يتابع الموريتانيون، حكاماً وساسة، تطورات الانقلاب الذي تتواصل حلقات مسلسله في النيجر؛ فقد نددت حكومة الرئيس الغزواني بالانقلاب، وأومأت بأنه إذا طلبتها مجموعة غرب إفريقيا “الأكواس” بأن تساهم في عمل عسكري ينقذ نظام الرئيس بازوم، فإنها ستدرس ذلك.
ولم يجر حتى الآن أي تواصل بين انقلابيي النيجر والرئيس الغزواني، مع أن المنطقي هو تواصلهم معه بصفته الرئيس الدوري لمجموعة دول الساحل الخمس، وهي تحالف سياسي وعسكري تأسس من أجل مواجهة الإرهاب.
واحتضنت قيادة الأركان الموريتانية، يوم الإثنين، مراسم تبادل المهام بين اللواء عمر بكيمو القائد السابق للقوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس، الذي استقبله الرئيس الغزواني والعميد كابوري كلود إلين، وهو من بوركينافاسو، القائد الجديد للقوة الإقليمية المشتركة.
ويجمع الساسة والمراقبون في موريتانيا على أن فقدان محمد بازوم، رئيس النيجر المخلوع، للسلطة خسارة كبيرة لموريتانيا، فالبعض يعتقد أن نسب الرئيس بازوم يعود لأصول موريتانية، وهو مع ذلك صديق شخصي للرئيس الغزواني، وسند له داخل مجموعة دول الساحل الخمس.
ويرى موقع “الفكر” الإخباري المستقل، في تحليل عن انعكاسات انقلاب النيجر على موريتانيا أنه “لا يعرف على سبيل الدقة الدافع الفعلي للانقلاب سوى الشغف بالملك وحب السيطرة، تحت ذرائع الوضع الأمني المتأزم في النيجر”.
وأضاف الموقع: “برحيل الرئيس الفيلسوف بازوم عن الحكم لا تفقد فرنسا فحسب رجلها القوي في النيجر، بل تفقد موريتانيا أيضاً صديقاً كانت تراهن عليه في توطيد علاقاتها في منطقة الساحل، ورجلاً بدوياً يرتبط بعلاقات قوية مع دبلوماسيين وسياسيين ورجال أعمال موريتانيين”.
وكان حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض صريحاً في تأسفه على الانقلاب في النيجر، حيث أكد، في بيان له، “أن الرئيس بازوم صاحب مشروع سياسي، يعي جيداً المخاطر والمشاكل والتحديات التي تواجهها بلاده؛ وقد عمل بجد وإخلاص، من أجل التغلب على تلك المشاكل والتحديات، فضلاً عن كونه من الساسة والقادة المميزين بقارتنا، وأفضلهم تعليماً وكفاءة، ويحتاج وطنه لكل شيء غير الانقلابات”.
وزاد: “إننا في حزب تكتل القوى الديمقراطية نسجل حيال هذا الأمر الخطير، شجبنا وإدانتنا لاحتجاز وعزل الرئيس المنتخب محمد بازوم من طرف الحرس الرئاسي، ونؤكد دعمنا للمواقف الدولية والإقليمية الرافضة لانتهاك الدستور، والانقلاب على الرئيس المنتخب، ولن ندخر جهداً من أجل إفشال التمرد الذي حصل، وسنعمل مع الشركاء الدوليين والمنظمات الدولية لبلوغ ذلك الهدف”.
وفي تدوينات له في هذا السياق، يقول الدكتور محمد أمين، وزير الإعلام الموريتاني السابق: “على الولايات المتحدة، وعلى دول العالم الحر، إذا كانت جدية في دعم المسارات الديمقراطية، وقررت حقاً رفع التحدي في مواجهة الدب الروسي والتنين الصيني أن تعلم أن موريتانيا هي آخر قلاع “الليبرالية” في الساحل الإفريقي”.
وعن التدخل في النيجر، يقول ولد أمين: “التدخل في النيجر الذي تلوح به دول “الاكواس”، لا يعني موريتانيا بشكل مباشر، لكن من المتاح لها أن تشارك فيه لمساعدة الرئيس المختطف، وبعبارة أخرى؛ عليها أن تحسب مصالحها بدقة وكياسة وحصافة”.
وأضاف: “دول الاكواس وديمقراطياتها المزعومة ليست مصدراً للاهتمام المباشر لدولة بعيدة ومختلفة كموريتانيا، لكن من حقها أن تنزعج من الانقلابات، ومن أي تحرك خارج الشرعية بالمعنى البراغماتي للكلمة، أي التشبث بالشرعية التي لا تغيب عنها الإجابة على السؤال الأهم :ماذا سنحرز.. ماذا سنكسب؟”.
وتابع ولد أمين يقول: “إذا كانت فرنسا والولايات المتحدة ستدبران تدخلاً جميلاً وأنيقاً لإزاحة الطغمة في نيامي، فذلك يعني أن حاجتهما لدول “اكواس” ولموريتانيا مجرد حاجة تشريع لتغطية تدخل قوى عظمى، وإصباغه بالصبغة المحلية، بشكل تمر فيه الأمور على شكل تدخل أفريقي التمس عوناً غربياً وحصل عليه في هذه الحالة، وفي هذه الحالة وحدها لا ضير إذا تدخلت موريتانيا بشكل رمزي.. ولن يكون من المخاطرة الكبيرة إرسال فرقة مظليين لإسناد تدخل من الحلفاء لصالح الرئيس وابن العم بازوم..”.
ويرى إسلكو محمد إزيد بيه، وزير الخارجية الموريتاني السابق، في مقال تحليلي عن انعكاسات انقلاب النيجر، “أن الانقلاب الذي وقع في النيجر ليس أمراً جديداً فهو أمر تعودته منطقة الساحل”، وقال: “يجب أن نطرق جميع الأبواب لإيجاد مخرج للأزمة في النيجر عبر حل يقبله محمد بازوم الرئيس الشرعي، ويجنّب النيجر ومنطقة الساحل وإفريقيا والعالم، من الانزلاق في وضع لا منتصر فيه في النهاية”.
عبد الله مولود/ نواكشوط- «القدس العربي»