كتاب «يهود مدينة مليلية» السليبة… ما حكايته؟

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
أحد, 2014-11-02 12:18

كان لمسالة اعادة اصدار كتاب حول اليهود واليهودية في مدينة مليلية السليبة من طرف المستشارة الثقافية عن الحزب الشعبي الاسباني الحاكم سيمي شوكرون اثار وخيمة، ووجع دماغ مستديم ما فتئت تعاني منه حتى اليوم، وكان قد اثير جدل واسع حول هذا الموضوع، بعد ان واجهت اتهاما حرجا بالتلاعب بمبلغ 70.000 يورو، حيث كانت اصابع الاتهام قد اشارت الى ان هذا الكتاب، ربما لم تلفظه المطابع قط، او ما لفظت من نسخه حتى الان سوى النزر اليسير.

من أين تبتدئ الحكاية..؟

تشير المستشارة الثقافية التي يدعمها ما يسمى بالحكومة المحلية لمدينة مليلية المغربية، انها سددت المبلغ المذكور الى المدرسة الحاخامية في نيويورك لطبع هذا الكتاب. جميع القوى السياسية المعارضة للحزب الشعبي الذي يحكم المدينة في مقدمتها الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني وسواه من الاحزاب الاخرى، يضعون هذه الرواية موضع الريبة والشك، الا ان المستشارة تقول انه قد تمت طباعة ما يقرب من 4.000 نسخة من هذا الكتاب، وتتهم معارضيها بانهم مناوئون او معادون للسامية. المستشارة الثقافية سيمي شوكرون هي زوجة خايمي ازنقوط رئيس الجماعة اليهودية بهذه المدينة المحتلة. 
وللتحقيق والتأكد مما جرى بخصوص هذا الموضوع، فقد تم استدعاء المتورطة في هذه النازلة من طرف القاضي الاسباني فرانسيسكو راميريس بتهمة الاخلال بالمسؤولية، وارتكاب مخالفات وتجاوزات ادارية، وقد اثارت هذه القضية فضول الرأي العام في هذه المدينة، بل تجاوزتها الى باقي التراب الاسباني. 
ترى بعض الجهات الصحافية ان هذا الكتاب لم تصدر منه سوى نسخ قليلة جدا، وهو كتاب مشحون بالمغالطات، وبالمصانعة والمجاملة والمداهنة نحو الحكومة المحلية للحزب الشعبي الحاكم في المدينة، كان قد صدر في طبعة سابقة اول مرة اواخر التسعينيات من القرن المنصرم، وهو يسلط الاضواء على الجماعة اليهودية المستقرة في هذه المدينة السليبة.

تدخل «ايد نظيفة»

كان النائب البرلماني عن الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني في مدينة مليلية قد تقدم بشكوى قضائية ضد المستشارة اليهودية لدى المدعي العام بالمدينة، الذي يؤكد انها ارتكبت مخالفات ادارية وتجاوزات، وقد زعمت في تصريحاتها للصحافيين وللعدالة في ما بعد ان الكتاب قد تم توزيعه على جميع اليهود في العالم المنحدرين من اصول مليلية او اسبانية، ولم يعد في مدينة مليلية سوى نسخة واحدة وصلت الى هذه المكتبة بعد سنتين من صدور الكتاب.
وكانت نقابة مؤسسة «ايد نظيفة» الاسبانية قد وزعت بيانا تؤكد فيه:»انه امام تورط مستشارة الثقافة سيمي شكرون في هذه القضية الحرجة المتعلقة بطبع كتاب حول «اليهود واليهودية في مليلية» فان هذا الكتاب لا وجود له في الاساس، او ربما لم يطبع منه سوى النزر القليل، والحالة هذه فاننا نطالب رئيس الحكومة المحلية لهذه المدينة خوسيه امبرودا اعفاء المستشارة الانفة الذكر من مهامها». 
وتزعم المستشارة انها كانت قد كلفت ما يسمى»بيت مدينة مليلية في القدس» و مركز «شيبارسافارديك» في القدس كذلك بطبع هذه الكتاب، الا ان هذا المركز طلب من المستشارة دفع تكلفة الطبع لمقره الرئيسي في نيويورك، يعمل هذا المركز على تكوين الحاخامات السفرديين المنحدرين من اصول اسبانية.

معاداة السامية اتهامٌ باطل

وكان النائب الاشتراكي ديونيسيو مونيوث قد عبرعن حنقه وغضبه خلال احد الاجتماعات العامة لمجلس الحكومة المحلية للمدينة السليبة مقارنا الحاخامات السفرديين اليهود بطالبان، وتساءل كيف سيكون موقف «الحزب الشعبي» لو ان «الائتلاف من اجل مليلية» (الحزب الاسلامي في هذه المدينة) آل اليه حكم مدينة مليلية ذات يوم، واقدم على التعاقد على شيء شبيه بهذا مع مدرسة قرآنية في افغانستان التي تعمل على تكوين طالبان؟ وقال النائب الاشتراكي ان النسخ القليلة التي طبعت من هذا الكتاب لا تتوفر على ارقام الايداع، ولا على التواريخ، وعليه لا يمكن معرفة عدد النسخ التي تم طبعها حقيقة من هذا الكتاب، كما لم يتم احترام ومراعاة اجراءات الطبع، كتحديد عدد النسخ، واين تم توزيعها، والايداع القانوني او رمز الطبع حتى تتوفر عناصر المراقبة في مثل هذه الحالات. وقد اكد المعارضون الاشتراكيون ان هذه العملية قد تم طبخها بهدف الربح المادي الذي عاد لصالح يشيفا (مدرسة تلقين التوراة والتلمود) في القدس المحتلة، حيث يتابع نجل المستشارة دراسته، ولقد اتهمت المستشارة معارضيها ومناهضي الحزب الشعبي على اثر ذلك بمعاداة السامية. وعلق زعيم الاشتراكيين في مدينة مليلية غريغوريو ايسكوبار على ذلك قائلا: «انه في غير محله ان تدافع المستشارة عن نفسها بعد تورطها في هذه الورطة باتهام الاشتراكيين بمعاداة السامية». واضاف: «ان المستشارة كما يلاحظ تحتمى وراء طائفة دينية اقلية وهي اليهودية، وهذا امر خطير للغاية». 
وكانت سيمي شوكرون قد مثلت رفقة محاميها في تاريخ سابق امام القضاء في مدينة مليلية بخصوص المخالفات الادارية التي لها صلة بهذا الكتاب، واستغرقت مدة استجوابها اكثر من ساعتين بعد ان تم استدعاؤها لهذه الغاية من طرف القاضي فرانسيسكو راميريث الذي عهد اليه متابعة هذا الموضوع.
وصرحت المستشارة للصحافيين عند خروجها من المحكمة انها لا تعرف ماذا سيتم بشأنها، كما انها لم تستطع الاجابة عن مآل او مكان وجود الـ 4000 نسخة التي تقول انها طبعت من هذا الكتاب، حيث كانت ما يسمى بـ»الحكومة المحلية للمدينة» قد صرحت بان هذه النسخ قد تم توزيعها على اليهود الشتات المنحدرين من مليلية الموزعين في مختلف انحاء العالم، ولهذا لا توجد سوى نسخة واحدة في المكتبة العمومية بمدينة مليلية، الا انها عادت وصرحت فيما بعد بانها قدمت الشروح والتفاسير اللازمة حول هذا الكتاب وحول الضجة التي نشبت حوله. 
عند جهينة الخبر اليقين

وقد عاتب، وعاب بعض اليهود الاسبان انفسهم في مواقع التواصل الاجتماعي على المستشارة اتهامها لمعارضيها بمعاداة السامية، لان ذلك من شأنه ان يضعف من موقفها، ويثير مزيدا من الشكوك حولها، كما وجه بعض المعلقين اصابع الاتهام للحاخام سلمون فاهنون- الذي كلف بطبع الكتاب – بخصوص التسيير المالي، ونعتوه بانه رجل مشبوه فيه في المسائل المالية بالذات، كما انه غير جدير بالثقة، وهو لم يكلف نفسه حتي عناء تعليم ابنائه اللغة الاسبانية، على الرغم من تظاهره بالافتخار باصله الاسباني وانحداره من مدينة مليلية. وتضيف بعض هذه التعاليق ان الجماعات اليهودية الاسبانية ليس في مدينة مليلية وحدها، بل في كل التراب الاسباني قد باعت نفسها للحزب الشعبي الاسباني الحاكم، وان معاداة السامية – ان وجدت- فالسبب في ذلك يؤول لتصرفات بعض اليهود الاسبان، التي لا تتسم بالوضوح والشفافية خاصة في القضايا السياسية. واشار معلق اخر «ماذا يمكن ان ننتظر من «الحزب الشعبي» خاصة ان رئيسه الاسبق خوسيه ماريا اثنار (رئيس الحكومة الاسبانية سابقا) معروف عنه معاداته للمسلمين، وهو صهيوني متطرف، وقد مول بنقود المواطنين الاسبان بناء مدرسة تلقن تلامذتها ان «العرق اليهودي هو الاعلى والمشهود له بالتفوق». وكان معظم هذه التعاليق قد نشر في جريدة «الباييس» الاسبانية الواسعة الانتشار، وسواها من وسائل الاعلام الاسبانية على اختلافها، على امتداد الشهور الماضية. ترى ماذا حدث بخصوص هذا الموضوع المثير الذي ما زالت انعكاساته، واثاره وزوابعه وتوابعه تهب على هذه المدينة السليبة الى اليوم؟ وقديما قيل: عند جهينة الخبر اليقين.

كاتب من المغرب / غرناطة

محمد محمد خطابي