بقلم: إسلمو ولد سيد أحمد محماده
خبير في العلوم المعجمية والمصطلحات
في دول المغرب العربيّ-باستثناء ليبيا - يتحدث الناس فيما بينهم ، إلا من رحم ربّي ، بمزيج من الكلمات العربية والفرنسية ، ويستوي في ذلك المتعلم والأميّ ، وما بين هذا وذاك ، فنجد - مَثَلًا - مَن يقول : سافَرتُ ب " التُّومُوبِيلْ " ، بَدَلا مِن : سافرت بالسيارة . ومَن يقول لسائق السيارة : "فَيْرِي آدَرْوَاتْ " ، بدلا من : دُرْ يَمِينًا أو إلى اليمين . ومن يقول أدوات " اكْوِيزِينْ ، بدلا من أدوات المَطْبَخ . ونجد الطبيب يقول للمريض : ارْفَعْ " لِيزْيَهْ "، بدلا من : ارفع عَيْنَيْكَ . أَنصَحُكَ ب " لَسْبُورْ "خاصة " لَامَارْشْ" ، بدلا من: أنصحك بالرياضة ، خاصة الْمَشْي (السيْر على الأقدام) . والقائمة طويلة...! وسبق أن تحدثتُ عن هذه الظاهرة المُسْتَهْجَنَة ، في الحلقة ( 13) من سلسلة "الرقيب اللغويّ "، المنشورة في مدونتي الإلكترونية "اللغة العربية أُمّ اللغات"، وفي كتابي المعنون: "المرشد في تجنُّب الأخطاء اللغوية وتصويب الشائع منها". وأعود مرة أخرى إلى الموضوع ، فأقول إنّ هذا النوع من العبث بلغة التخاطب خطير على اللغة ( أيّ لغة)، وخطير على المتحدث باللغة ، لكننا - ربما بحُسْن نية - لا ندرك هذه الخطورة . من ذلك أنّ هذا السلوك ، يُشوِّه اللغة . ثُمّ إنّ من يتعود التعبير بهذه الطريقة المعوجَّة ، لن يستطيع التعبير بلغة سليمة - عند الحاجة - سواء أتعلق الأمر باللغة العربية أم باللغة الأجنبية . مع الإشارة إلى أنّ الحديث باللغة الأجنبية، لغير ضرورة (كأن يكون المتحاورون أو بعضهم لا يفهمون العربية)، أمرٌ مسْتَهْجَنٌ بل إنّ بعض علماء المسلمين يقولون بكراهيته.
أرجو من مُحِبِّي اللغة العربية و المدافعين عنها والمهتمين بسلامة المتداوَل منها ، أن يحاولوا التخلي عن هذه العادة السيئة التي لا نجدها عند الشعوب التي تحترم لغاتها ، وأن يُعَوِّدوا أنفسَهم استعمالَ الكلمات والمصطلحات العربية المتوفرة ، وأن يتحدثوا بلغة عربية سليمة، في محيطهم الأسريّ ، ومع الأصدقاء، والزملاء في العمل ، وفي حياتهم اليومية ، أينما حلوا وارتحلوا .
ومن الطبيعيّ بالنسبة إلى الإنسان العربيّ ، أن يكون الحديث - في المواطن المشار إليها وفي غيرها - بلغة عربية سليمة أو بدارجة عربية مهذّبة ( ما يُعرف بدارجة المثقفين ) ، وذلك أضعف الإيمان .