في كلية عسكرية تطوع كجندي في الحرب العالمية الأولى ) وصدام ـ بالرغم من المظهر ـ جروا إلى دولهم و إلى غيرهم الدمار و الخراب .(لقد حاول كثير من الجنرالات الألمان عدة مرات أن يقتلوا هتلر فقط من أجل إيقاف الحرب العالمية) .
وكان هنالك رؤساء على العكس من ذالك (عسكريون خريجو الأكاديميات العسكرية ) من الذين سعوا إلى وقف الحروب و إلى إرساء السلام, من أمثال شارل دي غول و ونستون تشرشيل (حاصل على جائزة نوبل للآداب 1953 و اختار قبل وفاته أن يكون تكريمه بمنحة دراسية تحمل اسمه " churchill Trust"
و جون كندي (الدموقراطي الكبير مؤسس هيأة السلام الأمريكية ) صاحب القولة الشهيرة "إما أن تضع الإنسانية نهاية للحرب , و إلا فإن الحرب ستضع نهاية للإنسانية ".
في العالم الغربي عدم القيام بالخدمة العسكرية يعتبر قادحا و معرة ,ولذالك أثيرت القضية عند ترشح بيل كلنتون للرئاسة.
مثلا ،كل رؤساء فرنسا منذ 1958 قامو بالخدمة العسكرية , بما فيهم هولاند. أفضل مدرسة في فرنسا هي المدرسة المتعددة التقنيات في باريس, وهي مدرسة عسكرية ، ومع ذالك يدرس فيها الطلبة الأجانب المدنيون , وفيها خيرة الأساتذة في الرياضيات و الفيزياء ...
جميع العلوم التي تطورت في أمريكا (طب ,فيزياء نووية كونية , معلوماتية.....) طورها الجيش الأمريكي , أحسن المستشفيات في الغرب هي المستشفيات العسكرية .
للأسف المواطن العربي الذي عاش الويلات في ظل العسكر ـ بالرغم أن أكثر زعماء العالم العربي ليسوا من العسكرـ تكونت لديه فكرة سيئة عبر الزمن. (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ). و بالمناسبة :بشار الأسد ليس عسكريا ، لكن لو نظرنا عبر التاريخ إلى سبب أخذ العسكر للسلطة لوجدناه إفلاس الساسة ,وفي الغالب دخول تلك الدول ـ التي يستولي فيها الجيش على السلطة ـ في حرب خاسرة، وعادة ما يكون الإنقلاب من أجل وقف تلك الحرب , كما حدث في موريتانيا عام 1978 م.
... يتواصل.. إن شاء الله