بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
الاتفاق محل التوقيع قد يحمل أفكارا جيدة من أجل الوطن و من أجل التقارب بين أحزاب المعارضة الموقعة و حزب الإنصاف و النظام عموما،و لكن ثمة قطعا تطورات و إجراءات استثنائية سرية يرجح أن تعقب هذا التوقيع،ترى ما هي؟!.
هذا هو السؤال الكبير المشروع،الذى لا يملك الإجابة عليه سوى الرئيس ربما و بعض مقربيه و ولد داداه و ولد مولود!.
جهات مقربة روجت لإمكانية زيادة فترة المأمورية الرئاسية،و قد لا يمر ذلك طبعا،إلا عبر استفتاء شعبي على تغيير دستوري،كما أشاع آخرون احتمال حل البرلمان،لكن بعض الجهات الحزبية المقربة من الحزب الحاكم بصورة غير رسمية نفت مثل هذه الإشاعات.
و مازال هذا الاتفاق تطبع الإجراءات المحتملة المصاحبة له السرية التامة،و رغم ذلك لابد أن ثمة شيئا ما وراء الأكمة!.
و مهما قللنا من التكهن أو بالغنا فيه فالسرية هي المهيمنة المانعة للاطلاع على الكنه الحقيقي للاتفاق،و طبعا من البديهي فى مثل هذا الاتفاق أن ثمة ماورائيات مهمة،لعل عامل الوقت وحده كفيل بكشف هويتها،بإذن الله.
و لم يعد خافيا أننا أمام حدث سياسي كبير سيعقب هذا التوقيع الحزبي الثلاثي(الإنصاف-التكتل-اتحاد قوى التقدم).
و يتحدث البعض عن الرمزية التاريخية لحزبي المعارضة المذكورين ،بينما يتحدث آخرون عن تراجع مكانتهم الانتخابية و أن الأمر مجرد ترتيب لتمرير مشروع سياسي و ربما دستوري قد يحتاج لرجال ثقة يحفظون السر و يساعدون فى قبول المقترحات المحتملة،على رأي البعض.
و رغم تأخر وقت التوقيع البارحة فقد وقع على ذلك الميثاق الجمهوري ،و الذى دعا لدراسة معقمة للمنظومة الانتخابية و على وجه الاستعجال و إن اقتضى الحال الشروع فى إصلاحات ،و طبعا لا يخلو هذا من تطورات محتملة قد تجر لانتخابات سابقة لأوانها أو تغييرات فى بعض المضامين الدستورية المتعلقة بهذا الجانب الانتخابي ،الذى جر الجدل حول انتخاباته الأخيرة لهذه المباحثات المعمقة،التى أفرزت هذا الاتفاق.
و بتوقيع هذا الاتفاق من قبل الدولة ممثلة فى وزير داخليتها و رئيس الحزب الحاكم و ولد داداه و ولد مولود،لم يعد من المستبعد حصول تطورات هامة فى المشهد السياسي،قد تأتى بجديد طبعا.
و ملخص القول إن نفي إمكانية حصول انتخابات نيابية سابقة لأوانها أو تغيير موعد الاقتراع الرئاسي المرتقب غير مقنع،و كل شيئ محتمل مع الاتفاق على فتح النقاش المعمق،و قد تثير محصلة هذه التفاهمات المحتملة مزيدا من التهدئة السياسية أو الجدل ،الذى قد يجر لتجاذبات أخرى.
و باختصار تبقى السياسة أخذ و عطاء و لندرك جميعا أهمية التمسك بعروة الاستقرار و لنحرص على دولتنا و ديمقراطيتنا،مهما يكن مستوى عدم الرضا عن المكاسب السياسية الخاصة بأي طرف.
و يتحجج البعض بعدم وجاهة إعادة الانتخابات الأخيرة و عدم تمثيل الحزبين المذكورين(التكتل و اتحاد قوى التقدم) للمعارضة،بحكم ضعف نصيبهم الانتخابي فى الجولة الأخيرة،كما يتخوف البعض الآخر من المساس بالدستور و خصوصا المأمورية الرئاسية،و إن ادعى البعض أن هذا الاتفاق قد يعزز التهدئة السياسية فما زال الوقت سابقا لأوانه لمعرفة مفرزات هذه الاتفاقية الموقعة للتو،و من واجنا الوطني دعوة جميع النافذين فى هذا الوطن للابتعاد عن التلاعب بالدستور و غيره من أوجه دواعى الاستقرار و الهدوء السياسي.
فالوضع الراهن مهما كانت نواقصه ،طابعه الاستقرار السياسي و الاجتماعي و لو نسبيا،و هذه المكاسب السياسية و الاجتماعية علينا جميعا تعميقها و عدم تعريضها لأي اختبار صعب قد يهزها أو يضرها،لا قدر الله.
و هذا الاتفاق بصيغته الراهنة مفتوح على مصراعيه،و مهما تكن أوجه احتمالاته الإيجابية فقد يجر جدلا سياسيا كبيرا،إن لم نضاعف الحذر و التجرد و التعفف عن الحرص على المكاسب الضيقة.
و نظرا لثقتي فى هؤلاء الموقعين الأربعة و ثقتي طبعا فى وطنية و ترفع صاحب الفخامة ،محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزوانى،فإننى مطمئن على مآلات هذا النقاش الحساس المرتقب،إلا أن واجب النصيحة يلزم التنبيه لمضاعفة الحذر و الحزم،قال الله تعالى:" يا أيها الذين ءامنوا خذوا حذركم".