إن شعار الرحيل الذي رفعته معارضتنا الوطنية وفشلت في تحقيقه، واجرت مراجعات فكرية وسياسية خلصت لعدم نجاعة ذلك الشعار، وبدت بذلك اكثر براجماتية رغم مقاطعة بعضها للمسار السياسي ودخول البعض الآخر في جوهر العملية السياسة مع النظام الحاكم، حيث وصف ذلك الشعار بغير
الديمقراطي بسبب سعيه لمحاولة استنساخ تجربة الغير، خاصة بعد ما جرته تلك التجارب من ويلات وحروب في عديد البلدان العربية، لم تفلح المعارضة –إذا- في ترحيل نظام ولد عبد العزيز، ليتحول النظام والحكومة من مستنكر لذلك الشعار و مندد به، إلى مطالب به ومناضل من أجله وساع إلى تحقيقه ولكن كيف ذلك؟ لقد وجدنا أنفسنا ومن غير موعد مدعوون للمساهمة في رفع الشعار و تحقيق أجندته بعدما ما تم تبنيه من القيادة الوطنية وبمباركة ودعم من الحكومة والمعارضة وأغلب فعاليات المجتمع المدني والسياسي..
إلا أن ذلك الشعار ليس بالضرورة سياسيـا وقد لا يعكس صراعا على السلطة، وإنما يتجسد شعار الرحيل ا-ليوم- في نفي وترحيل القمامة من العاصمة نواكشوط، حيث أصبحت حملة ترحيل القمامة أشد وقعا وأكثر أضواءا إعلامية من مسيرات المعارضة التي بدت باهتة ومملة في كثير من الأحيان.
رحيل الأوساخ قد يشبه حملة الكتاب، أو غيرها من الحملات كالتبرع للمنتخب الوطني، إلا أن بعض المسؤولين قد يراها من زاويته الخاصة ويتبناها كشعار إنساني، حيث يقول المدير العام للضراب في تدوينة له على الفيس بوك بأن الحملة بالنسبة له معنوية بالأساس حيث تعكس الشعور بالعمل الكبير الذي يقوم به عمال النظافة، و حتى يخجل من يرمون القمامة غير مكترثين بما تسببه من ألام وجهد لعمال النظافة. بدوره يقول الناطق باسم الحكومة بأن المشكلة بالنسبة له تقع على عاتق المواطن الذي عليه ان يحسن من سلوكه تجاه محيطه البيئي، مضيفا بأنه خلال الأسبوع المنصرم وبعد تنظيف ساحة عمومية لم يمهلهم المواطنون حتى رشقوهم بالقمامة بعد الانتهاء من حملة التنظيف بدقائق, المواطن بدوره يرى بأن ترحيل الأوساخ بات ضرورة ومطلبا ملحا، وأصبحت العملية موضع إجماع، رغم اختلاف النظرة والاسلوب، وفي هذا الصدد تساءلت الوزيرة السابقة فاطمة منت خطري على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي عن الرابح الأكبر من صفقة النظافة، او الشركة التي ستحصل على عقد مناقصة تنظيف العاصمة، قائلة بأنها ستكون محظوظة لان الرئيس بنفس مهد لها الطريق من خلال الإشراف المباشر على النظافة حيث تتبع العملية لرئاسة الجمهورية, ويبقى المواطن يتطلع بشغف إلى تنظيف القلوب والجيوب والمؤسسات من أوساخ أشد وقمامات أخطر ؟ واللبيب تكيف الإشارة كما يقول المثل.
أحمودي ولد محمد