في الثامن عشر من مارس 2016 وقع الاتحاد الاوروبي و تركيا معاهدة إعادة الاستقبال و الاتفاق الذي كان وبالا على تركيا، حيث تكدس ما يقارب ستة ملايين من طالبي اللجوء في تراب تركيا مع ميزانية بلغت 40 مليار اورو و هو ما وضع تركيا في مأزق مالي و أمني جراء اللاجئين الممنوعين من دخول أوروبا و الفارين من الحرب في سوريا و أفغانستان و العراق حسب منظمة العفو الدولية.
السيناريو هنا يتكرر، و لكن هذه المرة الوجهة إفريقيا عبر الدولة الاطلسية موريتانيا.. ففي السابع من مارس 2024 وقعت كل من موريتانيا و الاتحاد الاوروبي الاعلان المشترك حول قضايا و تحديات الهجرة و الترحيل القسري مقابل دعم من طرف الاتحاد الاوروبي بلغ 200 مليون أورو سنويا .
و يأتي توقيع الاعلان المشترك في وقت تعاني فيه الحكومة في نواكشوط من تدفق اللاجئين إليها من منطقة الساحل، حيث صرحت هذه الاخيرة في المنتدى العالمي للاجئين الذي انعقد في جنيف دجنبر سنة 2023 ، أن موريتانيا تستضيف حاليا أكثر من 150 ألف لاجئ و توقع برنامج الاغذية العالمي وصول زهاء 100 ألف لاجئ جديد من دول الساحل بسبب الاوضاع التي تعرفها المنطقة من إنقلابات و عدم إستقرار سياسي.
و مع الاتفاق الجديد مع الاتحاد الاوروبي ، و بناءا على المادة 8 من الإعلان الذي عرف موريتانيا كبلد عبور و المادة 25 التي نصت على أن ** استضافة اللاجئين والعمل على حمايتهم الدولية بما في ذلك طالبي اللجوء ، وتسهيل عملية رجوع من ليس لهم الحق في البقاء ، مع احترام حقوق الانسان والنظم الدولية المتعلقة بالأشخاص ذوي الحاجة لحماية دولية طبقا لما يجري به العمل في موريتانيا والاتحاد الأوروبي** و بذلك أصبحت موريتانيا دولة مستضيفة.
و مع عدم تحمس دول الاتحاد الاوروبي لإستقبال اللاجئين و المهاجريين الافارقة و تراجع الشركاء السابقين تركيا و اليونان عن إستقبال اللاجئين المكدسين على الحدود منذ سنوات، و ما يرافق ذلك من خطر و تهديد للاستقرار الاقتصادي و تهديد القدرات اللوجستية للبلدان المستضيفة ناهيك عن تشويه الصورة لدى المجتمع الدولي.
برزت موريتانيا كحل للأوروبيين ، فبشراكة مع قوات حرس الحدود الاوروبية فورنتكس والسلطات الموريتانية أو وكالة الاتحاد الاوروبي للجوء أو مع إحدى دول الاتحاد الأوروبي منفردة أو مع الاتحاد الأوروبي مجتمعا، سيتم حسب مواد المجالات الرئيسية و الاهداف لإعلان التصدي للهجرة، تفعيل مبادئ اللجوء حسب القانون الدولي، التسجيل و التكفل و توثيق اللاجئين و تعزيز القدرة على ذلك من خلال إستحداث مراكز لذلك مع تفعيل مبدأ إعادة اللاجئين الى موريتانيا، مع إعادة دمجهم حسب الفقرات الخمسة المحددة في المجالات الرئيسية و الاهداف من الاعلان المشترك.
وفي تصريح للحكومة الموريتانية أن هذا الاعلان لا يمثل إضرار بالمصالح العامة للدولة الموريتانية و أن الحكومة تعمل على تعبئة الموارد المالية و الدعم من طرف الشركاء لتوفير الشروط الاساسية لمتطلبات الاندماج، كما تعتزم توفير التعليم بوصفه الاداة الاولى لترسيخ ثقافة التسامح و السلام .
فويل لموريتانيا من شر قد إقترب، فبالرجوع لواقع الهجرة و المهاجرين القاصدين أوروبا و أزمة اللاجئين، التى هي السبب فى تراجع أداء الاقتصاد اليوناني و التركي و هي سبب أزمة الأمن على الحدود الشرقية للإتحاد الأوروبي، و في لعنتي حماية الحدود و حماية حقوق الانسان وقفت دول عاجزة عن تسيير ملف الهجرة و للاسف الدول المستقبلة للمهاجرين في أوروبا أصبحت تبحث عن الهجرة الهادفة الى جلب العقول و اليد الماهرة و لا تسعى الى تبني العمالة و تكدس الباحثين عن المساعدات.
إضافة الى ذلك الواقع الموريتاني الذي لا أظن أنه يساعد.. فبلد يعاني 60% من سكانه من الفقر المدقع و انعدام فرص التعليم و تدني مستويات الصحة و انعدام فرص العمل ناهيك عن شساعة البلاد و و محدودية السلطة الامنية، فإن تحويل موريتانيا الى مركز لاستضافة المهاجرين المطرودين من أوروبا و تفعيل اللجوء الاجباري في موريتانيا مع قطع الطريق على الهجرة غير الشرعية من خلال إدماج المهاجرين في موريتانيا بدل أوروبا ، فإن ذلك ينذر بكارثة و أزمة جديدة على شاكلة مخيم لامبيدوزا الايطالية الذي تحول الى وصمة عار في الاتحاد الاوروبي ، خصوصا مع تحذير برنامج الأغذية العالمي من خطورة الضغط على السكان المحليين في موريتانيا و الذين يعانون من شح الموارد و إرتفاع معدلات الفقر، إذ يرى أن مضايقتهم قد تكون سببا في الفوضى و التوتر.
و بالتالي فإن موريتانيا التي تعرف تنوعا عرقيا له إمتدادات و جذور في كافة دول غرب و شمال إفريقيا و مع جلب المهاجرين و توطينهم، سيساهم في جلب إختلالات للتركيبة الديموغرافية لسكان موريتانيا و أول بوادر ذلك ما عرفته ولاية الحوض الشرقي الموريتاني من مواجهات و إضرابات بين السكان المحليين و اللاجئين الأزاواديين، و لم يتم السيطرة عليها الا بعد تدخل قوات الجيش الموريتاني فهل ما نصت عليه المادة الخامسة من المجالات الرئيسية والأهداف بالاعلان المشترك ستساهم في حماية السيادة الموريتانية أم سينتج عنها أزمة إفريقية جديدة كسابقاتها.
كاتب موريتاني