أعلنت الحكومة الموريتانية الخميس، عن سلسلة إجراءات لضبط دخول الأجانب من منافذها الحدودية، وذلك في مواجهة تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضيها، وخاصة القادمين عبر حدودها مع السنغال ومالي.
وفي مقدمة هذه الإجراءات التي أقرتها اللجنة الوزارية المكلفة بإشكالية الهجرة غير الشرعية، “مراجعة المقرر المتعلق بنقاط العبور، وتجهيز نقاط العبور بتطبيق معلوماتي يسمح بضبط دخول الأجانب”.
وقررت اللجنة الوزارية كذلك “العمل على تعديل بعض الإجراءات الخاصة بمنح التأشيرة لتسهيلها وضبطها، وإعداد مدونة قوانين الهجرة، وتوفير الحلول الرقمية لدعم قدرات قوات الأمن والسلطات الإدارية وتعزيز جاهزيتها لمراقبة الحدود”.
وكلف المختار أجاي رئيس الوزراء ورئيس اللجنة الوزارية المذكورة “لجنة فنية بالتنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية بقضايا الهجرة ودخول الأجانب والإدارة الإقليمية لتقديم مقترحات فنية تُمكن من تنفيذ المكونات المتبقية من خطة العمل الخاصة بالبرنامج الوطني لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وتقديمها إلى اللجنة الوزارية في أقرب وقت للمصادقة عليها”.
وهذا هو الاجتماع الثالث الذي تعقده اللجنة الوزارية المكلفة بإشكالية الهجرة غير الشرعية في غضون شهرين، وفقاً لإيجاز إخباري صادر عن رئاسة الوزراء، وقد خصص هذا الاجتماع وفقاً للإيجاز، “لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لتطوير وتحديث وتنسيق المنظومة الوطنية الموريتانية لمكافحة ظاهرة الهجرة”.
وأكد الإيجاز “أن الاجتماع خصص لمتابعة تنفيذ قرارات الاجتماع السابق، وعرض ومناقشة تقرير اللجنة الفنية متعددة القطاعات حول ما تم إنجازه، ومدى فاعلية الآليات المتبعة حتى الآن لمكافحة الهجرة غير الشرعية إلى موريتانيا، بالإضافة إلى استعراض الإمكانات المتاحة وما يجب توفيره لتحقيق نتائج ملموسة على المدى القصير”.
وفي عرضه لتأطير النقاش، شدد الوزير الأول على “الأهمية الكبيرة التي توليها الحكومة للبرنامج الوطني لمكافحة الهجرة غير الشرعية”، مؤكداً “ضرورة إطلاق ديناميكية جديدة ترتكز على تأمين المجال الترابي، وتنظيم الإقامة والمرور في البلاد، مع الالتزام بجميع الاتفاقيات التي أبرمتها موريتانيا في هذا المجال”.
وتأتي هذه الإجراءات في ظل تنفيذ الحكومة الموريتانية لمذكرة تفاهم مع إسبانيا مركزة حول كبح تدفق المهاجرين، وفي وقت توصلت موريتانيا فيه لتفاهمات مع الأوروبيين حول ظاهرة الهجرة.
وتختلف موريتانيا عن الدول المغاربية التي وقعت تفاهمات سابقة مع الأوروبيين بشأن استضافة المهاجرين على أراضيها، لأن السكان الموريتانيين لا يتجاوزن خمسة ملايين نسمة، ومن ضمنهم أعراق لها امتدادات وجذور إثنية في دولتي مالي والسنغال المجاورتين منطقة غرب أفريقيا؛ ويسود تخوف كبير من أن السماح بتوطين المهاجرين قد يؤدي لخلل في التركيبة الديموغرافية للسكان.
هذا، وتأتي هذه الترتيبات إثر تنفيذ الحكومة الموريتانية لسلسلة إجراءات لتصحيح وضعية إقامات الأجانب على الأراضي الموريتانية، حيث افتتحت وزارة الداخلية الموريتانية مركزا خاصا باستقبال الأجانب الراغبين في البقاء على الأراضي الموريتانية كمقيمين شرعيين، وتقييدهم ضمن السجل الوطني للوثائق المؤمنة.
وأكدت الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة في توضيحات لها عن القضية “أن هذه الخطوة تستهدف تعزيز علاقات موريتانيا بباقي دول العالم عبر تقريب جميع الخدمات التي يكفلها القانون الدولي لأفراد الجاليات المقيمين في موريتانيا”.
وأوضحت “أن هذا الإجراء يدخل في إطار ضبط السجل الوطني للوثائق المؤمنة الذي يشكل ركيزة أساسية في المقاربة الأمنية التي تبنتها موريتانيا لتعزيز الأمن والسلم الأهلي في عموم البلاد”.
وتشترط وكالة الوثائق المؤمنة المسؤولة عن منح الإقامات للأجانب، على الأجنبي الراغب في الإقامة أن يتقدم بملف يشتمل على طلب مكتوب وجواز سفر أو بطاقة تعريف صالحة لمدة خمسة عشر شهراً، وشهادة خلو من الأمراض المعدية وبطاقة براءة قضائية، إضافة إلى شهادة عمل.
وفرضت موريتانيا عام 2012 على جميع الأجانب التقيد ببطاقة الإقامة معلنة أن الداعي لذلك هو أولاً وقبل كل شيء، تأمين البلد بمعرفة من يعيشون ويتنقلون فيه.
وبدأت السلطات الأمنية عمليات مراقبة الأجانب عام 2013 على مستوى مدينة نواذيبو التي تقع على بعد 465 ميلاً من العاصمة والتي يعيش فيها المئات من الأجانب غير الحاصلين على بطاقات الإقامة.
وتوسعت الإجراءات الأمنية المشددة بعد ذلك نحو العاصمة نواكشوط التي يعيش فيها المئات من المنتمين لجنسيات مختلفة.
وتعاني موريتانيا منذ عدة سنوات من تدفق اللاجئين إليها من منطقة الساحل والصحراء، وتوقع برنامج الأغذية العالمي وصول 100 ألف لاجئ جديد إلى موريتانيا قادمين من مالي المجاورة خلال السنة الجارية.
وخلال قمة الهجرة المنعقدة في روما منتصف عام 2023، قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إن موريتانيا تعد منطقة وصول للمهاجرين مثل ما هي منطقة عبور نحو دول الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن بلاده تستضيف 100 ألف لاجئ من دولة مالي وحدها.
وفي الوقت الذي تبحث فيه الحكومة الموريتانية عن دعم دولي في مواجهة تكاليف اللاجئين، يوجد في موريتانيا ما يناهز 57% من عدد السكان البالغ نحو 5 ملايين، في حالة فقر متعددة الأبعاد من حيث انعدام التعليم والصحة وظروف المعيشة وانعدام فرص العمل.
عبد الله مولود
نواكشوط –«القدس العربي»