خلفيات ذوبان الجليد في العلاقات بين المغرب و موريتانيا

أربعاء, 2014-10-29 11:58

يعود الدفء تدريجيا إلى أوصال العلاقات المغربية الموريتانية بعد فتور دبلوماسي دام عدة شهور، حيث أبلغ الملك محمد السادس أخيرا رسالة شفوية إلى الرئيس الموريتاني، محمد ولد العزيز، مضمونها دعوة الرباط إلى تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

نواكشوط ردت سريعا على رسالة الرباط بإعلان قرب تعيين سفير لها بالمملكة في الأيام المقبلة، بعد أن كان منصب سفير موريتانيا بالمغرب شاغرا منذ أزيد من عامين، حيث كانت الدبلوماسية الموريتانية ممثلة بالقائم بأعمال السفارة فقط.

وكان الرئيس الموريتاني قد استقبل، يوم الخميس الماضي، وزير الخارجية، صلاح الدين مزوار، الذي كان مكلفا بإبلاغه رسالة شفوية من الملك، قبل أن يعلن الناطق باسم الحكومة الموريتاني، أيزيد بيه ولد أحمد محمود، عن قرب تعيين سفير لموريتانيا بالرباط.

وأكد المسؤول الحكومي أن غياب سفير موريتاني بالرباط في السنتين المنصرمتين، لم يكن مؤشرا على فتور في العلاقات الثنائية مع المملكة، معتبرا أن هذه العلاقات ظلت في قمتها خلال هذه الفترة رغم كل ما قيل وأشيع حول وجود توترات دبلوماسية بين البلدين.

وأبرز الوزير الموريتاني أن ما تم ترويجه طيلة الفترة الماضية بخصوص العلاقات بين الرباط ونواكشوط لم يكن سوى "شائعات وتخمينات" غير صائبة، نشرتها وسائل الإعلام المختلفة"، مضيفا أن "بعض الظن إثم" لأن العلاقات بين البلدين الجارين بخير".

وسبق الدفء العائد أخيرا بين المغرب وموريتانيا زيارة قام بها وزير الداخلية الموريتانِي، محمد ولد أحمد سالم ولد محمد رارة، للرباط في الأسبوع الماضي، بهدف التنسيق الأمني في سياق جيوسياسي مضطرب، وانتشار السلاح والجماعات الإرهابية في بعض بلدان المنطقة.

ويعلق الدكتور خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة، على تأرجح العلاقات بين المغرب وموريتانيا بين التقارب والتباعد، بأنها تتأثر بمحددين أساسيين، حيث إن المحدد الأول جيوسياسي مرتبط بالتفاعل مع المحيطين القريب والبعيد".

ويشرح شيات بأن المحدد الأول يتمثل في الدور الذي يتصوره المغرب لموريتانيا في علاقتها مع الفضاء المغاربي، والبعد الإفريقي له، والتصور الجزائري للدور الموريتاني باعتبارها مرتكزا للسياسات الجزائرية بالمنطقة المغاربية ومع دول الساحل والصحراء.

وأفاد المحلل بأن "هناك فاعليْن متناقضيْن أحيانا على المستوى الإقليمي، وموريتانيا تعي ذلك وتتحمل أحيانا تبعات هذا التناقض، وأحيانا أخرى تجني ثماره، وهي منذ مدة اختارت سياسة محايدة اتجاه قضية الصحراء، لكنها لا يمكن أن تتجنب "الحتمية الجغرافية".

وتابع "من المحددات الأخرى الآنية الضوابط التي تتحكم في المعطيات الجيوسياسية، مثل القرب أو البعد من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، أو تأثير قضايا الجماعات المقاتلة والإرهاب، أو إشكالات قانونية واقتصادية في مجال الصيد البحري والتعاون الاقتصادي.

أما البعد الثاني، وفق شيات، فتأخذ فيه المعطيات السياسية بعدا محوريا، حيث تعتبر العلاقات المغربية الموريتانية ضحية مشاكل سياسية متعددة، منها المآل المحتمل لقضية الصحراء، والتقاطبات الداخلية بموريتانيا، وتأثير الاتجاهات الجهادية، والدور الجزائري بالمنطقة".

ولفت المتحدث إلى أن التحرك المغربي يدخل في سياقات متعددة، منها التوجه الإفريقي العام، وموازنة المغرب لسياسته الخارجية مع القوى الطاقية الإقليمية، وعلى رأسها الجزائر في منطقة الساحل والصحراء، وفتح باب جديد في وجه التغلغل في السياسات الإفريقية للمغرب"

 

"هسبريس"