إعداد/ إسلمو ولد سيدي أحمد محمّاده.
بتاريخ 22 يونيو 2019م، نشرتُ مقالا بعنوان: "من أولويات الرئيس الموريتاني الجديد"، ذكرت فيه أن من أولويات الأولويات:
*الاستمرار في تعزيز الأمن والاستقرار، من خلال المحافظة على ما تحقق في هذا المجال والبناء عليه وتحسينه وسد الثغرات الموجودة فيه.
*تعزيز الوحدة الوطنية، فلا استقرار ولا أمن ولا تنمية مستديمة، دون إشراك سواعد جميع الموريتانيين في العمل الوطني وتحقيق العدل بينهم، وتكافؤ الفرص أمامهم؛ بصرف النظر عن انتمائهم السياسي أو أيّ اعتبارات أخرى.
*العناية بقطاعي التعليم والصحة (بخاصة)، دون إهمال القطاعات الحيوية الأخرى (الزراعية، والرعوية، والصناعية، والبيئية، والسياحية، إلخ).
*مكافحة البطالة بصفة عامة، وخلق فرص عمل للشباب بخاصة؛ يدخل في هذا الإطار، إعداد دراسة حول مدى إمكانية منح إعانات شهرية للعاطلين عن العمل (من حاملِي الشهادات بصفة خاصة)، وهو ما يُعرَف بإعانة البِطالة.
*فتح صفحة تصالح جديدة مع المعارضة السياسية (في الداخل والخارج)، لخلق جو ملائم للعمل الوطني (خالٍ من التجاذبات السياسية الحادّة).
*تعزيز العلاقات مع الدول العربية الشقيقة كافةً (دون استثناء)، إذْ ليس من مصلحة موريتانيا الاصطفاف مع هذا البلد العربي أو ذاك ضدّ بلد عربي شقيق آخر؛ فسياسة المَحاور لا تخدم المصلحة الوطنية/ القُطرية، ولا وحدة الصف العربي. ولعلّ موريتانيا مؤهلة أكثر من غيرها للقيام بدور الوسيط المصلح (والصلح خير) بين الأشقاء العرب، في إطار الحياد الإيجابي.
*الاهتمام بالموريتانيين المقيمين في الخارج؛ يدخل في هذا الإطار، تمكينهم من الحصول على وثائق الحالة المدنية في البلاد التي يقيمون فيها، عن طريق فتح مكاتب للحالة المدنية-لهذا الغرض- في جميع السفارات الموريتانية. مع دراسة مدى إمكانية الاستفادة ممّا تسمح به الوسائل الإلكترونية الحديثة لجعلهم يحصلون على الوثائق عن بعد. يضاف إلى ذلك، السماح لهم بازدواجية الجنسية (على غرار ما يوجد في معظم بلدان العالم)، والتدخل لدى الجهات المختصة في البلدان التي يقيمون فيها من أجل تسهيل الأمور المتعلقة بالإقامة والدراسة والعمل والتنقل والتملّك (في إطار المعاملة بالمِثل).
وقد اقترحتُ حينئذ على الرئيس الموريتاني الجديد، أن يضع بصمته الخاصة به على تدبير الشأن العام، إذْ إنّ المواطنين لم ينتخبوه من أجل أن يكون أسلوبُ عمله في الحكم نسخةً طبق الأصل من أساليب الذين حكموا قبله؛على أن يستفيد في ذلك، من تجارب الماضي ومعطيات الحاضر بغية استشراف مستقبَل أفضلَ للبلاد والعباد.
وبعد انتخاب الأخ الموقر/ محمد ولد الشيخ الغزواني ريسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، في مأمورية أولى لمدة خمس سنوات (سنة 2019م)، بدا لي (بصفة عامة) أنه خطا في مأموريته الأولى خطواتٍ موفقةً في معظم المجالات المذكورة في المقال المشار إليه، لكنها غير كافية. وقد أشار هو نفسُه إلى ذلك في مرات عديدة؛ وهو أمر يُحسَب له لا عليه.
واليوم وقد أعاد الشعب الموريتاني (بتاريخ 29 يونيو 2024م) ثقته بالرجل، بانتخابه رئيسا للجمهورية في مأمورية ثانية (وأخيرة بنص الدستور)، فقد اخترت أن يكون عنوان هذا المقال: "مأمورية الشباب ومكافحة الفساد"؛ بناءً على الشعار الذي تبناه فخامة الرئيس في أثناء حملته الانتخابية.
مع أنني كنت أفكر في أن يكون العنوان: "مأمورية الأمل"؛ بناء على ما يُتداوَل في بعض المنصات الإلكترونية والمجموعات الواتسابيّة الموريتانية (بخاصة) من آراء وأفكار مُحبَطة ومُحبِطة؛ من شأنها أن تجعل المواطن الموريتاني يفقد الأمل في الإصلاح !
ولعل الاهتمام بالشباب ومكافحة الفساد، يخلق أملا جديدا مبشرا بالإصلاح المنشود؛ فالشباب هو مستقبل الأمة، ومكافحة الفساد هي الترياق الشافي من كل العلل. لا تعارض إذنْ بين العنوانيْن (مأمورية الشباب ومكافحة الفساد، ومأمورية الأمل)؛ فلا أمل في تنمية شاملة ومستديمة في ظل الفساد (بمختلِف أنواعه وأشكاله)، ولا أمل في النهوض بالأوضاع دون التمكين للشباب. علما أن الأمل شيء مهم في حياة الناس؛ يقول الطغرائي:
أُعَلِّلُ النَّفْسَ بِالْآمَالِ أَرْقُبُهَا * مَا أَضْيَقَ الْعَيْشَ لَوْلَا فُسْحَةُ الْأمَلِ ! أهنئ السيد الرئيس/ محمد ولد الشيخ الغزواني بفوزه بثقة الشعب الموريتاني، وأرجو له التوفيق في مأموريته الثانية.