"الصحافة الحمراء" في موريتانيا.. المفهوم، والمميزات

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
ثلاثاء, 2014-10-14 11:39

يعرف خبراء الإعلام "الصحافة الصفراء" بأنها الصحافة التي تفتقر إلى المصداقية، والدقة، وتميل إلى التھويش والتھويل والمبالغة، وتعتمد على الإشاعات أو الأخبار الكاذبة أو الأخبار المحرفة أو الأخبار المصنوعة، بهدف الإثارة، دون النظر لعواقب ما تنشره.

 

ويختلف الخبراء حول سبب تسمية هذا النوع ب" الصحافة الصفراء" كما يختلفون حول الحكم عليها، بين من يراها ضرورية لكشف الفضائح، ونشر الكواليس، والمواضيع الجريئة، وبين من يراها خطرا على الدولة والمجتمع، لأنها تعتمد على الإشاعات المغرضة، والجرأة الزائدة، ولا تتحرى الدقة.

لكن الجميع متفقون على أن الصحافة الصفراء باتت نمطا مهما من الصحافة، له جمهوره العريض، وينشط خاصة في المجتمعات المتحررة، التي يكثر فيها النجوم، مثل أمريكا،والدول الغربية.

إن المتتبع لمسار الإعلام الموريتاني خلال السنوات الثلاثة الماضية تحديدا يدرك بوضوح أن الطفرة التي شهدها، بعد تحرير الفضاء السمعي البصري، وتوفر الإنترنت، وإشاعة استخدامها، خلف – رغم قصر التجربة – ظواهر بالغة الأهمية، لعل من أكثرها وضوحا وجود نمط جديد من الإعلام، ربما لا يدرس في كليات الإعلام في العالم، ولا وجود له في معاهد الصحافة، ولا في أعرق الفضائيات، والمؤسسات الإعلامية حول العالم، لأنه ببساطة صناعة موريتانية خالصة، ألا وهو مفهوم :" الصحافة الحمراء".. فما مفهوم الصحافة الحمراء في موريتانيا؟ وما أبرز مميزاتها ؟  وما الفرق بين الصحافة الحمراء في موريتانيا، والصحافة الصفراء التي يعرفها العالم، وتحدثنا عنها في بداية هذا المقال ؟

نعني ب"الصحافة الحمراء" في موريتانيا: ذلك النمط من الصحافة الذي ظهر مؤخرا، وضابطه الوحيد هو أنه لا ضوابط له، ولا يمتلك خطا تحريريا واضحا، ولا يمكن تصنيفه، هل هو إخباري، أم ثقافي، أم تربوي، أم ترفيهي، ... وأكثر ما ينتشر هذا النوع من الصحافة الحمراء عندنا في مواقع الإنترنت، التي تتيح للجميع كتابة، ونشر ما يريد، دون حتى أن يعرف القارئ من الكاتب، أحرى أن يعرف خطه، وتوجهه.!

أما أهم مميزات الصحافة الحمراء في موريتانيا فمنها: أنها تشتغل بما يفرق المجتمع، بدل ما يجمعه، وتركز على الجزئيات الهامشية، وتهمل المواضيع البارزة التي تهم المواطن، ولعل أهم ميزة تميز الصحافة الحمراء عندنا هي أن كل من يمارسون مرتبطون بجهات سياسية، وفكرية، داخل البلد، أو خارجه.

فمعظم سدنة الصحافة الحمراء عندنا إما مرتبطون بأحزاب سياسية، لها مرجعيات فكرية، مستوردة بالأساس من خارج البلد، أو مرتبطون بسفارات أجنبية، ومنظمات خارجية، لها أذرعها المعلنة، وغير المعلنة داخل البلاد، وهذا ليس سرا نكشفه لأول مرة، بل هو معروف، لأن هؤلاء يحرصون على التقاط الصور التذكارية مع شخصيات عنصرية، ويلمعون صورها، ويقدمونها للمجتمع بوصفها داعية للسلام، والحرية، والمساواة، في وجه الهيمنة، والدكتاتورية، والتفرد التي يتميز بها أغلب المجتمع – بنظر هؤلاء- والقاسم المشترك بين أساطنة الصحافة الحمراء عندنا أنهم في الغالب في صدام مع الدولة ( السلطة، والمجتمع أحيانا) فهم ضد أي نظام، لأنهم ببساطة ضد الاستقرار، والأمن، والطمأنينة.

ومن أبرز مميزات صحافتنا الحمراء أنها تنتقل دائما من " الخبر" إلى " الحكم" ومن المعلومة، إلى التلفيق،  فعناوين هذا النوع من الصحافة دائما تحمل حكما معينا... مثلا:" فشل الوزير كذا" "الرئيس غاضب من فلان" .. " ارتباك كبير، وفضيحة مزلزلة، وكارثة وطنية، وخطر يهدد البلد، .. عناوين تثير الخوف،والرعب، هذا فضلا عن تركيز هؤلاء على محاولة إظهار الجزء الفارغ من الكأس، فهم يشجعون الفشل، ويحتفون به، ويتجاهلون الإنجاز، ويحاربونه.. هكذا هي سياستهم.

أما أهم ما يميز " الصحافة الحمراء" في موريتانيا عن " الصحافة الصفراء" المعروفة فهو أن الصفراء تنطلق من البحث عن هدف معروف، ومحدد ألا وهو " الإثارة" ولا شيء أهم منها، ولا تهتم الصحافة الصفراء عادة بالإطاحة بأنظمة، أو التأسيس لمشاريع فكرية معينة، بعكس صحافتنا الحمراء التي لا تهتم بالإثارة إلا إذا كانت تخدم المشروع الفكري الذي تسعى لخدمته خفية، لذلك نجد صحافتنا الحمراء تتجاهل مواضيع غاية في الإثارة، ولا تتناولها، لأنها تمس رموزا سياسية تقدسها، أو سفارات، ومنظمات أجنبية تتلقى منها الدعم المادي، والمعنوي، من هنا يأتي الاختلاف بين الصحافة الصفراء، والصحافة الحمراء.

أما سبب تسميتي لهذا النمط عندنا ب "الصحافة الحمراء" فهو أن أصحابها أيديهم حمراء من أعراض الناس، وأقلامهم تقطر دما من جسم هذا الوطن، الذي يخدشونه يوميا، ويحاولون هدمه بمعاول الافتراء، والتآمر.

بقلم: سعدبوه ولد الشيخ محمد