رغم اقتراب الحملة الرئاسية مازالت الرسائل السياسية تتجه لمرحلة سياسية قادمة،على غرار 2029،فتيار من أجل الوطن بقيادة جميل منصور ربما يضع نصب عينيه على الاقتراع الرئاسي 2029،و بات من المرجح أنه سيدعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى فى ترشحه المرتقب لرئاسيات 2024،و قد جاء تيار "من أجل الوطن" ترجمة لتأثر جميل بحركة النهضة التونسية و ضرورة صيرورة العمل الإسلامي السياسي بطابع سياسي جامع لجميع أطياف الساحة الوطنية،دون تمييز، و لم يغلب على هذا التيار توجه أديلوجي بحد ذاته،رغم أنه تشم فيه رائحة اليسار،فجميل بميول يسارية إسلامية،إن صح الإطلاق،و محمد فال ولد بلال أحد رموز حركة الكادحين فى البلد ،و غيرهما.
و لكن تجربة جميل مع تواصل الذى لم ينسجم مع القيادات ما بعد التناوب ،ترجم ،على رأي البعض،مدى ضيق أفقه بالرأي الآخر،حتى استقال و خرج ببعض فريقة،و ربما ليس من مصلحة التواصليين هدم تجربتهم الحزبية،بعدما بذلوا من جهود متنوعة،اما من لم يصبر لزملاءه فى الخلفية و النضال ،فلن يكون أصبر لغيرهم،مهما تصنع من حرص على التعاطى و توسيع مسارات المشترك،و قد لا يعنى ذلك عدم اقتداره على لعب دور حزبي جديد مقدر و خصوصا إن وافقت السلطات على منحه الترخيص رسميا لحزبه المرتقب،رغم صعوبة ذلك،مهما قدم من دعم للمرشح غزوانى فى حملة 2024،و رغم أن تياره قد يدخل الحكومة ،ما بعد اقتراع 2024،أو غير ذلك من صيغ التلاقى و التحالف غير المستبعد مع نظام ولد غزوانى.
و من وجه آخر ،أجاز البرلمان فى دورته المختتمة للتو مشروع قرار يحيل تقدمات قيادات الجيش لمجلس الوزراء بدل الرئيس و اقتراح الجهات العسكرية لذلك،و صرح وزير الدفاع بما يفهم منه ضرورة التحكم فى عدد الجنرالات،ربما حتى لا يكون هناك فائضا،قد لا يتناسب مع حجم الجيش الموريتاني،و ربما تكون هذه الخطوة حاملة للمزيد من تعزيز الطابع الجمهوري للجيش ،بتحكم مجلس الوزراء و عدم المبالغة فى عدد الجنرالات ،من دون داع و حاجة و مبرر مقنع.
و رغم أهمية هذه الخطوة إلا أنها قد تكون معوقة لطموحات حلم بعض القيادات للتوشح برتبة جنرال،و إن من دون حاجة ملحة،و هو أمر تنظيمي قد تكون له فوائد ضمنية لصالح الطابع الجمهوري لجيشنا و تعميق روح الارتباط بالطابع المدني للعمل الحكومي،و هو ما سيصب فى تعزيز الديمقراطية.
و يبدو أن رئيس الجمهورية حريص على تمهين الجيش الموريتاني و تعميق طابعه الجمهوري الديمقراطي،و لعل بعض الدول المجاورة تبتعد دائما بأكبر سرعة ممكنة عن شبح الفوضى و الانقلابات بسبب طبيعة جيشها المهني و الحرص على القوانين المعمول بها،على سبيل المثال لا الحصر،تونس و السنغال،فرغم ما عاشته كلا الدولتين من أزمات و ما زالت تعيشه مازال تنأى بنفسيهما عن شبح الانقلابات و التفكك،و لعله من أجل حفظ استقرار الدولة و المجتمع من الضروري دوما العمل على تعميق الطابع الجمهوري و المهني فى كل قطاع و بوجه خاص القطاعات الحساسة.
و من الجدير بكل القوى الوطنية فى أفق استخراج الغاز و موسم الرئاسيات،المنتظر 22/6/2024،و أجواء الشد فى السنغال و ظروف الحدود و محاولات البعض داخليا للتصعيد و الإثارة غير المحسوبة العمل على التمسك بعروة الاستقرار و العمل السياسي السلمي المسؤول فحسب.