لم يتراجع الحراك الرافض لنتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في موريتانيا يوم 29 يونيو/حزيران المنصرم، والذي يقوده بيرام الداه اعبيد صاحب المركز الثاني في هذه الانتخابات، عن مواقفه ومحاولاته تأليب الشارع وتعبئة نشطائه، رغم أن المجلس الدستوري أغلق ملف الانتخابات منذ الثاني يوليو/تموز الجاري بقرار غبر قابل، دستورياً، للاستئناف.
وفي هذه الأثناء، يستعد الرئيس الغزواني لحفلة تنصيبه المقررة بحضور عدد من زعماء العالم، فاتح آب/أغسطس المقبل، كما تتواصل داخل مطبخ قراره المشاورات حول تشكيل الحكومة المنتظرة التي يريدها دعاة التغيير من أنصاره، حكومة شابة قوية قادرة على تدارك ما فات خلال المأمورية الأولى.
ورفضت السلطات الموريتانية الترخيص لمسيرة كان الحراك الرافض لنتائج الانتخابات يسعى لتنظيمها أمسالخميس دون التقيد بترخيص الإدارة، بل على أساس أن التظاهر حق سياسي يكفله القانون.
وتمكن نشطاء سياسيون في المهجر مناصرون لحراك الرفض من تنظيم وقفات احتجاجية على ما يسمونه “تزوير إرادة الشعب” وذلك في مدن أمريكية وأوروبية.
كما رفضت السلطات الترخيص لحركة “إيرا” التي يرأسها ولد اعبيد، بتنظيم مسيرة بمدينة روصو جنوب موريتانيا خاصة برفض نتائج الانتخابات، بحجة أن الحركة منظمة غير حكومية وغير سياسية.
وأكدت السلطات في رسائلها الخاصة برفض التظاهر ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة “أن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري لم يتوصلا بأي طعن ضد هذه النتائج خلال الآجال المحددة، وأن المجلس الدستوري أعلن عنها بشكل نهائي، وأن قرارات المجلس غير قابلة للطعن، وفقاً للمرجعيات القانونية المعمول بها”.
وأعلن بيرام الداه اعبيد، قائد حراك الرفض “أن حراكه كان ينوي تنظيم مسيرة ضحى الخميس للاحتجاج على تزوير إرادة الشعب الموريتاني، والقتل العمد، والتعذيب والحبس الذي مورس على المواطن الموريتاني، ولكن السلطات رخصت لهم بدلاً من المسيرة، تنظيم مهرجان يوم الأحد المقبل”.
وأكد “إصرار نشطاء الحراك على حقهم في العمل السياسي المشرَّع والمشروع، وفي حال ما إذا رفُض لهم ذلك الحق، فإنهم سيمارسون نشاطهم النضالي السلمي شاء ذلك من شاء وأبى من أبى، وهم يتحملون مسؤولية كل ما سيقومون به”، حسب تعبيره.
وأشار ولد اعبيد إلى أنه “هو من كان سيقود المسيرة التي كانت مقرراً أن تنطلق صباح الخميس من ملتقى صباح لتتجه إلى مقر اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات”، معلنة “رفضها لنتائج الانتخابات الأخيرة جملة وتفصيلاً”.
وأكد أنهم تسلموا الترخيص لمهرجان سينظم مساء الأحد في ساحة المطار القديم، وهو مهرجان -يضيف ولد اعبيد- خاص بالمعارضة المنافحة ضد التزوير وضد النظام البائد، وضد القتل والتعذيب والحبس التعسفي للمواطنين، داعياً “كل الموريتانيين لحضوره”.
وتتزامن هذه التطورات مع جدل مشتعل حول الموقف من حراك رفض الانتخابات بين من تؤيده، وغالبية ترى فيه “خروجاً عن القانون ودعوة للفوضى”.
وانتقد المدون المؤثر والمعارض الطالب عبد الودود، قرار السلطات الخاص بالسماح لحراك الرفض بتنظيم مهرجان بدلاً من مسيرة، وقال: “النظام يريد أن يحفظ لبرام (قائد الحراك) ماء وجهه بعد التسرع في التصعيد بدون أدلة، حيث لم يقدم طعناً في المسرحية الانتخابية”.
وقال: “النظام أعطى لبرام مخرجاً من المأزق الذي وضع نفسه فيه؛ أعطاه ساحة المطار القديم لجمع ما تيسر له من أتباع، وهذا العرض ليس جديداً، وكان بيرام يرفضه ويبدو أنه قبل به، وهو يرى ما يحدث لمحمد ولد عبد العزيز الرئيس السابق”.
وأضاف: “بيرام داهية، ويعرف بأن المسيرة في النهاية ستكون قيامته وستُعطي حجة لولد احويرثي (وزير الداخلية) الرئيس الفعلي لمراغستان (موريتانيا)، بسجنه 10 أو 15 عاماً، ولن ينفعه حينها تحمس أهل الداخل والخارج”.
وعلقت المدونة وفاء سيدي على قضية المسيرة والمهرجان قائلة: “بيرام الداه اعبيد، الذي اعترف علانية بنيته تنظيم مسيرة جديدة يوم الخميس القادم، يُظهر بتصرفاته هذه استفزازاً خطيراً وتصعيداً إضافياً للوضع المحتقن بالفعل؛ فأفعاله هذه لا تمثل فقط تحدياً صارخاً لسلطة القانون، بل أيضاً تهديداً واضحاً للأمن الوطني واستفزازاً لمشاعر المواطنين الموريتانيين الذين يتطلعون إلى السلام والاستقرار”.
عبد الله مولود
نواكشوط ـ «القدس العربي»: