نشرت مجلة “ذا نيشن” الأمريكية، تقريرا بعنوان “دعوة نتنياهو للكونغرس بمثابة فيلم رعب سيئ” قالت فيه إنه بعد “أن وحّد الجمهوريون والديمقراطيون المنافقون قواهم للترحيب برئيس الوزراء الإسرائيلي في الكونغرس الأمريكي، بدأ التقدميون التعهد بمقاطعة خطابه فيه”.
وأكد الكاتب جون نيكولوس على أن دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي للتحدّث أمام الكونغرس الأمريكي، تؤكد نفاق القادة الأمريكيين من الحزبين الذين دافعوا عن نتنياهو رغم أنه مجرم حرب يواجه احتمالية توجيه أمر بالقبض عليه من قِبل المحكمة الجنائية الدولية.
وأشار إلى أن الديمقراطية ديليا راميريز، التي برزت كواحدة من أكثر المدافعين المثابرين عن حقوق الإنسان الدولية في الكابيتول هيل، ردّت على قرار قادة مجلسي النواب والشيوخ بدعوة نتنياهو لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس، بملاحظة تلخص تخلي كبار الجمهوريين والديمقراطيين عن ضميرهم، وفشلهم في محاسبة رئيس الوزراء الإسرائيلي على العدوان في غزة، الذي أودى بحياة ما يقرب من 37,000 فلسطيني من الرجال والنساء والأطفال.
إلقاء مجرم حرب كلمة أمام الكونغرس أشبه بحبكة ملتوية لفيلم رعب سيئ، وتلخص تخلي كبار الجمهوريين والديمقراطيين عن ضميرهم، وفشلهم في محاسبة نتنياهو
وقالت راميريز إن إلقاء مجرم حرب كلمة أمام الكونغرس يوم الخميس، الموافق 13 من الشهر الجاري، أشبه بحبكة ملتوية لفيلم رعب سيئ، وسط تقارير صحافية تفيد بأن نتنياهو قد قَبِل دعوة من رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل لإلقاء كلمة أمام السلطة التشريعية.
وأشار الكاتب إلى أن التقارير ذكرت في البداية أن خطاب نتنياهو سيُلقى في 13 حزيران/ يونيو، لكن هذا يوم عطلة يهودية، لذا سارع مكتب جونسون إلى اختيار موعد جديد وفي وقت متأخر من يوم الخميس، وتم الإعلان عن الموعد الجديد: 24 تموز/ يوليو.
واعتبر الكاتب أن تغيير الجدول الزمني لا يغير حقيقة أن الخطاب يقلق أعضاء الكونغرس الذين يحترمون سيادة القانون ويريدون تحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط. فنتنياهو، المنبوذ سياسيا والمبتلى بالفضائح، والذي أشعل عقابه الجماعي للمدنيين في غزة احتجاجات في إسرائيل وحول العالم، يواجه احتمال الملاحقة الجنائية على أفعاله؛ حيث أشار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان في 20 أيار/ مايو الماضي، إلى سعيه لإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وذلك في إطار ملاحقة قضائية أوسع نطاقا تستهدف أيضا وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، وثلاثة من قادة حركة حماس.
ولفت إلى أن معظم المسؤولين الأمريكيين هاجموا المحكمة، بمن فيهم الرئيس بايدن، بدلا من الرد باحترام القانون الدولي ودور المحكمة الجنائية الدولية الحيوي في دعم حقوق الإنسان. وتحرك الجمهوريون في الكونغرس لفرض عقوبات على المحكمة؛ حيث أعلن رئيس مجلس النواب أنه يجب معاقبة المحكمة على هذا العمل. وفي يوم الثلاثاء، وافق مجلس النواب على هذه العقوبة التي من شأنها إلغاء التأشيرات الأمريكية للمسؤولين المرتبطين بـ”الجنائية الدولية” ومنع دخول محامي المحكمة وغيرهم إلى الولايات المتحدة.
وذكر أنه في رفضٍ موازٍ لسلطة المحكمة الجنائية الدولية، التي لم تتبنها الولايات المتحدة بشكل رسمي قط؛ فقد وجّه قادة الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين الدعوة إلى نتنياهو.
وشدد أنه سيتحتم على الأعضاء المسؤولين في الكونغرس أن يتعاملوا مع الظرف المخزي الذي سيحدث إذا وصل نتنياهو إلى واشنطن، هل سيشاركون في احتجاج رمزي على ظهوره؟ هل يريدون مقاطعته؟ وما هي الاعتراضات المحددة التي يريدون إثارتها، في الوقت الذي أثارت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة رفح في غزة، رعب حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعلن عن وجوب وقف هذه العمليات، ودعا إلى “الاحترام الكامل للقانون الدولي والوقف الفوري لإطلاق النار”.
من المرجح أن قادة المجلسين سيحمون نتنياهو من أي مساءلة، رغم احتمالية أن يحدث نوع من الاحتجاج داخل الجلسة
وذكر الكاتب أنه وفقا للنائب الأمريكي مارك بوكان، وهو أحد أكثر المنتقدين لنتنياهو ولسياسات الولايات المتحدة بشأن فلسطين، فإنه يجب الضغط على نتنياهو للجلوس مع أعضاء الكونغرس ومواجهة أسئلة صريحة حول أفعاله.
وبحسب الكاتب، فإنه من المرجح أن قادة المجلسين سيحمون نتنياهو من أي مساءلة، رغم احتمالية أن يحدث نوع من الاحتجاج داخل الجلسة، كما أن هناك احتمالا لحدوث احتجاجات ومؤتمرات صحافية تدين ظهور نتنياهو في خارج مبنى الكابيتول، وقد يغتنم بعض الأعضاء الفرصة للتعبير عن اعتراضات واضحة على الدعوة وعلى سياسات نتنياهو.
وذكر الكاتب بأن آخر مرة خاطب فيها نتنياهو الكونغرس كانت في سنة 2015، عندما دعاه الجمهوريون في وقت تصاعدت فيه التوترات بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس السابق باراك أوباما بشأن المفاوضات الأمريكية مع إيران، واختار ما لا يقل عن 50 عضوا ديمقراطيا في مجلس النواب، وثمانية أعضاء في مجلس الشيوخ عدم حضور الجلسة. والجدير بالذكر أن نائب الرئيس آنذاك، جو بايدن، لم يحضر الخطاب أيضا.
وقد أشار العديد من الأعضاء الديمقراطيين الرئيسيين في الكونغرس إلى أنهم في الغالب لن يحضروا خطاب نتنياهو هذه المرة، بما في ذلك النائب عن ولاية ماساتشوستس جيم ماكغفرن، وهو نائب ديمقراطي بارز في لجنة القوانين بمجلس النواب، وأحد أكثر المدافعين المتحمسين عن حقوق الإنسان في المجلس؛ حيث أفاد ماكغفرن، الذي قاطع ظهور نتنياهو في 2015، أنه سيبتعد عن خطاب هذه السنة أيضا، موضحا أنه يتمنى لو لم يحدث ذلك.
ونوه إلى أن أحد أعضاء مجلس الشيوخ الذين لن يرحبوا بنتنياهو، هو عضو مجلس الشيوخ المستقل عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز، والذي أعلن -فور قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي الدعوة- أنه لن يحضر بالتأكيد، وأن نتنياهو مجرم حرب لا ينبغي دعوته لإلقاء كلمة أمام اجتماع مشترك للكونغرس.
وأضاف ساندرز أن “إسرائيل كان لها الحق في الدفاع عن نفسها، إلا أنها لا تملك الحق في خوض الحرب ضد الشعب الفلسطيني برمّته، ولا يحق لها أن تقتل أكثر من 34 ألف مدني وتجرح أكثر من 80 ألفاً، ولا يحق لها أن تيتّم 19000 طفل، ولا يحق لها تهجير 75% من سكان غزة من منازلهم. ولا يحق لها أيضا تدمير ما يزيد على 60% من المساكن في غزة، ولا يحق لها تدمير البنية التحتية المدنية وطمس شبكات المياه والصرف الصحي، وحرمان سكان غزة من الكهرباء. ولا يحق لها تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، وإخراج 26 مستشفى من الخدمة وقتل أكثر من 400 عامل في مجال الرعاية الصحية، ولا يحق لها قصف 12 جامعة و56 مدرسة في غزة، أو أن تحرم 625 ألف طفل في غزة من فرصة التعليم.
وتابع بأنها لا تملك الحق في منع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى سكان غزة اليائسين، ما يخلق الظروف الملائمة للمجاعة، وليس من حقها أن تحكم على مئات الآلاف من الأطفال بالموت جوعا، وهذا انتهاك واضح للقانون الأمريكي والدولي.
وذكر أن هذا التصريح أثار توبيخا من رئيس مجلس النواب جونسون، الذي اتهم ساندرز بـ”ترديد حديث حماس كالببغاء”، مؤكدا أن على الديمقراطيين أن يختاروا بين الوقوف إلى جانب أهم حليف لهم في الشرق الأوسط كما جرت العادة في واشنطن، أو الانحياز إلى جانب حماس وآيات الله في إيران.
ولفت الكاتب إلى أن جونسون كان مخطئا بشكل كبير، فساندرز أمريكي يهودي فقد الكثير من أفراد عائلته الممتدة في المحرقة، وعاش ذات مرة في مستوطنة إسرائيلية، وهو ناقد ثابت لحماس، واصفا إياها بأنها منظمة إرهابية، واعتراضاته على سياسات نتنياهو تحاكي اعتراضات عدد متزايد من قادة العالم من الدول التي كانت تاريخيا متعاطفة مع إسرائيل، بالإضافة إلى جماعات أمريكية مثل “حاخامات من أجل وقف إطلاق النار” و”الصوت اليهودي من أجل العمل من أجل السلام” التي وصفت الدعوة بأنها “تصرف آخر مثير للغضب من قيادة الكونغرس يظهر دعمهم الكامل للإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني”.
ساندرز: منع المساعدات الإنسانية وخلق الظروف المواتية للمجاعة ليس فقط عملاً بالغ القسوة، ولكنه انتهاك للقانون الأمريكي والدولي وجريمة حرب.
ونوه إلى أن ساندرز وجّه ردا لاذعا على جونسون في خطاب ألقاه بمجلس الشيوخ، مؤكدا أنه عند التفكير في الحكمة من دعوة السيد نتنياهو لإلقاء كلمة أمام مجلسي الكونغرس، يجب تذكر أن حكومته تعمدت منع وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة اليائسين، الأمر الذي خلق فوق كل شيء آخر ظروف المجاعة.
وأضاف ساندرز أن منع المساعدات الإنسانية وخلق الظروف المواتية للمجاعة ليس فقط عملاً بالغ القسوة، ولكنه انتهاك للقانون الأمريكي والدولي وجريمة حرب.
وختم الكاتب تقريره بقول ساندرز، وهو يعرض صورا لأطفال غزة الذين يعانون من سوء التغذية، إنه يود إخبار رئيس مجلس النواب جونسون أنه عندما يحضر حفلات عشاء جمع التبرعات مع أصدقائه المليارديرات، ويأكلون شرائح اللحم الفاخرة وغيرها من الأطعمة، يجب أن يتذكروا هذه الصور من غزة.
واختتم السيناتور كلامه معلنا بهدوء أن هؤلاء الأطفال وآلافاً آخرين هم نتيجة مباشرة لسياسات نتنياهو، الرجل الذي دعاه رئيس مجلس النواب جونسون، لمخاطبة الكونغرس.