إعداد الخبيير في اللغة والترجمة :
إسلمو ولد سيدي أحمد محمّاده
المجموعات الوَاتْسَابّيَّة ودورها في التوعيَة:
لم تسمح لي ظروفي الموضوعية بالانضمام إلى عدد كبير من المجموعات الواتسابية؛ إذْ إنني شبه متفرغ للبحث والتأليف. ومع ذلك فقد انخرطت في مجموعتين متميزتين يديرهما صحفيان متميزان: مجموعة "وكالة المستقبل"، يديرها الأخ المحترم/ محمد عالي ولد العبادي، ومجموعة "ملتقى الرأي"، ويديرها الأخ المحترم/ محمد سالم ولد الداه.
ونظرا إلى أهمية الموضوعات التي ناقشها عدد كبير من الأعضاء المنتسبين للمجموعتين المذكورتين، فقد ارتأيت أن أقترح على المعنيين والمهتمين بالشأن الوطني (من حكام ومحكومين) أن يطلعوا على الأفكار المهمة الواردة في إسهامات الإخوة والأخوات، المتعلقة بتشخيص المشكلات المزمنة والراهنة التي عرقلت وتعرقل الانطلاق في عملية التنمية الشاملة للبلد، مع اقتراح الحلول المناسبة لهذه المعضلة.
أولا: نماذج من إسهاماتي في بعض الموضوعات التي ناقشها الأعضاء في مجموعة "وكالة المستقبل" :
*1-مما جاء في مشاركتي في حلقة مخصصة لتبادل الآراء حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلادنا، والبحث عن أسباب النهوض بها:
إسهامًا مني في إثراء النقاش، يبدو لي أن من أهم الإجراءات الواجب اتخاذها لتحقيق هذا الغرض، تتجسد في النقاط العشْر الآتية (دون مراعاة ترتيبها حسَب الأهمية أو الأولوية):
أولا: احترام مبدأ الحكامة الجيدة (أو ما يعرف بالحكامة الرشيدة)، في تسيير المرافق العمومية، فيما يتعلق بالنزاهة، والشفافية وتكافؤ الفرص ونحوِ ذلك.
ثانيا: ربط المسؤولية بالمحاسبة. أو بعبارة أخرى، العمل بمبدأ الجزاء (أي المكافأة والعقوبة).
ثالثا: تأهيل العنصر البشري (من أطر وموظفين وإداريين وغيرهم)، واعتماد التكوين المستمر.
رابعا: التفاني في خدمة المواطنين، واحترام مبادئ العدالة والمساواة في أداء الخِدمات.
خامسا: تقوية البنى التحتية، وتوفير الظروف الملائمة للعمل، من أجل مواجهة التحديات، والرفع من المردودية.
سادسا: توعية المواطنين بضرورة التخلي عن العقليات السائدة في المجتمع، منذ عقود، كالفساد، والرشوة، واستغلال النفوذ، وعدم الانضباط في أداء العمل، والإكثار من الأقوال غيرِ المتبوعة بالأفعال.
سابعا: إعادة النظر في بعض التشريعات، ومراجعتها، بغية تبسيطها، وجعلها تلائم المستجِدات، وتستجيب لمتطلبات الإصلاح الشامل.
ثامنا: التنسيق والتعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص.
تاسعا: التخطيط المحكم، وإعداد الدراسات القطاعية، المبنية على تجارب الماضي، ومعطيات الحاضر، بغية استشراف مستقبل أفضل للبلاد والعباد.
عاشرا: متابعة تنفيذ المشاريع، في الآجال المحددة، واتخاذ الإجراءات المترتبة على تأخير التنفيذ أو عدم الالتزام ببنود الاتفاقات المبرمة.
*2-مما جاء في مشاركتي في حلقة بعنوان: " الزراعة في موريتانيا: بين تشجيع السلطة وإكراهات الواقع":
ولمّا كنتُ من غير المتخصصين في القطاع، فإنني سأكتفي بالملاحظات الآتية:
أولا: أُذكِّر الأخوات والإخوة الأعضاء في "مجموعة وكالة المستقبل"، وكل المعنيين والمهتمين بهذا القطاع الحيويّ بأنّ الدولة التي تستورد المواد الغذائية من الخارج، لا تمتلك قرارها السيادي، ومعرضة في أي وقت لاختلالات أمنية غذائية مفاجئة.
ثانيا: باستقرائنا للتاريخ والجغرافيا، نجد أن الدول المتقدمة صناعيا (أوروبا على سبيل المثال لا الحصْر) قامت صناعتُها على أكتاف الزراعة.
ثالثا: قطاع الزراعة بصفته قطاعا متجددا، ولدوره الفاعل في توفير الغذاء، وفي امتصاص البطالة، وفي إنعاش التنمية الحيوانية، وفي ضمان استقرار أسعار المواد الغذائية، وغيرِ ذلك من المجالات الحيوية، يُعدّ أهمّ قطاع يُعَوَّل عليه في المستقبل من أجل الوصول إلى تنمية شاملة ومستديمة.
رابعا: لا يخفى على أحد أنّ تنمية هذا القطاع، مرتبطةٌ بتنمية قطاعات أخرى، وقد تحدث بعض الإخوة عن بعض ذلك. مع الإشارة إلى أن قطاع الزراعة، كغيره من القطاعات، لم يسلم-يا لَلأسف- من "عَدْوَى" الفساد، والتبذير، وسوء التسيير...
خامسا: تظل الحكامة الرشيدة، المدخلَ الأساس لأي تنمية. وتلك قضية مجتمعية، تهمنا جميعا.
*3-مما جاء في مشاركتي في حلقة خاصة بالصرف الصحي:
أعتقد أنّ موضوع الصرف الصحي في عاصمتنا الفتية، لم يجد حتى الآن حلولا جذرية؛ وذلك بسبب تعقيد الموضوع وضخامة التحديات. من هذه التحديات، ما ذكره الإخوة الذين أثروا النقاش، كوجود بحيرة مخزونة تحت المنازل، على بعد أقل من متر واحد، تتسرب منها المياه إلى السطح. إضافة إلى أن المدينة بُنيت أصلا في مكان غيرِ مناسب، وشُيدت البناياتُ قبل إرساء منظومة للصرف الصحي، خلافا لما جرت العادة به. وهذا ما يشبه "وضع العربة أمام الحصان"، كما يقال. يبدو، في ضوء ما ذُكِرَ، أن إرساء منظمة للصرف الصحي في العاصمة غير مستحيل، وأنّ التكاليف كبيرة؛ لكنها في المتناول إذا ما اتخذت الإجراءات الكفيلة بالحصول على الأموال اللازمة وتوفير الخبرة الفنية. يبدو أيضًا أن لدينا دراسة حول الموضوع، يمكن تحسينها والبناء عليها. وعلى كل حال، فإن حل المشكلة، يجب أن يكون على مراحلَ، وعلى مستويات مختلفةٍ، حسَب ما ينصح به أهل الاختصاص. ولمّا كنتُ من غير أهل الاختصاص في هذا الشأن، فإنني أقترح بعض الإجراءات النظرية للنظر في مدى صلاحيتها لحل هذه المشكلة أو التخفيف من آثارها السلبية وتداعياتها. وذلك على النحو الآتي:
أولا: لا مفر من الاستمرار في مواجهة الحالات الطارئة المرتبطة بموسم الأمطار، عن طريق الوسائل المعتمدة حاليا، كشفط المياه، وفتح قنوات تجري معها المياه إلى خارج المدينة.
ثانيا: توعية الناس بخطورة البناء مستقبلا في أماكن غير صالحة للبناء، خاصة الأماكن المنخفضة ذات الخطورة العالية، أو منعهم من ذلك بقوة القانون.
ثالثا: التفكير في مدى إمكانية ترحيل الأحياء الموجودة في أماكن غير صالحة أصلا للبناء، إلى أماكن آمنة؛ بحيث تدخل العملية ضمن ما أصبح يعرف بأحياء الترحيل.
وكل ذلك طبعا بمشورة المتخصصين في المجال، وحسَب الإمكانات المتاحة.
*4-مما جاء في مشاركتي في حلقة بعنوان: "مكافحة الفساد في موريتانيا":
ومحاولةً مني للإدلاء بدلوي في الموضوع، أقول إنّ "معركة" مكافحة الفساد، تستحق أن نطلق عليها اسم "أمّ المعارك"؛ فهي أصل الداء، واستئصال أصل هذا الداء العضال الذي يعرقل تنمية البلاد، يحتاج إلى تضافر جهودنا جميعا، كل من موقعه.
ولا شك في أنّ جو الانفتاح السياسي الحالي، يتيح فرصة ثمينة للجهات السياسية المعنية، وللمواطنين الغُيُرِ على المصلحة العامة، تمكنهم من تقديم مقترحات، من شأنها أن تساعد أصحاب القرار على مكافحة الفساد (بمختلِف أنواعه).
لا بد من حكامة رشيدة تحرص-من ضمن ما تحرص عليه-على حماية المال العام، وتحصينه من الفساد والمفسدين (ربما بالرقابة القبلية والبعدية، وبالقوانين والنصوص واللوائح اللازمة لتجفيف منابع الفساد؛ فالمال السائب مُعِين على السرقة). مع التذكير بضرورة تكثيف الإجراءات الكفيلة بالتصدي لهذا السرطان، بالسرعة المناسبة؛ فالزمن يجري بسرعة، والتاريخ لا يرحم.
ولعل من أهم آليات مكافحة الفساد، تطبيق حيثيات الدستور والقوانين والنصوص الجاري العمل بها بالسرعة المناسبة، ممّا يقتضي المزيد من الإصلاح والتقويم والتكوين والتدريب للعناصر البشرية المختصة، والدعم المادي والمعنوي لمنظومة القضاء؛ فالدولة الموريتانية (حسَب ما يصدر عن جهات متخصصة في الموضوع) لديها قوانينُ ونصوص متقدمة-مقارنة ببعض الدول المشابهة- تسمح بحل معظم المشكلات المطروحة، وما قد يلاحَظ من نقص فلعله بسبب عدم القدرة (ربما بسبب ضعف الإمكانات) على تطبيق هذه القوانين بالصيغة وفي الوقت المناسبيْن، وهذه مهمة مؤسسات الدولة، بالتنسيق والتعاون مع من يهمهم الأمر.
يدخل في باب الحكامة الرشيدة، تغيير أساليب العمل وآليات التنفيذ، بما في ذلك وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، واستشارة ذوي الخبرة، والصرامة، وتشجيع مبدأ ربط المحاسبة بالمسؤولية، وتوجيه موارد الدولة إلى مشاريعَ تخدُم التنمية الشاملة المستديمة، والتركيز على الاهتمام بالقطاعات الحيوية المحورية في عملية التنمية الشاملة.
وبخصوص عوائق مكافحة الفساد، فَإِنني أعتقد جازمًا أنّ ما أصبح يعرف بالدولة العميقة، يشكل أكبر عائق لمكافحة الفساد والوقوف في وجه المفسدين، الأمر الذي يقتضي التخلص ممّن يتأكد ضلوعُهم في عمليات فساد، أو التحريض عليها، أو التغاضي عنها؛ فالشريك-من قريب أو بعيد-في الجريمة-يُعَدُّ مجرمًا.
ثانيا: نماذج من إسهاماتي في بعض الموضوعات التي ناقشها الأعضاء في مجموعة "ملتقى الرأي" :
*1-مما جاء في مشاركتي في حلقة، بعنوان: "التحديات التي تواجهها بلادنا في الحاضر والمستقبل، ومستويات التعاطي ما بين النخبة وصناع القرار في إطار قضايا الشأن العام":
سأبدأ بإعطائكم وجهة نظري فيما يخص العلاقة بين نخبة المجتمع وصناع القرار (علما أن صناع القرار يعدون أيضا من النخبة). ولعلكم تتذكرون أننا تحدثنا من قبلُ عن هذا الموضوع. وعلى كل حال، فإنني أرى أن صناع القرار يستفيدون غالبا-بشكل أو بآخر-ممّا يصدر عن النخبة من أفكار وآراء ومقترحات، دون أن يصرحوا بذلك. معنى ذلك أننا يجب أن نستمر في القيام بهذا الواجب الديني والوطني والإنساني المتجسد في النصح والتوجيه والتذكير، بهذا الأسلوب المهذب الذي اعتمدته مجموعة "ملتقى الرأي".
وبخصوص التحديات، فيبدو لي أن الإخوة الذين تحدثوا-حتى الآن-عن بعض هذه التحديات، قد شخصوا الداءَ وَوَصفوا الدواء. معنى هذا أنني لن أضيف الكثير إلى ما تفضلوا به، جزاهم الله خيرا. ومع ذلك، فلا بد -عند حديثنا عن الأوضاع العامة في بلادنا-أن نفرق بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون.
بخصوص ما هو كائن، فلعلنا جميعا ندركه تماما ونعرفه حق المعرفة، وقد تحدثنا عنه كثيرا في حلقات سابقة، وتحدث عنه أيضا الإخوة الذي أدلوا بآرائهم في هذه الحلقة. وقد اتفقنا جميعا على وجود بعض المشكلات المزمنة العصية على الحل.
وبالنسبة إلى ما ينبغي أن يكون، فيسرني أن أركز على ما يأتي:
1-تكريس حكامة رشيدة تحصن المال العام من أن تصل إليه أيدي المفسدين، فعلى الرغم من النيات الحسنة للنظام السياسي الحالي، فإن بعض المهتمين بالشأن العام الوطني يرون أن الفساد (بمختلِف أشكاله وأنواعه) ما زال موجودا في كثير من القطاعات. وأملنا كبير في أن الدولة (في مفهومها العام)، سوف تتغلب على هذه المعضلة التي تعرقل التنمية.
2-إصلاح المنظومة التربوية؛ إذْ إن هناك شبه إجماع وطني على أن هذه المنظومة ليست على ما يرام.
3- إصلاح الإدارة، وتقريبُها من المواطنين، واعتمادُ مبدأ العقوبة والمكافأة (في حق موظفي الدولة وأعوانها).
4-تكثيف حملات التوعية، حتى يعرف الناس جميعا (كل من موقعه، الحاكم والمحكوم) ما لهم وما عليهم (أي حقوقهم وواجباتهم)؛ وحتى يقتنعوا بأن الأمور يمكن أن تعالج بالقانون (ولا شيء غير القانون)، دون اللجوء إلى العنف والتطرف في الأقوال والأفعال.
وبهذه الإصلاحات العامة، سوف نصل بإذن الله إلى المحافظة على تماسك جبهتنا الداخلية، وإلى السير في طريق التنمية الشاملة المستديمة، ونذلل كل الصعاب والتحديات التي تواجهها بلادنا في الحاضر والمستقبل.
*2-مما جاء في مشاركتي في حلقة، بعنوان: "الانتخابات الرئاسية القادمة، بين حضور وتأثير الدولة العميقة، والانحسار السياسي لأحزاب المعارضة. أية نتائج متوقعة (سياسيا، وأمنيا، واقتصاديا، واجتماعيا...)؟:
يبدو لي أن الإخوة والأخوات، أعضاء مجموعة "ملتقى الرأي"، قد شخصوا جيدا الواقع الوطني، كل على طريقته وبأسلوبه الخاص. وذلك في جميع الحلقات التي ناقشنا فيها أمورا تتعلق بوطننا الحبيب. وسواء اتفقنا أو اختلفنا على بعض التفاصيل المتعلقة بهذا الواقع (وكما يقال، الشيطان يكمن في التفاصيل)، فإنني أقترح التركيز على ما يجب أن يكون، لا على ما هو كائن. وقد أشرتُ آنفا إلى أن ما هو كائن، قد شُخِّصَ بشكل جيد.
وبصفتنا مجموعة رأي، فإن مهمتنا تنحصر في توعية الجماهير، وتزويد أصحاب القرار بما لدينا من أفكار وآراء قد تفيد في تنظيم الانتخابات الرئاسية بطريقة عادلة.
أولا: بخصوص المترشحين/ أو المرشَّحين للانتخابات الرئاسية القادمة، فإنني أضم صوتي إلى أصوات الإخوة الذين يطالبون بوضع معاييرَ صارمةٍ لمن يحق لهم أن يترشحوا/ أو يُرشَّحوا لهذا المنصب السامي (منصب رئيس الجمهورية). على أن توفر الدولة الظروف المناسبة التي تضمن للناخب أن يصوت بحرية تامة للشخص الذي وقع عليه اختياره، بصرف النظر عن ولائه السياسي.
*3-مما جاء في مشاركتي في حلقة، بعنوان: " الدبلوماسية الثقافية":
الدبلوماسية: مصطلح مأخوذ من اللاتينة "diploma"، بمعنى: وثيقة رسمية. والكلمة عبارة عن مصدر صناعيّ يخُص التمثيلَ السياسيَّ لدولة معينة وتصريفَ شؤونها الخارجيةِ لدى دولة أجنبية. ومن مهام الدبلوماسي كما هو معلوم، تقوية العلاقات بين بلده والبلد المعتمَد فيه، ورعاية مصالح مواطنيه المقيمين في بلد الاعتماد أو المترددين عليه لأسباب معينة. ويدخل في مجال الدبلوماسية، ما يعرف بالقوّة الناعمة التي يُعَرِّفها بعضهم بأنها "قدرتنا على إقناع الناس بآرائنا دونَ استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية". ومن الاصطلاحات الشائعة اليوم، مصطلح: "الدبلوماسية الموازية". من الجهات المرشحة لممارسة نوع من الدبلوماسية الموازية: البرلمانات، والمنظمات، والمجتمع الأهلي/ المدني، والأفراد، وكلُّ مَن يؤدي دورا دبلوماسيا موازيًا لدور الدبلوماسي السياسي الذي هو السفير-على سبيل المثال- وغيرُه من الموظفين العاملين في إطار وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي). ولا شك في أن الدبلوماسية الثقافية، خير مثال للدبلوماسية الموازية.
وفي ضوء ما جاء في مشاركات الإخوة الكرام، أود أن أشير إلى بعض الأمور التي تؤكد أهمية الدبلوماسية الثقافية.
من خلال تجربتي الشخصية بوزارة الشؤون الخارجية، وبعد ذلك بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، فقد استنتجتُ أن من يعمل في مجال "الدبلوماسية الثقافية"، لديه فرصا أكثر لخدمة بلده والتعريف بتراثه وثقافته، من الفرص المتاحة للدبلوماسيّ، خاصة فيما يتعلق بجانب التحفظ المفروض على السياسيين.
وبعبارة أخرى، فإنني أرى أنّ أعمال الاثنيْن يكمل بعضُها بعضًا. ولا يفوتني هنا أن أنوه بما قدمه الدبلوماسيون الموريتانيون لبلادنا من خدمات جليلة، من أجل كسب احترام العالم وإظهار الوجه المشرق لشعبنا. يستوي في ذلك، العاملون في المجالين السياسي والثقافيّ. بمعنى أنّ دور الأطرِ الموريتانيين الموجودين في الخارج العاملين في منظمات دولية ثقافية أو إعلامية-على سبيل المثال لا الحصر-لا يقل أهمية عن دور الأطر والمثقفين داخل الوطن، في المجال الذي نتحدث عنه. لننظر مثلا إلى دور الموريتانيين في إعداد المعجم التاريخي الذي تعكف عليه مجامع اللغة العربية، وإسهامات الموريتانيين في إعداد معجم الدوحة التاريخي، وإسهامات الموريتانيين الذين عملوا أو لا يزالون يعملون في المنظمات الدولية المختلفة (الإسلامية والعربية والدولية).
ولما كنا قد تحدثنا عن "الدبلوماسية الثقافية" الموريتانية قبل نشأة الدولة الحديثة، فلعل من المناسب أن نركز في الوقت الراهن على "الدبلوماسية الثقافية" بعد قيام الدولة الموريتانية الحديثة. وعن الوسائل الحديثة ودورها في تيسير نشر الثقافة وتوظيفها في خدمة بلادنا واسترجاع أمجادها الغابرة.
يبدو لي أنّ النهوض بالثقافة الدبلوماسية، يجب أن يبدأ بإعادة الاعتبار للغة العربية؛ فهي لغة ثقافتنا. وتأكيدا لأهمية هذا الموضوع، وفي ظل ما يعيشه العالم هذه الأيام من خلافات واضطرابات سياسية، ومواجهات عسكرية، ومشكلات اقتصادية، فإن "الدبلوماسية الثقافية"، بصفتها "قوة ناعمة"، يمكن أن تشكل طوق نجاة لنا جميعا. ولحسن الحظ، فإن بلادنا لها سمعة طيبة في الخارج، يمكن البناء عليها، على الرغم من أنها غير معروفة بالمستوى الذي يليق بها وبتاريخها المجيد وحاضرها المشرق ومستقبلها الواعد. فبفضل تأثير علمائنا ومثقفينا في شعوب البلدان التي أتيحت لهم فرصٌ لزيارتها أو الإقامة بها، حصلنا على ذلك الصيت الحسن. والآن جاء دور الأجيال الحاضرة.
نرجو من القائمين على الشأن العام، أن يعززوا دور "الدبلوماسية الثقافية"، من أجل المحافظة على السمعة الطيبة التي تركها لنا السلف الصالح. وبذلك نكون خير خلَف لخير سلَف.
*4- مما جاء في مشاركتي في حلقة، بعنوان: "السلطة والظهير الإعلاميّ: أفكار وملاحظات":
أود أولا أن أتوقف عند عنوان حلقة اليوم:
معنى "الظهير".
الظهير: المُعِين (للمذكر والمؤنث والجمع، كما تعلمون). نقول: هو ظهير لي، وهي ظهير لي، وهم ظهير لي، وهن ظهير لي، إلخ. وفي القرآن الكريم: (وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ).
ينبغي للظهير الإعلامي، بل يجب عليه، أن يكون ظهيرا (أيْ معينا) للوطن، وللمواطن. يقتضي ذلك، أن يكون ظهيرا للسلطة وللشعب، ظهيرا للمصلِح، ظهيرا للسياسات التي تخدم المصلحة العامة، وأن لا يكون ظهيرا للمفسد، ولا للمجرم، ولا للظالم. يستوي في ذلك الإعلام الملتزم بقضايا الأمة (الإعلام العمومي والإعلام الخصوصي، كل فيما يعنيه).
وفي القرآن الكريم: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ).
أعتقد أنه لا مزيدَ على ما تفضل به الإخوة، من أفكار مفيدة حول موضوع الحلقة، وأخص بالذكر الإخوة الصحفيين المقتدرين (وأهل مكة أدرى بشِعابها).
أعتقد أننا في هذه المجموعة "مجموعة ملتقى الرأي"، كنا وما زلنا (ولا زلنا، من باب الدعاء)، نشكل ظهيرا أمينا معينا موجها، للسلطة وللمواطن على حد سواء. لقد قمنا بهذه المهمة، مقتنعين بأهمية دور المثقفين في توجيه أصحاب القرار، ونحن سعداء بجو التهدئة الذي يخيم على الحياة السياسية في الوقت الراهن، ونرى أنه في مصلحة جميع الفرقاء السياسيين، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على السير قُدُمًا ببلادنا في طريق التنمية الشاملة المستديمة.
ولعلكم تتذكرون معي أننا ناقشنا مجمل القضايا الوطنية الحيوية، وقدمنا حولها اقتراحات من شأنها، إن أخذت بعين الاعتبار، أن تسهم في النهوض بوطننا الغالي، ليحتل المكانة اللائقة به بين الأمم.
أرجو من المسؤولين عن قطاع الإعلام (بشقيه العمومي والخصوصي)، ومن المهتمين (كل من موقعه)، أن يستفيدوا من جهود هذه المجموعة المباركة.
ويسرني أن أذكِّر بنماذجَ مختارةٍ من عناوين الحلقات السابقة التي نوقشت في مجموعة "ملتقى الرأي".
من هذه العناوين (دون ترتيب الحلقات زمنيا): 38 حلقة، تحت العناوين الآتية:
1-"حالة المسار الديمقراطي الواقع والآفاق".
2-"سنتان من مأمورية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوان: قراءة في الحصيلة".
3-عامان من مأمورية رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، من منظور المعارضة".
4-"حالة القضاء".
5-"الصحافة والقضاء في ظل دولة القانون".
6-"في سياق مسار الإصلاح الإعلامي، قراءة في دور السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في ضبط المشهد الإعلامي وتطويره".
7-"منظومة العدالة، الواقع والتحديات".
8-"الجريمة في الوسط الحضري الموريتاني، عواملها وسبل الحد منها.".
9-"تنامي ظاهرة الجريمة في مدينة نواكشوط، أسبابها وعلاجها وسبل الوقاية منها من منظور القانون".
10"التحديات العابرة للحدود في منطقة الساحل والمغرب العربي وأثرها في موريتانيا".
11-"دور الإعلام في إصلاح القضاء".
12-"الحكم من منظور الفكر الإسلامي".
13-"حالة حقوق الإنسان في موريتانيا".
14-"الطبقة السياسية الموريتانية بين التأثير والتأثر والحضور والغياب".
15-"استقالة النخبة وتأثير ذلك في الدولة والمجتمع".
16"المشترك الثقافي ودوره في تعزيز الوحدة الوطنية".
17-"رموز الدولة".
18-"المحافظة على هيبة الدولة بين مسؤولية المواطن والسلطة".
19-"إشكالية التشاور أو الحوار بين رؤيتي المعارضة والنظام".
20-"كيف يكون الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي في بلادنا".
21-"التعليم الأساسي الإشكالات والحلول".
22-"أيّ حوار نريد في المرحلة القادمة".
23-"أداء الإعلام الوطني في ظل تحديات الحاضر والمستقبل".
24-"عوائق الاستفادة من ثرواتنا الوطنية بعد 60 سنة من الاستقلال".
25-"موريتانيا المستقبل: بعد ستين سنة من الاستقلال، رؤية استشرافية".
26- "عوائق الانتقال إلى الإصلاح الشامل".
27-"نظام الصفقات العمومية في موريتانيا".
28-"شغل الوظائف العامة للدولة.. مكامن الخلل".
29-"بوادر الإصلاح في ظل النظام السياسي الراهن".
30-"بوادر الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي".
31-دور الشرع في "ترشيد وسائط الإعلام الجديد وتسديدها".
32-"المثقفون والسلطة أية علاقة؟".
33-"الوحدة الوطنية أمامَ تحديات خطاب الكراهية"،
34-" المُجامَلات الاجتماعية بين التفاخُر والتكافُل".
35-"الدبلوماسية الثقافية".
36-"السفارة الثقافية ودورها عبر المعارض الدولية".
37-"التأثيرات النفسية لكوفيد 19".
38-"تعليق الحوار، ومن يتحمل مسؤولية هذا التعليق".
(إعداد: إسلمو ولد سيدي أحمد