
بقلم: أم كلثوم بنت البح
من أسوأ لحظات العاطفة في زمننا هذا أن يغيب العقل والمنطق، ويطغى الحديث الكاذب غير المؤسس لا على خلق ولا قانون.
ومن ذلك، الادعاء بأن ولد عبد العزيز لم يستفد من تمييز قضائي غير مسبوق في تاريخ المتهمين والمدانين من رؤساء ومسؤولين. وإليكم الأمثلة:
• المختار ولد داداه: أين سُجن؟ سُجن في ثكنة عسكرية أولا، ثم في قلعة ولاته، بعيدًا عن الأهل والأقارب، ومكث هناك عدة سنوات دون محاكمة ولا قرار قضائي.
• ولد هيداله: رئيس سابق سُجن في سجون سرية، ونقل إلى منطقة نائية في ظروف مناخية صعبة، ولم يتلق أي علاج رغم معاناته الشديدة من المرض.
• سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله: سُجن في مكان سري لمدة شهور، لم يلتقَ خلالها محاميًا ولا زائرًا، وحتى طبيب أسنانه الدكتور ولد السالم لم يُسمح له بنقله إلى عيادته. ومن فعل به ذلك هو ولد عبد العزيز نفسه.
أما عزيز فقد استفاد، رغم جسامة التهم المتعلقة باختلاس المليارات، من تمييزات عدة، أولها:
حقه القانوني الكامل في اختيار هيئة دفاعه، وفي إطلاق التصريحات يمينًا ويسارًا، وقد حوكم في جلسات علنية، اتخذ منها منابر خطابية وزع خلالها رسائل سياسية، وكال فيها بالتهم نحو غيره، وتحدث لعشرات الساعات.
وهو الوحيد من بين المتهمين بهذا النوع من الجرائم الذي طلبت له النيابة العامة المراقبة القضائية، ولم تطلب إيداعه السجن.
ولما حُكم عليه وقرر القضاء سجنه، لم يُسجن مع غيره في سجون البلاد، بل خُصص له منزل من طابقين في أحد أرقى أحياء العاصمة، ووفرت له فيه سبل الراحة، ووسائل الرياضة. بل أكثر من ذلك: ظل يختار أطباءه بنفسه، ويحدد المكان الذي يتعالج فيه، وهو السجين الوحيد الذي يُسمح له بالتنقل إلى عيادة خاصة من اختياره.
هذا الرجل الذي يستفيد من هذا التمييز غير المسبوق – وبالمناسبة، من وجهة نظر حقوقية، أطالب بتوسيع هذه الميزات لتشمل جميع السجناء – هو نفسه الذي سجن رجال الأعمال مع المجرمين في سجن واحد، وسجن الوزير الأول والرئيس الأسبق، ومنعهم من حقوقهم في العلاج.
لم يحظَ بسجن خاص في عهده إلا رجال المافيا: بارون “الوقاته”، الذي سُجن شهرًا في تفرغ زينه، والسنوسي، وصاحب صناديق “أكرا”.
هذه هي الحقيقة التي لا يريد أحد أن يسمعها اليوم.
فبأي منطق يُقال إن عزيز لم يستفد من امتيازات، وهو الوحيد من بين آلاف السجناء المدانين بتهم أخف من تهمه، الذي يتجول بين العيادات الخاصة، ويختار – على نفقة الدولة – من يعالجه من الأخصائيين؟
مالكم كيف تحكمون؟