واسيني الأعرج: «داعش» نتاج الثورات العربية والأفضل البقاء مع الديكتاتورية ومحاربتها

ثلاثاء, 2014-10-14 11:46

روائي جزائري يعيش بالكتابة، يعود إلى التاريخ فيكتب عن الأمير عبد القادر الجزائري، ومن ثم يجذبه الحاضر والأحداث التي يعاني منها الوطن العربي، ليكتب جديده «مملكة الفراشة». تخطى خوفه من البوح بكل شيء في السيرة التي كان ينوي كتابتها منذ سنوات، ليقدم «سيرة المنتهى» «عشتها كما اشتهتني»، حضر إلى العاصمة الأردنية عمان مشاركا في معرض عمان الدولي الخامس عشر للكتاب، هو الروائي واسيني الأعرج، حيث كان لنا هذا الحوار. 
- حدثنا عن مشاركتك في معرض عمان الدولي للكتاب؟
- تأتي مشاركتي لتوقيع كتاب «مملكة الفراشة» وبانتظار صدور السيرة الذاتية «سيرة المنتهى» «عشتها كما اشتهتني»، وبعدها لقاء مع القراء والمثقفين حول هواجس الكتابة في هذا العصر الذي نعيشه، ومن الممكن أن اقرأ جزءاً صغيرة من السيرة. 
- تتناول روايتك الجديدة «مملكة الفراشة» تداعيات الحرب الأهلية الجزائرية، وهي أحداث تاريخية معاصرة، فكيف ترى الذاكرة والنسيان؟ 
- «مملكة الفراشة» لا تتناول مباشرة الحرب الأهلية سواء في الجزائر أو غيرها، فالذي يظهر في الرواية ينطبق على جميع البلدان العربية التي عايشت هذا الوضع مثل لبنان، وسوريا، واليمن، والوطن العربي كله في حالة غليان الآن.
ألقي الضوء على مخلفات الحرب الأهلية التي تنتج الحرب الصامتة، والأحقاد وسلسلة الانتقامات، والرواية تطرح الأسئلة: هل نستطيع أن نتسامح عندما نريد؟ هل التسامح قرار تتخذه السلطة أم هو قرار بيد من كانوا ضحية هذه الحرب؟ هل يملك المتضرر القدرة على التسامح؟ أسئلة تمسنا جميعا، فالإنسان يبقى رهين حياته وتجاربه، هي رواية تمنح فرصة للتأمل وللألم فدورة الحياة تستمر رغم قسوتها وضحاياها. 
- في إحدى مقابلاتك، ذكرت بأنك توقفت عن كتابة السيرة الذاتية خوفا من عدم امتلاك الجرأة للبوح بكل شيء. فهل قلت كل شيء في «سيرة المنتهى»؟
- في السيرة الذاتية كتبت عن الأشخاص الذين لعبوا دوراً أساسياً في تكويني الأدبي وهم الجد الأندلسي وجدتي التي ربطتني باللغة العربية، ووالدتي التي منحتني اسم واسيني وهو اسم غير دارج نهائيا، على الرغم من انه اسم لأحد الصوفيين المعروفين في المنطقة، كما أنها كانت المعيل الأول للعائلة منذ حرب الـ 1959 التي استشهد فيها والدي وحتى عام 1969 التي اقروا فيها نظام زوجات الشهداء. ومينا أول علاقة حب في حياتي، كما تطرقت إلى اللقاء الأدبي مع سيرفانتس، الرجل الذي علمني كيف اكتب على الرغم من انه من القرن السادس عشر وأنا من القرن العشرين، إلا أن اغلب كتاباته تضم اللمسة العربية. 
- كونك تمتلك الثقافة الفرانكفونية، كيف وجدت تناول الكتاب والصحافيين فيالغرب للأحداث الجارية في الوطن العربي؟ 
- اغلب التيارات الفرنسية تعتبرها ثورات ربيع عربي، وحتى في بعض النصوص العربية تعدها ربيع عربي حقيقي، لكن هنالك وجهات نظر أخرى، فهي من الممكن أن تكون ثورات عربية لتغيير الأنظمة والفساد ولضخ العدالة ألاجتماعية لكن في الوقت نفسه، هنالك قوة ضاغطة قد تكون محلية أو دولية بدأت تسير بالثورات نحو مسار آخر غير المسار الذي كانت تريده، وإلا كيف يمكن للثورات أن تأتي بداعش؟ إذن من الأفضل أن نبقى مع الديكتاتورية نحاربها ونقاومها، أن اُقتل وأنا اعلم ماذا أفعل أفضل من العودة إلى ما قبل القرون الوسطى. 
الغرب الاستعماري جشع وقوي، ولن يجد أفضل من داعش لينفّذ كل مشاريعه، التي ساهمت اليوم بزيادة الحقد ضد العربي، وتشويه صورة الإسلام تدمير الدولة، والاستيلاء على خيرات الدول العربية، فعلى الرغم من أن أمريكا تحارب داعش، إلا أنها لو أرادت أن تحسم الموضوع معها، لقامت به منذ البداية، هناك تطويل متعمد لأمد الحرب، لغاية ما يتم تدمير المجتمع داخليا وتدمير النظام، وهنا اقصد الدولة وليس السلطة، فالدولة من تحفظ كيان البلد وتمنعه من التمزق وتعمق الشقاق بين أبناء البلد الواحد، كما يحدث اليوم فيالعراق، فالأكراد احتلوا جزئهم الخاص واشتعلت النيران بين السنة والشيعة، وقامت داعش بتهجير المسيحيين من بلادهم التي يقطنون فيها من قرون، وبذلك غيرت نظرة المسيحي تجاه المسلم، وأمريكا تنتظر احتدام النزاعات وفرض الحكم الفيدرالي وتقسيمها إلى دويلات، وبالتالي لن يكون هنالك دول عربية لديها القدرة على المقاومة وحماية نفسها. 
- إحدى الكاتبات الجزائريات التي التقيت، ألقت باللوم على قطاع الثقافة التابع للحكومة والذي يتضمن العديد من الصراعات على المناصب والسلطة؟ فما سبب الموت الثقافي في الجزائر والإهمال الإعلامي، برأيك؟ 
- المثقف الوظيفي موجود في كل الدول وثقافته مجيرة للجهاز، لان أي نظام يحتاج إلى قافلة من المثقفين يتكئ عليهم ويمرر خطابه عن طريقهم حتى يصبح مقبولا. بالنسبة للكاتب المستقل والجيد، يحافظ على نفسه بعيداً ليبقى مواطن يهمه بلده داخل المنظومة السياسية والثقافية التي يتبعها، أما الإعلام الجزائري فهو ضعيف جداً، على الرغم مما يقال: إنه إعلام حر وديمقراطي، فمن الناحية الثقافية لا يملك رؤية لقيمة الثقافة والفن، إذ لدينا صحف توزع ملايين النسخ في اليوم الواحد، لكن الصفحة الثقافية تكاد تكون غير موجودة، وغالبا ما تحذف بوجود الإعلانات المهمة. وللأسف بدأت التعاون مع بعض منها بمقالات أسبوعية وانسحبت، لعدم احترامهم اليوم المخصص لنشر مقالة كل كاتب. 
- ما هو مشروعك المقبل؟ 
- تدقيق السيرة الذاتية ونشرها. وهنالك مشروع أكبر حول الوضعية العربية الحالية، وضعية إنسان عربي في لحظة تأزم قصوى في المجتمعات اليوم، تنطلق من فكرة أن العرب آيلّون للزوال كقوة رادعة وحضور مادي ينسحبون من التاريخ في حال بقوا على ما هم عليه اليوم، حتى أنني وجدت عنوانا يعتبر ضبابيا مظلما «2084» والفرعي «قصة أخر عربي على وجه الأرض»، وهي رواية سياسية تحتاج إلى شغل ذهني كبير.

القدس العربي