
عاد المدرب الإسباني رافاييل بينيتيز للظهور في البطولات الأوروبية القارية، الخميس، بعد انقطاع دام نحو 10 سنوات.
ad
وسلطت صحيفة “ماركا” الإسبانية الضوء على عودة بينيتيز للظهور في مسابقات “يويفا” بعد عقد كامل من الغياب.
وجاءت العودة عبر قيادة باناثينايكوس اليوناني ضد مالمو السويدي في الجولة الرابعة من الدوري الأوروبي، والتي شهدت خروج فريق بينيتيز منتصرا خارج أرضه بهدف دون رد.
وتكمن المفارقة في أن آخر ظهور أوروبي للمدرب الإسباني كان ضد مالمو أيضا، في أغسطس/ آب 2015، حينما قاد ريال مدريد لدهسه (8-0) في دوري أبطال أوروبا.
ويعد ذلك الانتصار هو الأكبر في تاريخ دوري الأبطال، بالتساوي مع آخر حققه ليفربول على بشكتاش بذات النتيجة، تحت قيادة بينيتيز نفسه.
ad
وكان بينيتيز قد تولى تدريب ريال مدريد في يونيو/ حزيران 2015، قبل إقالته مطلع 2016، لتتغير حياة المدرب المخضرم كليا منذ ذلك الوقت.
ولم يعد بينيتيز لتدريب الكبار مجددا، بل تخلل رحلته تدريب نيوكاسل يونايتد، إيفرتون وسيلتا فيجو، فضلا عن تولي تدريب داليان الصيني بين عامي 2019 و2021.
ولهذا السبب، لم يظهر بينيتيز في أي بطولة أوروبية على مدار عقد كامل، حتى أعاده الفريق اليوناني للبطولة التي توج بلقبها مرتين، مع فالنسيا وتشيلسي.
ad
رحلة حافلة بالألقاب والذكريات
يُعد رافا بينيتيز أحد أبرز المدربين الإسبان في القرن الحادي والعشرين، بفضل فكره التكتيكي العالي وقدرته على بناء الفرق بطريقة منظمة دفاعيًا وفعالة هجوميًا.
وبدأ بينيتيز المولود في مدريد عام 1960، مسيرته التدريبية مع شباب ريال مدريد قبل التنقل بين أندية صغيرة، حتى صنع اسمه مع فالنسيا مطلع الألفية، حيث قاد الفريق لتحقيق الدوري الإسباني مرتين (2002 و2004) بعد غياب طويل، إضافة إلى كأس الاتحاد الأوروبي 2004، مما جعله أحد أنجح مدربي النادي في تاريخه الحديث.
وفي عام 2004، تولى تدريب ليفربول الإنجليزي ليكتب واحدة من أكثر القصص الملحمية في تاريخ دوري الأبطال.
أما في موسم 2004-2005، فقد قاد الريدز إلى التتويج بدوري أبطال أوروبا بطريقة درامية، بعد العودة التاريخية أمام ميلان بتحويل التأخر (0-3) إلى تعادل (3-3) في نهائي إسطنبول، الذي اعتُبر من أعظم المباريات في تاريخ البطولة.
كما فاز مع ليفربول بعدد من الألقاب المحلية، مثل كأس الاتحاد الإنجليزي والدرع الخيرية، فضلا عن السوبر الأوروبي.
واصل بينيتيز رحلته مع أندية كبرى أخرى مثل إنتر ميلان، حيث توّج بكأس العالم للأندية 2010، ثم قاد تشيلسي للفوز بالدوري الأوروبي 2013، وأحرز مع نابولي لقب كأس إيطاليا 2014 وكأس السوبر الإيطالي في العام نفسه.
وأشرف لاحقًا على ريال مدريد، لكن تجربته انتهت بطريقة حزينة في النادي الذي نشأ فيه كلاعب ومدرب، ثم قاد نيوكاسل يونايتد لتحقيق الصعود إلى البريميرليج عام 2017.
وتميز بينيتيز بقدرته على إدارة المباريات الكبرى وتحليل المنافسين بدقة، مما جعله أحد أكثر المدربين احترامًا في أوروبا، رغم عدم تمتعه بالكاريزما الإعلامية لغيره من المدربين الكبار.
ومع أكثر من 15 لقبًا محليًا وقاريًا، يبقى رافا بينيتيز نموذجًا للمدرب الواقعي الذي ترك بصمته الواضحة أينما ذهب.
تجربة قصيرة لم تكتمل
حين أعلن ريال مدريد في صيف 2015 تعيين رافا بينيتيز مديرًا فنيًا خلفًا لكارلو أنشيلوتي، كانت التوقعات عالية بأن يعيد المدرب الإسباني الانضباط التكتيكي إلى الفريق الملكي.
لكن التجربة لم تدم سوى نصف موسم فقط، وانتهت بالإقالة في يناير/ كانون الثاني 2016 بعد سلسلة من النتائج المتذبذبة وأجواء متوترة داخل غرفة الملابس.
وكان أحد أبرز أسباب فشل بينيتيز تمثل في أسلوبه التكتيكي المحافظ الذي لم يتناسب مع فلسفة ريال مدريد الهجومية ولا مع طبيعة نجومه.
وقد حاول فرض نهج دفاعي صارم يعتمد على التنظيم والانضباط، وهو ما لم يلقَ قبولًا من اللاعبين المعتادين على كرة هجومية حرة.
كما واجه بينيتيز مشكلات في إدارة العلاقات داخل الفريق، خاصة مع لاعبين أمثال كريستيانو رونالدو وتوني كروس، حيث شعر بعض اللاعبين أن المدرب لا يملك الكاريزما ولا الحضور القوي الذي يليق بنادٍ بحجم ريال مدريد
وقد انعكست تلك الخلافات على الأداء داخل الملعب، إذ افتقد الفريق الانسجام والحماس.
على الصعيد الجماهيري، لم يحظَ بينيتيز بثقة مشجعي النادي منذ البداية، لاعتقاد كثيرين أنه يفتقر إلى الهوية “المدريدية” التي تجمع بين الجاذبية والانتصارات.
وزادت الانتقادات بعد الهزيمة القاسية أمام برشلونة بنتيجة 0-4 في الكلاسيكو، التي كانت بمثابة الضربة القاضية لرحلته القصيرة.
رحيل بينيتيز في منتصف الموسم وعودة زين الدين زيدان بديلًا له شكّلا نقطة تحول، إذ حقق الفرنسي دوري الأبطال في العام نفسه، ما أكد أن المشكلة لم تكن في جودة اللاعبين، بل في انعدام التفاهم بين المدرب والفريق.
لتبقى تجربة بينيتيز مع ريال مدريد مثالًا على أن النجاح في القلعة البيضاء يحتاج أكثر من مجرد التكتيك، بل شخصية قادرة على احتواء النجوم وصنع الانسجام.

.jpg)


