تواصل المعارضة الموريتانية ومرشحوها التدقيق في الآليات المتخذة لضمان شفافية الاقتراع الرئاسي المنتظر وذلك قبل أسبوعين من إطلاق الحملة السياسية الخاصة بانتخابات الرئاسة المقررة يوم 29 يونيو المقبل.
وأثار تعيين الحكومة لرئيس وأعضاء مجلس المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات، انتقادات أطراف في المعارضة، حيث اعتبره حزب الصواب (بعثيو موريتانيا) «خروجاً على اتفاق 26 سبتمبر 2022 بين الحكومة والمعارضة، والذي نص بنده العاشر على أن «تلتزم الحكومة بالتشاور مع الأحزاب السياسية بإنشاء مرصد وطني لمراقبة الانتخابات وإعطائه صلاحيات ووسائل تمكنه من الانتشار والحضور على المستوى الجهوي والمحلي».
وأكد حزب الصواب في ببان حول قضية المرصد، «أن الحكومة قامت، في الوقت الضائع، باختيار رئيسة وأعضاء مرصد لمراقبة انتخابات 29 يونيو 2024، واختارت شخصياته من حزبها الحاكم وأعضاء نشطين في هيئاته القيادية، معززة مسارها الأحادي ومنهية تشاوراً سياسياً جمع بعض قوى المعارضة وأحزاب الأغلبية».
وأضاف الحزب «أن الحكومة لم تتشاور، قبل إعلانها تشكيل المرصد، مع الأحزاب الموقعة على الاتفاق، ولا هي اعتمدت معايير الحياد والكفاءة في اختيار عناصره، ولا أعلنته في وقت يسمح بوضع هيئاته على المستوى الوطني، ويضمن حضوره الشكلي على الأقل».
«ونرى أن النزاهة مع الشعب الموريتاني، يضيف حزب الصواب، كانت تقتضي تسميته (مرصد حزب الإنصاف الحاكم) ليطابق الاسم مسماه؛ ونحن في حزب الصواب نعتبر الخطوة من المؤشرات الدالة على عدم رغبة الحكومة في توسيع المشاركة في تسيير ومراقبة العملية الانتخابية، ورفضها لتنظيم اقتراع رئاسي شفاف وعادل، يراقبه إطار مؤسسي يضمن مستوى من حياد السلطات العمومية، ويحد من تواطؤ المتلاعبين بمصير دولة ومجتمع في المحطات الحساسة كما هي الحال في محطات سابقة، وهو ما يمثل مبعثاً للقلق ومؤشراً على إرادة السلطة في تسيير العملية بصورة منفردة تمكنها من السيطرة على مفاصلها وإغلاق المجال أمام المنافسين، والخصوم الانتخابيين».
وتابعت قيادة حزب الصواب انتقاداتها قائلة: «إن النزاهة مع الشعب الموريتاني لتدعونا إلى طلب السلطة من جديد، ومراجعة ما أقدمت عليه حتى تحترم اتفاقها المبدئي ومصداقيتها السياسية بالتشاور مع شركائها والدعوة الرسمية السريعة من جانبها لشركائها الإقليميين والدوليين للمشاركة في تعزيز الرقابة خصوصاً الهيئات الموفدة من طرف جهات تتولى جميع نفقاتها حفاظا على استقلاليتها ومصداقيتها».
ودعا حزب الصواب «قوى المعارضة والتغيير الديمقراطي الوطنية للبحث عن إجراءات موازية تعزز هذه الرقابة وتحد من تغول السلطة، وتجنب موريتانيا المنزلقات التي يقودنا نحوها إصرار السلطة على فرض إرادتها وتمرير أجندتها الأحادية». وأصدر الوزير الأول محمد ولد بلال يوم الأربعاء الماضي، مرسوماً يتضمن تسمية رئيس وأعضاء المجلس الوطني لمرصد مراقبة الانتخابات الرئاسية 2024، برئاسة الوزيرة السابقة ديا باه، وعضوية أحد عشر شخصية سياسية من صف الموالاة.
وقام الوزير الأول الموريتاني محمد بلال بتنصيب لرئيس وأعضاء المرصد المذكور، مؤكداً «أن الحكومة لن تدخر جهداً في دعم المرصد من أجل رقابة الانتخابات الرئاسية المقبلة بشكل يضمن شفافيتها ومصداقيتها لدى كل المشاركين».
وأكد موقع «الفكر» الإخباري الموريتاني المستقل «أن تعيين مجلس المرصد في مثل هذا الوقت وبالأسماء المعلنة الكثير من التساؤلات التي تستحق أجوبة من الوزارة الأولى» مضيفاً «أن السؤال الأول الذي يطرح يتعلق بالتوقيت، فلماذا قررت الوزارة الأولى أن تؤجل تعيين رئيس وأعضاء المجلس إلى هذا الوقت، أي الوقت الضائع، حيث لم يعد يفصلنا عن اقتراع 29 يونيو 2024 إلا 40 يوماً؟ وماذا يستطيع أن يفعل المرصد خلال 40 يوماً، حتى وإن افترضنا جدلاً أنه يتكون من خيرة الكفاءات الوطنية، وأنه سيمنح كل الأموال والوسائل التي يحتاجها؟».
وأضاف في تعليق على تشكيلة المرصد «أن الإشكالية الأولى التي ستواجه هذا المرصد هو أنه لا يملك ما يكفي من الوقت لتأدية الحد الأدنى من المهمة التي كُلف بها، بينما تبقى الإشكالية الثانية تتعلق بالأسماء التي تم اختيارها لرئاسة وعضوية المرصد، فقد كان من المفترض إن كانت هناك رغبة جدية في تأسيس مرصد لمراقبة الانتخابات يتمتع بالحد الأدنى من المصداقية، أن تصطفي لرئاسته وعضويته شخصيات وطنية مستقلة مشهوداً لها بالكفاءة والنزاهة والحياد، وأن تكون هذه الشخصيات من المجتمع المدني، وأن يكون بمقدورها أن تقول، لا، ونعم، إذا ما شاءت ببصر من حديد، أما أن يختار له رئيس ونائبه من حزب الإنصاف وممن يجاهرون ليل نهار بدعم أحد المترشحين (رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني) فمثل هذا يوحي بعدم الجدية في مراقبة ومصداقية الانتخابات».
وتابع الموقع: «وتبقى هناك إشكالية تتعلق بغياب المتخصصين في المعلوماتية والتقنيات الجديدة عن لائحة أعضاء المجلس، فمن المعروف أن التزوير التقني عن طريق المعلوماتية أصبح من أهم أساليب التزوير في الانتخابات، وتشهد على ذلك الانتخابات التشريعية والبلدية الماضية، حيث تمكن أحد المترشحين من تزوير آلاف الأصوات عن طريق أحد مهندسي المعلوماتية في اللجنة المستقلة للانتخابات».
عبد الله مولود
نواكشوط ـ «القدس العربي»