بروكسل: عاد الصراع بين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “ويفا” والشركة المروجة للدوري السوبر إلى نقطة الصفر بعدما قضت محكمة العدل الأوروبية الخميس بأن الإجراءات التي اتخذها الاتحادان الدولي “فيفا” ونظيره “ويفا” لعرقلة إنشاء الدوري السوبر الانشقاقي عن دوري أبطال أوروبا، تنتهك قانون الاتحاد الأوروبي للعبة.
في المقابل، اعتبر “ويفا” الذي أصيب بانتكاسة جراء استئناف المعركة حيال مستقبل كرة القدم الأوروبية، أنّ قرار المحكمة لا يعني تأييد اطلاق المسابقة الجديدة.
وأشارت محكمة العدل الأوروبية إلى أن “قواعد +فيفا+ و+ويفا+ التي تجعل أي مشروع جديد لكرة القدم بين الأندية يخضع لموافقتهما المسبّقة، مثل الدوري السوبر، وتمنع الأندية واللاعبين من اللعب في تلك المسابقات، غير قانوني”.
وشدد ملخص الحكم على أنه لا يعني بالضرورة أنه يجب الترخيص لمشروع الدوري السوبر في الوقت الحالي، بل يعني فقط أن فيفا وويفا “يسيئان استخدام مركزيهما” للهيمنة في سوق كرة القدم.
“ويفا” يسارع لاحتواء الموقف
وسارع الاتحاد الأوروبي لاحتواء الموقف من خلال إصدار بيان أبدى فيه “ثقته” بإلتزامه الكامل بالقوانين الأوروبية بشأن قواعده الجديدة المتعلقة بالمسابقات المُنافسة على غرار الدوري السوبر.
وأضاف الاتحاد القاري “هذا الحكم لا يعني الموافقة أو التحقق من صحة ما يسمى “الدوري السوبر”. بل إنه يسلّط الضوء على النقص الموجود مسبقًا في إطار التفويض المسبق من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهو الجانب الفني الذي تم الاعتراف به بالفعل ومعالجته في حزيران/يونيو 2022 مع إقرار قوانين جديدة”.
وتابع “الاتحاد الأوروبي لكرة القدم واثق من قوة قوانينه الجديدة، وعلى وجه التحديد أنها تمتثل لجميع القوانين واللوائح الأوروبية ذات الصلة”.
“مشروع جديد من 64 ناديًا”
وأعلن 12 نادياً من العيار الثقيل في نيسان/أبريل 2021 اطلاق الدوري السوبر المغلق مع إمكاناته التجارية الهائلة، وذلك تزامناً مع توجه الاتحاد الأوروبي الى إطلاق إصلاحات واسعة على مسابقته الكبرى دوري الأبطال.
وبعد ذلك، هدد “ويفا” ونظيره الدولي “فيفا” بفرض عقوبات وسط معارضة صاخبة من الجماهير لهذا المشروع، لاسيما في إنكلترا، ما دفع أندية أرسنال وتشيلسي وليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وتوتنهام إلى الانسحاب منه بعد 48 ساعة فقط على إطلاق المشروع.
وبعد عامين على إطلاقه، بقي في الميدان العملاقان الإسبانيان ريال مدريد وبرشلونة بعد انسحاب مساندهما الوحيد يوفنتوس الإيطالي في تموز/يوليو، وذلك تحت التهديد بعقوبات طالت رئيسه السابق أندريا أنييلي الذي أوقف من قبل الاتحاد المحلي عن جميع المناصب المرتبطة باللعبة، لدوره المزعوم في قضية “مناورات الأجور”.
وقدّمت شركة “أي 22” المروّجة لدوري السوبر الاوروبي اقتراحا لاطلاق “مسابقة أوروبية مفتوحة جديدة”، تضم “64 ناديا بعد أن منح حكم محكمة العدل الأوروبية جرعة دعم جديدة.
ولم تقدم الشركة التي تم إنشاؤها للترويج لدوري السوبر الإنشقاقي عن دوري أبطال أوروبا بعد إطلاقه الفاشل في نيسان/أبريل 2021، أي تفاصيل حول الموعد الذي قد تبدأ فيه المنافسة المخطط لها أو مقدار الدعم الذي تتمتع به. لكنها قالت إن المسابقة الجديد ستعتمد نظام الصعود والهبوط وسيتم بثها على الهواء مباشرة “على منصة بث جديدة”.
وتهدف الخطط الجديدة التي تم الإعلان عنها الخميس إلى تقسيم 64 فريقًا إلى ثلاث بطولات دوري منفصلة، مع 16 ناديًا في القسم الأول باسم دوري النجوم، مقسمة إلى مجموعتين من ثمانية أندية.
أما المستوى الثاني، المعروف باسم الدوري الذهبي، فسيضم أيضًا 16 ناديًا مقسمة إلى مجموعتين من ثمانية، بينما المستوى الثالث، الدوري الأزرق، سيضم 32 ناديًا في أربع مجموعات من ثمانية.
وتضمن الاقتراح أن يلعب كل فريق 14 مباراة قبل مراحل خروج المغلوب.
وأعلنت “أي 22” أيضا أنها ستقدم “ما لا يقل عن 439 مليون دولار” كمدفوعات تضامن للأندية الأوروبية الأخرى، “أكثر من ضعف المبلغ الحالي” الذي وزعه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
وقالت إنه سيتم اختيار الأندية للعام الأول على أساس “مجموعة من المعايير الشفافة والأداء”.
ومن المقرر أن تقام المباريات في منتصف الأسبوع، حين تقام منافسات دوري أبطال أوروبا الحالية ومسابقات الاتحاد الأوروبي الأخرى.
وتخطط “أي 22” أيضًا لإقامة مسابقة للسيدات تضم 32 فريقًا، والتي قالت إن منصة البث الخاصة بها ستدر دخلاً من “الإعلانات والاشتراكات المتميزة وشراكات التوزيع والخدمات التفاعلية والجهات الراعية”.
تفاوت حول تأييد المشروع
وأكد عملاقا الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة عزمهما مواصلة الدفاع عن مشروع الدوري السوبر بعد قرار المحكمة.
وقال رئيس النادي الملكي، فلورنتينو بيريس، في كلمة ألقاها “سنواصل الدفاع عن مشروع حديث، متوافق تماماً مع المسابقات الوطنية”.
وأضاف أن “كرة القدم على مستوى الأندية الأوروبية لن تظل حكراً بعد الآن”، مؤكداً أن العدالة الأوروبية “أقرّت بالكامل” بـ “الحق في اقتراح وتعزيز المسابقات الأوروبية التي تعمل على تحديث” كرة القدم.
كان ناديا ريال مدريد وبرشلونة، هما الناديان الأخيران اللذان بقيا مؤيدين للدوري السوبر لكنّ الدوري الإسباني عارض بشدة هذا المفهوم.
وبخلاف ما صرّح به بيريس، عارضت رابطة الدوري الاسباني فكرة انشاء المسابقة الجديدة ونشرت عبر حسابها على موقع “إكس” (تويتر سابقا) “اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نكرر أن الدوري السوبر هو نموذج أناني ونخبوي”.
وتابعت “أي شيء غير مفتوح بالكامل، مع إمكانية الوصول المباشر فقط من خلال الدوريات المحلية، موسمًا تلو الآخر، هو نظام مغلق”.
وحذا أتلتيكو مدريد حذو الرابطة معتبرا أن “عائلة كرة القدم الأوروبية لا تريد الدوري السوبر”، فيما اعتبر مانشستر يونايتد الانكليزي انه “ملتزم بشكل مطلق” بمسابقات “ويفا” برغم الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوروبية.
وكان بايرن ميونيخ الألماني أكثر تشدداً تجاه ما يحصل إذ قال في بيان شديد اللهجة أن الدوري السوبر “هو هجوم على البطولات المحلية”.
من جهتها، رأت رابطة مشجعي كرة القدم في أوروبا أنه “لا مجال” لإعادة إطلاق مشروع الدوري السوبر، ووعدت بـ”مواصلة القتال” لمنع ذلك.
(أ ف ب)