لقاهرة/ حسين القباني/ الأناضول-
طرح النائب بالبرلمان العربي والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين، على فتح الباب، مبادرة جديدة للحوار بين السلطات المصرية والجماعة التي أطيح بها من السلطة في يوليو/ تموز 2013، لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.
وحدد فتح الباب، في مقابلة مع وكالة “الأناضول”، 3 مبادئ أساسية تسند إليها المبادرة، التي تعد أول مبادرة للحوار تصدر من قيادي بالإخوان، وأولها إبداء جميع الأطراف استعدادها الدخول في حوار يهدف لإعلاء مصلحة الوطن، وثانيها، وجود ضمانات لتنفيذ ما تسفر عنه المحادثات، أما ثالث المبادئ، فهو تدخل أطراف ثالثة لتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة؛ السلطة والإخوان.
وأكد فتح الباب، الذي تزعم الأغلبية في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان قبل حله بحكم قضائي)، أن دعوته شخصية ولا تمثل جماعة الإخوان، متوقعا أن تجلب له انتقادات واتهامات.
وإلى نص الحوار:-
هل تعتقد أن الحوار هو المخرج الوحيد من الأزمة الحالية بين تيار الإسلام السياسي والسلطات الحالية
بالتأكيد.. الحوار وإعلاء مصلحة الوطن يؤديان إلي حل الأزمة التي نمر بها.
هل هذه مبادرة جديدة للحوار بين أطراف الأزمة؟ وما مبادئها الأساسية؟
نعم، هي مبادرة لا تعبر عن الإخوان، ولا أي طرف آخر، وأعلم أنها قد لا ترضى طرفا هنا أو هناك، وقد تلحق بي اتهامات عديدة، ولكني لا أبتغي إلا مصلحة الوطن.
أما محددات الحوار، فتبدأ بإعلان جميع الأطراف أن لديهم استعداد ونية جادة للحوار يكون هدفه إعلاء مصلحة الوطن وليس فصيل أو تيار، ويأتي بعد ذلك، ضرورة وجود ضمانات لتنفيذ ما يتم التواصل إليه على طاولة الحوار، حتى لا يكون الأمر مجرد كلام للاستهلاك الاعلامي.
كما يتعين ادماج أطراف أخري تكون محل ثقة وتقدير، ليكون لهم دورا فاعلا في الحوار وتقريب وجهات النظر، فليس هناك مشكلة بدون حل وليس هناك حل بدون ثمن، ولابد لكل الأطراف تحمل مسؤولية دفع الثمن.
هل هناك تفاصيل أخرى عن الخطوط العريضة للمبادرة
لا أستطيع أن أطرح تفاصيل أكثر من ذلك في هذا التوقيت والموقف، فلابد أن نتفق علي المبدأ قبل التفاصيل، ولا أستطيع أيضا أن اتكلم باسم النظام الحالي، ولا باسم الإخوان، ولا باسم المعتقلين، ولا الشهداء .. لا استطيع أن أتكلم باسم كل هؤلاء، أنا فقط أطرح مبادئ عامة.
ما هي الأطراف المعنية بالحوار؟
الإخوان ومؤسسة الرئاسة.. ويجب أن يعلن الجميع أنهم جادون في إجراء حوار لإعلاء مصلحة الوطن. وفي النهاية نحن نري الأعداء يجلسون سويا فلماذا لا نجلس نحن؟.. ففي الحرب العالمية سقط ملايين القتلى، وبعدها بـ 10 سنوات عقدت اتفاقية سلام بين فرنسا وألمانيا وصار هناك الاتحاد الأوربي والبرلمان الأوروبي، رغم اختلاف العقائد والمصالح، ونحن أبناء شعب واحد ووطن واحد وينبغي ألا نضيع جهودا وأوقاتا ودماء ذكية لأن المتضرر هو الوطن العزيز والجميع مسؤول عما حدث ويحدث.
من تحمله بشكل أساسي مسؤولية ما حدث بمصر؟
بشكل محدد (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي والإخوان.. الطرفان مسؤولان بشكل أساسي عما حدث في الفترة الماضية بما تضمنته من ايجابيات وسلبيات. وإعلان كل طرف مسؤوليته عما حدث سيهيئ مناخا للحوار.
والأمر لا يقتصر فقط على السيسي والاخوان، فهناك أجهزة كثيرة ووسائل إعلام وكتاب والأزهر والكنيسة وكثير من الجهات تتحمل المسؤولية، لكن نحن نحمل الطرفيين الأساسيين والمؤثرين.
هل تعتقد أن الإخوان والسيسي سيجلسون علي طاولة المفاوضات بشكل مباشر أم عبر وسطاء؟
مسألة أن السيسي يقبل أو يرفض، جماعة الإخوان تقبل أو ترفض .. لو أن هناك بديلا غير الحوار، كنا قلنا أن هناك أمامهم بدائل. ما نراه في المجتمع صراع ليست منافسة سياسية، وكل طرف حريص علي إلغاء الطرف الأخر وهذا ليس ممكنا. الوطن يمر بأزمات كثيرة ولابد أن نضع تحديا أمامنا؛ وهو قبول هذا الحوار للوصول بالوطن إلي بر الأمان.
في رسائل قصيرة، ماذا تقول للسيسي والجيش والإخوان؟
المشير السيسي: أنت من أبناء القوات المسلحة وتربيت علي عقيدة أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وننتظر منك خطوة مهمة ومطلوبة وضرورية؛ أن تعلن بشجاعة إجراء حوار ومصارحة ومكاشفة تعلي بها مصلحة الوطن وتنقذه مما يمر به الآن.
الجيش المصري: كلنا نضع ما نملك من أرواح وإمكانيات في سبيل أن تكون أقوي الجيوش، ولك مهام رئيسية هي حماية الوطن والأمن القومي، فلا تنزلق لمعترك السياسية.
الإخوان المسلمون: تاريخكم لا أحد ينكره من معاناة علي مدار عشرات السنين وملاحقة وسجن، وفي نفس الوقت مد يد الخير من خلال مؤسسات خيرية، وتعليمية، ونقابية، وصحية، ولا أحد ينكر هذه الأدوار. وكما طالبنا عبد الفتاح السيسي بالدعوة للحوار، نطالب الإخوان بقبول الحوار والتحلي بالمسؤولية، وتقديم مصلحة الوطن.
هل تحدثت مع أي من الأطراف عن هذه المبادرة؟
لم يحدث، وأنا أتحرك بوجهة نظر شخصية بالمعلومات المتاحة لديّ، وفي ظل رؤيتي دماء أبناء الوطن تسيل.. هذا يؤذيني ويؤذي كل صاحب ضمير، ولذا أكرر لابد أن نتفق علي المبدأ قبل الخوض في تفاصيل الحوار الذي يجب أن يعلن بشكل متزامن من الجميع.
هل يدفع الشعب وحدة الثمن في كل أزمة؟
الشعب المصري تحمل الكثير خلال السنوات الماضية وعانى عناءً شديدا، وسقط من أبناءه الألاف من شباب طاهر، وكل هذه الأشياء توضع في الاعتبار، ولكن لا يصح أن نقف محلك سر، ونستمر في استنزاف مزيد من قدرات الوطن وتسقط دماء المصريين الذكية في سبيل صراع سياسي داخلي.
لكن رافضو السيسي يرون ثمة ثورة مقبلة وأن التفاوض خيانة، كما يرفض مناهضو الإخوان فكرة الحوار معهم؟
التخوين وإقصاء الأخر مصطلحان لا يسمحان بتهيئة المناخ المناسب للحوار، وأنا أقدر انفعالات أهالي الشهداء، ولكن إذا تركنا الأمر إلي انفعالاتنا فقط، لن تتوقف، ومن ثم لابد أن يعلو صوت العقل والضمير.
ولو قامت ثورة، فلابد أيضا من الحوار، لأنه لو قامت ثورة لإسقاط النظام الحالي سيخرج من يحاول إسقاط النظام المقبل وسيظل المجتمع في حالة صراع.
هل الظروف الحالية تساعد على الحوار؟
للأسف.. لا تهيئ للحوار لأسباب منها الإعلام الموجه، ومعروف أن الاعلام قادر على لعب دور كبير في انجاح أو افشال الحوار، بجانب الحملات الأمنية والاقصاء والتخوين ومعاداة شباب الثورة والجامعات.
هل تنتظر تأيدا من الشباب لمبادرة الحوار؟
أنا أقدر انفعالاتهم وغيرتهم علي وطنهم ورفضهم للممارسات الأمنية، إلا أنهم إذا استشعروا أن هناك نية جادة للإصلاح والحوار وأخذ حق كل الشهداء الذين سقطوا علي أرض الوطن دون تميز، فأتصور أنهم سيتقدمون الصفوف المؤيدة لذلك الحوار.
ألم تيأس من فشل مبادرات سابقة للحوار؟
لا طبعا، أنا لا أفقد الأمل في أن يكون هناك حوار، ولا يوجد طريق آخر غير الحوار، والمبادرات السابقة للأسف لم يتم التحضير لها بشكل جيد، ولهذا تأتي أهمية وجود أطراف قريبة من الطرفين مع التحضير الجيد لهذا الحوار، وهما مسألتان يحتاجان لجهد.
هل تتوقع اندلاع ثورة جديدة في مصر إذا لم يبدأ حوار شامل؟
الثورات مثل الزلازل والبراكين، تأتي بشكل مفاجيء ولها دوافعها، ولا يمكن أن يتنبأ أحد بتوقيت حدوثها، لكن هذا الوضع المتوتر في مصر، ينذر بأشياء كثيرة ونحن نتمني لوطننا الاستقرار ومجلس نيابي قوي وجيش قوي ومؤسسات قوية.
هل ستترشح لانتخابات البرلمان المقبل؟
لا أفكر في الانتخابات القادمة خاصة وأنا لدي أزمة صحية معقدة في القلب وأحتاج لإجراء جراحة في الخارج، ولكن أبحث عن خبير يزور مصر ويجرى العملية على أرضها، لأني لا أريد أن أموت إلا علي أرضي وتراب بلادي.
يذكر أن فتح الباب، مثل جماعة الإخوان لمدة 15 سنة، في عدة دورات برلمانية بمجلس الشعب (البرلمان)، في أعوام (1995-2000)، و(2000-2005)، و(2005-2010)، عن دائرة حلوان (جنوبي القاهرة). وعقب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، تم اختياره زعيما للأغلبية الممثلة لحزب الحرية والعدالة الذارع السياسي للإخوان في مجلس الشوري، الذي تم حله بعد عزل مرسي في 3 يوليو/ تموز العام الماضي.
وألقي القبض على النائب السابق من منزله بحلوان، يوم 28 أغسطس/آب العام الماضي، بتهم منها تحريض علي العنف، قبل أن يتم إطلاق سراحه واستبعاده من القضايا في أبريل/ نيسان الماضي، واختفى عن الإعلام منذ ذلك الحين قبل ظهور في البرلمان العربي الأسبوع الماضي، مشيدا بالجيش المصري، معتبرا أياه خطا أحمر لا يجب إضعافه.