سيطر الجيش اللبناني الاثنين على منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس (شمال) بعد ثلاثة ايام من المعارك مع مسلحين اسلاميين يشتبه بتاييدهم جماعات متطرفة تقاتل في سوريا، حولت الحي الفقير الى منطقة منكوبة فر منها الاف المدنيين.
وقال متحدث عسكري ان “الجيش سيطر على منطقة حي التبانة” السني الواقع في شمال المدينة، بعد معارك في طرابلس وجوارها قتل فيها 11 عسكريا وخمسة مدنيين.
وافاد مراسل فرانس برس في المدينة ان قوات من الجيش دخلت الحي وبدأت بتمشيطه وتنفيذ عمليات دهم وضبط اسلحة وتفكيك الغام تركها المسلحون.
واصدرت قيادة الجيش من جهتها بيانا يؤكد ان وحدات من الجيش تستمر “في تنفيذ عملياتها العسكرية في مدينة طرابلس ومحيطها”، وقد “تمكنت من دخول آخر معقل للجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة التبانة”.
واشار البيان الى ان الجيش اعتقل عددا من المسلحين “فيما تمكن آخرون من الفرار مستفيدين من طبيعة المباني السكنية، بعد أن أقدموا على زرع عبوات وتفخيخات في الأحياء السكنية وخصوصا في محيط مسجد عبدالله بن مسعود حيث يعمل الجيش على تفكيكها”.
كما تمّ العثور في المنطقة، بحسب الجيش، “على مخازن أسلحة ومعمل لتصنيع المتفجرات”، مشيرا الى انه يجري استقدام تعزيزات اضافية وتعقب “بقايا المجموعات الإرهابية”، ويقوم ب”مداهمة المناطق المشبوهة كافة”.
واوضح المصدر العسكري ان عدد المسلحين الذين جرى اعتقالهم بلغ 162 شخصا.
وحي باب التبانة فقير جدا، والابنية والمساكن فيه عشوائية بمعظمها ومتلاصقة.
ويكتفي الجيش بوصف المجموعات المسلحة في طرابلس ب”المجموعات الارهابية”. وبحسب مصادر السكان ومسؤولين محليين ومصادر امنية، فهذه المجموعات تضم اسلاميين بعض قادتها مرتبط ب”جبهة النصرة”، الفرع السوري لتنظيم القاعدة.
وكانت المعارك التي اندلعت في وسط مدينة طرابلس الجمعة وامتدت الى منطقة المنية المجاورة قبل ان تتركز في باب التبانة، توقفت خلال ليل الاحد الاثنين. وقال مراسل فرانس برس ان عددا كبيرا من المسلحين اختفوا من الحي حيث كانوا يتحصنون .
وسمعت اصداء اطلاق نار عشوائي صباحا.
وبعد نداءات من السكان العالقين في الحي ووساطة من كبار رجال الدين، سمح الجيش لالاف المدنيين بالهرب مساء الاحد. وحتى صباح الاثنين، لم يكن هؤلاء المهجرون الذين لجأوا لدى اقارب او في مدارس عادوا الى الحي الذي هجره 70% من سكانه.
وعمت فوضى مساء الاحد لدى مغادرة الناس من كل الاعمار الحي، اذ شوهدت عشرات النساء بثياب النوم اللواتي يخرجن برفقة رجال يحملون اطفالا وآخرين يساعدون مسنين.
واعلنت السلطات ان المدارس والجامعات في طرابلس مغلقة الاثنين بسبب المعارك.
وتسببت عمليات القصف باحتراق عشرات المنازل والمتاجر في وسط المدينة وفي باب التبانة حيث يعيش اصلا مئة الف شخص.
وشهدت طرابلس منذ ثلاث سنوات جولات عديدة من المواجهات الدامية على خلفية النزاع السوري، بين سنة متعاطفين مع المعارضة السورية وعلويين مؤيدين للرئيس بشار الاسد. وكانت المعارك تتركز على محور باب التبانة (سنة) وعلويين (جبل محسن).
لكنها المرة الاولى التي تدور فيها معارك بهذا العنف في وسط “عاصمة شمال” لبنان بين الجيش والمسلحين الاسلاميين.
وتأتي هذه المعارك وسط شعور في الاوساط السنية اللبنانية “بالغبن” واتهامات من بعض هذه الاوساط الى الجيش اللبناني بغض الطرف عن حزب الله الشيعي اللبناني الذي يقاتل الى جانب قوات النظام السوري داخل سوريا ويتنقل عبر الحدود بسلاحه، مقابل استهداف المجموعات السنية.
واصدرت “جبهة النصرة” خلال الساعات الماضية سلسة بيانات هددت فيها، ردا على معارك طرابلس، باعدام فجر الاثنين احد الجنود اللبنانيين الذين تحتجزهم رهائن منذ آب(اغسطس)، لكنها لم تنفذ وعيدها.
وتحتجز الجبهة وتنظيم “الدولة الاسلامية” 27 جنديا وعنصرا في قوى الامن خطفتهم من بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا بعد معركة بين الجيش اللبناني ومسلحين متطرفين وصلوا من سوريا ومن داخل مخيمات للاجئين السوريين في عرسال.
القدس العربي