بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
محاولة البعض لتنظير المستقبل السياسي للوطن فى سياق مؤسسي ضيق،محاولة لتجاوز واقع البلد سياسيا،حيث يفهم من تصريحات البعض بأن قيادة الوطن ستظل محتجزة فى إطار مؤسسي محدود،و يظن أن التحضير لمستقبل ما بعد غزوانى مجرد قرار بيد زيد أو عمرو،و الحقيقة أن السياسة الوطنية مفتوحة لكل من يملك طرحا مقنعا،قابلا لتحوله لمشاريع متنوعة تخدم الوطن.
و ما سوى هذا يعتبر مصادرة،ففى عهد التأسيس حكم ولد داداه و حزب الشعب،ثم تجاوزته المرحلة الانقلابية،التى ما زال بعض القيادات العسكرية المتولدين عنها يحكم موريتانيا،حتى اللحظة،و كل المؤشرات تدل على امكانية حدوث تحول سياسي عميق فى طبيعة و انتماء من سيحكم موريتانيا يوما ما.
و باختصار موريتانيا ليست ملكا لفريق مخصوص ليحكمها للأبد،و ليست تلك طبيعة الدول،و لنرسخ فى أذهاننا بأن الممارسة السياسة مفتوحة و متنوعة،و الإيحاء بضد ذلك يدفع البعض للانفعال المشروع،على رأي البعض.
إن محاولة الإيحاء بسهولة حسم المستقبل الانتخابي القصير المدى أو المتوسط مجرد سذاجة سياسة،و إشاعة سيطرة و رجحان احتمال معين،مجرد تحليل قد يصيب و قد يكون بعيدا من الواقع الحقيقي يوما ما،و ينبغى ترك تلك التحولات المحتملة فى اتجاه موضوعي،حتى يظل احترام الشأن الوطني هو الطابع العام للأسلوب السياسي الوطني.
لقد تعمد البعض محاولة تصوير المشهد الانتخابي الرئاسي بأنه محصور مخصوص للمتقاعدين من المؤسسة العسكرية هذا مجرد تمنى،و الحقيقة الواقعية أن الترشحات و الاحتمالات مفتوحة أمام الجميع،فليس مفروضا علينا أن نحكم من قبل زيد أو عمرو،إنما هو دستور و انتخابات حرة،بإذن الله،و قد تزيد الاحتملات لصالح مرشح معين،مدني أصلا أو عسكري سابق،لكن القوانين ستبقى كما هي،و لا ينبغى اختصار مصائر الشعوب فى بعض التمنيات و التخرصات،دون احترام لمصلحة الأمة و اختياراتها.
و أما أن تحسم الأمور ببساطة تغلب عليها السطحية و الغرور فهذا مضر بمصائر الشعوب.
و يقول أحدهم بكل برودة أعصاب،رئيسنا فى السنوات القادمة من الحرس أو الجيش أو خفر السواحل أو فلان من ممن لا يقدر على كتابة اسمه ،أحرى قيادة أمة برمتها و بكافة تحدياتها و مصالحها و أولويات شأنها العمومي المتنوع.
و للأسف يبدو أن البعض يتجه للتلاعب بموضوع القيادة و الزعامة،و يظن أنها مجرد أوهام فى قوقعة رئيسه،و هذا ما توهمه البعض من قبل و خاض المحاولات الانقلابية أو تحدث عن "النهج"،و لكن القيادة و الرئاسة لها شروطها،و اليوم نعيش تحت ظل رئاسة محمد ولد الشيخ الغزوانى،بحكم معطيات انتخابية،و قد يتجه كثيرون لترشيحه لمأمورية ثانية ،و قد يكون له منافسون.
و أما الحديث بطريقة تبسيطية مختزلة عن انتخابات 2024 و حتى عن رئاسيات 2029 فتلك مبالغة فى التنظير و التنجيم و ضرب الودع،و ربما تكون على الأرجح سابقة لأوانها و تبطن استهزاءً غير لائق بموضوع كبير مثل رئاسة موريتانيا.
اللعبة السياسية عموما ليست سهلة و لها طابعها العمومي ،و ليست شهوة مؤسسة و لا قبيلة و لا جهة،و إنما هي أمر أمة و دولة و ينبغى تناولها باحترام ،يفهم منه الاستعداد للتعايش الإيجابي و الانفتاح على كل الاحتمالات الانتخابية السلمية.
حفظ الله موريتانيا من كيد أعدائها و سفاهات السذج و المتهورين.