نواكشوط: الشيخ محمد+ الشرق الاوسط
احتج العشرات من أقارب رجال أعمال موريتانيين أعلنوا إفلاسهم وجرى سجنهم بسبب ديون تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، وذلك وفق ما ينص عليه القانون الموريتاني في إطار عقوبة تعرف باسم «الإكراه البدني في المعاملات التجارية»، التي تطبق على من يعجز عن تسديد ديونه.
وتثير العقوبة كثيرا من الجدل في موريتانيا، خاصة بعد أن قررت أسر بعض رجال الأعمال المسجونين التظاهر منذ أكثر من شهر للمطالبة بإلغاء العقوبة والإفراج عنهم. وفي هذا السياق، قال محمد ولد عبد القادر، المتحدث باسم المحتجين ضد العقوبة، إن «جميع القوانين والأعراف الدولية ترفض سجن من يعلن إفلاسه».
وأشار ولد عبد القادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عقوبة الإكراه البدني «تعد إجراء ينتهك الكرامة الإنسانية، بل إنه يمثل نوعا من الاسترقاق في العصر الحديث»، وأضاف أن العقوبة تمثل إعطاء الحق لصاحب الدين لإهانة ضحيته، على حد وصفه.
في غضون ذلك، نظمت أسر رجال الأعمال احتجاجات أمام القصر الرئاسي بنواكشوط، كما دخلت في اعتصام مفتوح أمام وزارة العدل بدأ أول من أمس، مطالبين الوزير والسلطات القضائية بالوفاء بتعهدات سبق أن حصلوا عليها بمراجعة القانون الموريتاني وإلغاء العقوبة منه تماشيا مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها موريتانيا.
وقالت إحدى السيدات المشاركات في الاعتصام لـ«الشرق الأوسط»: «نحن باقون في هذا الاعتصام أمام وزارة العدل، ولن نبرح أماكننا حتى يجري إلغاء العقوبة وإيقاف الإهانة التي يتعرض لها أبناؤنا باسم القوانين».
من جهة أخرى، دخل رجال الأعمال المسجونين في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجا على سجنهم تلبية لرغبة أصحاب الدين وعدم النظر في وضعهم المادي وعجزهم عن تسديد الدين، وقد أكدت مصادر من عائلات رجال الأعمال لـ«الشرق الأوسط» أن 3 من المضربين عن الطعام نقلوا إلى المستشفى بعد تدهور وضعهم الصحي.
وقال وزير العدل الموريتاني سيدي ولد الزين، في لقاء مع أهالي رجال الأعمال، إن السلطات ستعمل على مراجعة القوانين، مشيرا إلى أن «السجناء الذين دخلوا في إضراب عن الطعام سيحظون بالعناية والرعاية الصحية بشكل كامل».
وعلى الرغم من الاحتجاجات التي ثارت حول عقوبة «الإكراه البدني»، فإن هنالك من المحامين من يعد أن هذه العقوبة تساهم في تنظيم التعاملات التجارية، على غرار إبراهيم ولد أبتي الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «هنالك فوضى في قوانين الملكية، فمن الصعب أن تثبت أو تحصي ممتلكات أحد رجال الأعمال لسهولة إخفاء الممتلكات والاحتيال على القوانين»، مشيرا إلى أن ذلك يقلل من أهمية إعلان الإفلاس.
وخلص ولد أبتي إلى القول إنه «في انتظار سن قوانين تنظم الممتلكات في موريتانيا، لا بد من وجود رادع يمنع الاستحواذ على أموال الأشخاص وإخفائها ومن ثم إعلان الإفلاس»، على حد تعبيره.