تحول مانشستر يونايتد إلى بيئة فاسدة تدمر النجوم خلال السنوات الأخيرة، رغم المبالغ الطائلة التي يتم انفاقها لإعادة الفريق إلى منصات التتويج.

وتعاني جماهير "الشياطين الحمر" سوء مستوى الفريق وعدم المنافسة بقوة على الألقاب الكبرى منذ سنوات طويلة، والسبب في ذلك يعود لسوء العمل الإداري على كافة الأصعدة والمستويات.

صحيح أن الإدارة تنفق الكثير من الأموال على الصفقات الكبرى، لكنها تفشل دائما في تقديم أوراق اعتمادها للجماهير، نظرا للعديد من العوامل المختلفة التي تمنع أي نجم من التألق.

فضيحة المنظومة

فضح البرتغالي كريستيانو رونالدو، أسطورة مانشستر يونايتد، إدارة النادي قبل فسخ عقده بأيام قليلة خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حيث تحدث عن العديد من الأمور السلبية التي تدمر الفريق.

"الدون" انتقد العمل الإداري بشدة، حيث قال: "لم يتغير شيئا في الفريق منذ رحيل الاسكتلندي السير أليكس فيرجسون (المدرب التاريخي)، من معدات رياضية وغيرها من الأمور".

وأكمل: "لقد شاهدت العديد من الأشياء التي كنت أراها في عمر ال18 عاما مع النادي، فالبنية التحتية والتكنولوجيا لم تتغير، بالإضافة إلى طهاة النادي الذين احترمهم بشدة".

كذلك، فتح رونالدو النار على المدرب الهولندي إيريك تين هاج، بقوله: "أنا لا أحترمه، لأنه أساء معاملتي ولا يستطيع إدارة الأمور باحترافية".

وتسببت تصريحات رونالدو "النارية" في فسخ عقده مع "الشياطين الأحمر" وتم اتهامه من الصحافة والإعلام، بأنه المتسبب في تراجع مستوى الفريق، حتى ظهرت براءته بعد مرور أشهر طولية، باستمرار التراجع وإنهاء الموسم الماضي في المركز الثامن من البريميرليج.

فضلا عن ذلك، فإن فضيحة سقوط الأمطار من سقف ملعب "أولد ترافورد" معقل النادي، تسببت في غضب الجماهير عبر صفحات التواصل الاجتماعي والتي أكدت أن رونالدو كان محقا، فيما يتعلق بتدهور العمل الإداري.

سنوات الضياع

تصريحات رونالدو لم تكن وليدة الصدفة أو بغرض الدفاع عن النفس، بل لأن النادي يعيش أسوأ لحظاته على مستوى المنافسة.

يونايتد الذي يعد واحدا من أعرق أندية العالم، لم يتذوق طعم التتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 2013، كما أنه ابتعد عن صراع دوري أبطال أوروبا بصورة واضحة على عكس ما كان في السابق تحت قيادة فيرجسون.

واقتصرت ألقاب مان يونايتد منذ عام 2013، على تحقيق 6 بطولات فقط، متمثلة في كأس الاتحاد الإنجليزي والرابطة مرتين لكل منهما، بجانب الدوري الأوروبي والدرع الخيرية (مرة من كل بطولة).

ويبرهن ذلك على تراجع النادي بصورة واضحة، رغم التعاقد مع العديد من المدربين الكبار وأساطير نجوم كرة القدم، أمثال السويدي زلاتان إبراهيموفيتش ورونالدو وغيرهم من النجوم.

وأكد المدرب البرتغالي المخضرم جوزيه مورينيو في وقت سابق، أن أحد أفضل إنجازاته في مسيرته التدريبية هي تحقيق المركز الثاني مع مان يونايتد (2017-2018)، في إشارة لسوء الأوضاع وقلة الجودة داخل النادي.

بيئة فاسدة

تسبب سوء العمل الإداري في خفوت نجم العديد من اللاعبين بعد الانتقال لمان يونايتد، رغم التألق قبل المجيء لبطل إنجلترا التاريخي.

وخير دليل على ذلك، تراجع مستوى رونالدو الهداف التاريخي لكرة القدم، بالإضافة لإبراهيموفيتش، فضلا عن لاعب الوسط الفرنسي السابق بول بوجبا ومواطنه رافائيل فاران، بالإضافة للبرازيلي كارلوس كاسيميرو.

كذلك، تراجع مستوى نجم الفريق الأول في الموسمين الماضيين ماركوس راشفورد بصورة واضحة، بجانب جادون سانشو الذي تمت إعارته لبوروسيا دورتموند، بجانب البرازيلي أنتوني والدنماركي كريستيان إريكسن.

ورغم سوء الوضع في مانشستر يونايتد، إلا أن استحواذ الملياردير البريطاني السير جيم راتكليف على 25% من أسهم النادي في فبراير/شباط الماضي، أعاد التوازن نسبيا.

واستثمر راتكليف مبلغا إضافيا قدره 200 مليون دولار لزيادة الأسهم الخاصة به، ليصل استحواذه إلى نحو 27.7%، على أن يستثمر 100 مليون دولار أخرى بحلول 21 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بهدف الاستثمار المستقبلي في البنية التحتية لملعب الفريق.

وتحدث المليار البريطاني في وقت سابق عن رغبته في ضم العديد من النجوم مستقبلا، بالإضافة إلى العمل المستمر على اختيار الموظفين بصورة صحيحة على الجانبيين الفني والإداري، بهدف النهوض بالنادي.

مصنع دوري روشن

رغم دفع الكثير من الأموال في بعض الصفقات، إلا أن أغلب النجوم فشلوا في تقديم أوراق اعتمادهم ورحلوا عن صفوف الفريق، والمثير في الأمر أن بعضهم ينجح مع الأندية الأخرى.

وجذب مشروع الدوري السعودي للمحترفين، العديد من نجوم مان يونايتد، وتم التعاقد مع رونالدو ثم أليكس تيليس مع النصر.

رونالدو عاد بقوة لمستواه المعهود وتوج هدافا للعالم خلال عام 2023، بتسجيل 54 هدفا مع النصر والمنتخب البرتغالي، بالإضافة لحصد الحذاء الذهبي عن الموسم الماضي في دوري روشن بتسجيل 35 هدفا، وهو رقم غير مسبوق بالمسابقة.

وتمكن المحترف البرازيلي أليكس تيليس الذي لعب ليونايتد فترة قصيرة من الظهور بمستوى رائع خلال الموسم الماضي، وقاد الجبهة اليسرى بشكل جيد.

وبالنظر للتقارير الصحفية التي خرجت خلال الأشهر الأخيرة، نجد أن هناك العديد من الأسماء داخل يونايتد، اقترنت باللعب في الدوري السعودي أمثال كاسيميرو والبرتغالي برونو فيرنانديز وفاران وإريكسن وغيرهم من النجوم.

ويمكن القول إنه حال قدوم هؤلاء النجوم لدوري روشن، فإنهم سينجحون على غرار رونالدو وتيليس والأسماء الأخرى، ما يجعل مان يونايتد بمثابة مصنع نجوم دوري روشن بعد خروجهم من البيئة الفاسدة.