لا شغل، هذه الأيام، للموريتانيين والموريتانيات المنضوين تحت لواء الرباط الوطني الموريتاني لدعم الشعب الفلسطيني والهيئات الشعبية الأخرى الناشطة في المجال، سوى التبرع بما لديهم لتمكين الأهالي في غزة من الصمود أمام حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الصهيوني ضدهم مدعوماً بتواطؤ عالمي سافر، مع مواصلة الاحتجاجات أمام مقر الأمم المتحدة ومبنى السفارة الأمريكية في نواكشوط.
وبدأت أمس الأربعاء، التحضيرات لمسيرة الجمعة المقرر تنظيمها تحت عنوان “غـزة ثبات وصمـود”، والتي ستنطلق من الجامع الكبير وسط العاصمة، نقطة التجمع المحددة لهذا النشاط الاحتجاجي الكبير المتواصل منذ انطلاقة طوفان الأقصى.
وافتتحت الأربعاء أجنحة سوق غزة الذي خصصه الرباط الوطني الموريتاني لبيع التبرعات العينية وإرسال حصيلتها النقدية إلى الأهالي في غزة وإلى المقاومة.
ويُعتبر سوق غزة في موريتانيا مبادرة فريدة تُجسِّد روح التضامن الشعبي مع الأشقاء في غزة ومع المقاومة الفلسطينية.
ويُتيح هذا السوق المفتوح فرصة لتحويل التبرعات العينية، مثل الملابس الفاخرة، والأفرشة الراقية، وطواقم الذهب، وحتى السيارات، إلى موارد مالية تُرسل لدعم صمود أهل غزة ومساندتهم في مواجهة تحديات الحصار الإنساني والمعيشي الذي يفرضه عليهم المحتل الصهيوني الحاقد.
ويُقبل الموريتانيون والموريتانيات بكثافة على هذا السوق المكتظ بمختلف أنواع السلع، حيث يجمع بين العمل الخيري والحصول على منتجات مميزة، ما يعزز دوره كمنصة للتعاون المباشر بين الأفراد والقضية الفلسطينية.
ويُمثل السوق نموذجًا للإبداع في استثمار الموارد الشعبية لخدمة القضايا العادلة، ويؤكد التزام الشعب الموريتاني بتقديم الدعم المستمر للأشقاء في فلسطين، تجسيدًا لروح الأخوة والتكافل. وكانت القضية الفلسطينية والتضامن مع المقاومة محور الخطب والنقاشات التي جرت حفل عشاء سياسي نظمه حزب جبهة المواطنة والعدالة الموالي للرئيس الغزواني أمس، على شرف نساء سياسيات من فلسطين، والجزائر، والمغرب، والسنغال، وغينيا، وكوت ديفوار، يقمن بزيارة لموريتانيا هذه الأيام.
وكان الحفل مناسبة للتذكير بتجديد حزب المواطنة والعدالة دعمه اللامحدود للقضية الفلسطينية، مع تضامنه اللامشروط مع الشعب الفلسطيني البطل.
وشاركت في هذا النشاط الأسيرة الفلسطينية المحررة سمر صبيح، ورباب عوض الأمينة العامة لائتلاف المرأة العالمي للقدس وفلسطين، وأسماء الأحمد نائبة الأمينة العامة.
وفي السياق نفسه، نظمت المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني وللدفاع عن القضايا العادلة مهرجاناً جماهيرياً في المعهد الجامعي المهني بمشاركة وحضور الأمينة العامة لائتلاف المرأة العالمي للقدس وفلسطين الأستاذة رباب عوض، ونائبة الأمينة العامة الأستاذة أسماء الأحمد.
وأكد رئيس المبادرة الطلابية أحمد الطالب بونا، في كلمة بالمناسبة، على تمسك المبادرة بخيار المقاومة والسعي الدؤوب في توعية الطلبة بواجبهم اتجاه القضية، وإسناد الطوفان المبارك طوفان الأقصى.
وعرضت الضيفات الفلسطينيات خلال المهرجان نماذج أسطورية من كفاح أهل غزة الصامدين والأسرى الأحرار خلف قضبان سجون الصهاينة المجرمين ودفاعهم عن شرف الأمة وبذلهم التضحيات الجسام في سبيل تحرير الوطن والمسرى. وفي جانب الإغاثة، أمضى الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني ممثلاً بأمينه العام شيخان بيب، مع إدارة مؤسسة النور العالمية للمرأة والطفل ممثلة بأسماء أسماء سعيد أوغلو، نائبة رئيس مجلسها، أمس اتفاقيات تعاون مع مؤسسة النور العالمية للمرأة والطفل، حول تنفيذ مشاريع إغاثية تستهدف النساء والأطفال النازحين جراء الحرب المدمرة التي يشنها الكيان الصهيوني الغاصب.
وشملت هذه الاتفاقيات تجهيز وتوزيع 500 حقيبة صحية مخصصة لتلبية احتياجات النساء والأطفال النازحين؛ وتحتوي هذه الحقائب على مستلزمات أساسية للصحة والنظافة الشخصية، بما يساهم، وفقاً للرباط، “في تحسين الظروف المعيشية للمستفيدين والتخفيف من معاناتهم في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها منذ ما يزيد على سنة من الحرب الغاشمة”.
ومن المتوقع أن يتم تنفيذ هذه الاتفاقيات خلال الأسابيع المقبلة تحت إشراف مشترك من الطرفين لضمان وصول المساعدات بأسرع وقت ممكن للمستفيدين. وفي كلمة بالمناسبة، عبّر شيخان عن أهمية هذه الشراكة الإنسانية التي تجسد روح التضامن بين المؤسسات الداعمة للقضية العادلة قضية فلسطين، مشيراً إلى “أن هذه المبادرة تأتي ضمن سلسلة الجهود التي يبذلها الرباط لدعم المتضررين من الحرب في قطاع غزة”، مؤكدًا “التزام الرباط بمواصلة العمل لتحقيق أكبر أثر ممكن على المستفيدين”. وفي سياق التبرعات، تسلم الرباط الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني من جمعية “أمة الخير” الموريتانية غير الحكومية، مبلغ 6 ملايين و32 ألف أوقية قديمة.
أما مجموعة تندغه الواتسابية، فقد سلمت تبرعاً بمبلغ 88 مليوناً و450 ألف أوقية قديمة مهداة للشعب الفلسطيني المحاصر (حوالي 221 ألف دولار).
وتبرعت مبادرة “الدّمانِيّات ناصرات غـزة” الموريتانية النسوية بتمويل تجهيز وتوزيع وجبات ساخنة على مئات النازحين في جنوب قـطاع غـزة، لمساعدة الأهالي في مواجهة المجاعة التي تجتاح القطاع تزامناً مع فصل الشتاء القارس وهطول الأمطار الغزيرة.
وأكمل المنتدى الإسلامي الموريتاني أمس، توزيعه لدورة جديدة من برنامج السلات الغذائية التي استفادت منها حتى الآن 370 أسرة من أهالي غزة المحاصرين والمشردين، وذلك ضمن برنامج المنتدى الإغاثي لأهلنا في القطاع، والذي بدأ تنفيذه قبل أيام.
وتبرع فاعل خير موريتاني فضل عدم ذكر اسمه، بتمويل اقتناء وتوزيع كميات كبيرة من أكياس الطحين على عشرات الأسر النازحة في شمـال غزة.
ويأتي هذا المشروع الإغاثي الجديد في الشمال المحاصر، استمراراً لحملة المنتدى الإسلامي الإغاثية التي تنوعت بين توزيع السلات الغذائية وتوزيع الخبز والطحين وسقيا الماء والطرود الصحية، وبين التوزيعات النقدية وكفالة الأيتام وبناء المصليات ورعاية حِلق التحفيظ وتكريم عمال الأوقاف .
عبد الله مولود
نواكشوط –«القدس العربي»