أعلن فرحان الحق، نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن مبادرة ستيفان دي مستورا، المبعوث الخاص للأمين العام في سوريا، تقوم على أساس ما طرحه أمام مجلس الأمن الدولي قبل أسبوعين، وتتمحور حول إعلان وقف القتال محليا في مناطق صغيرة في محافظة حلب كبداية لخطوات تدريجية متصاعدة في توسيع مناطق وقف إطلاق النار، بحيث يسهل إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة قبل حلول فصل الشتاء.
وأعلن الحق أن السيد دي مستورا طرح مبادرته الإثنين في إجتماع مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي وعد أن يتم دراستها والعمل مع المبعوث الخاص لتحقيق هدف إعادة الأمن إلى مدينة حلب.
وتقول مصادر هنا في المقر الدائم إن المبادرة تحظى بتأييد روسي – أمريكي كي يتم كسر الجمود السياسي وإعادة المباحثات حول إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. ويعتقد المراقبون هنا أن إختبار وقف إطلاق نار في أماكن محدودة وعلى مستوى محلي قد يساهم في تحفيف المعاناة للمدنيين السوريين من جهة ويفتح أبواب الأمل للمبعوث الخاص دي مستورا أن يتابع جهوده في توسيع هذه المناطق التي أطلق عليها “مناطق خالية من القتال” ليبني على النجاحات الصغيرة مبادرة سياسية تتعلق بالأزمة من كل جوانبها. لكن دي مستورا يريد أن يكون حذرا كي لا يفتح أبوابا واسعة للتفاؤل ثم يكون الإحباط كبيرا مع أول فشل.
وا كد الرئيس السوري بشار الاسد الاثنين استعداد بلاده لدراسة المبادرة التي طرحها المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا والمتعلقة “بتجميد” القتال في حلب (شمال)، حسب ما اوردت صفحة الرئاسة السورية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وذكرت الصفحة أن الأسد اطلع من دي ميستورا “على النقاط الاساسية واهداف مبادرته بتجميد القتال في حلب المدينة” معتبرا “ان مبادرة دي ميستورا جديرة بالدراسة وبمحاولة العمل عليها من اجل بلوغ اهدافها التي تصب في عودة الأمن إلى مدينة حلب”.
وعبر الاسد “عن أهمية مدينة حلب وحرص الدولة على سلامة المدنيين في كل بقعة من الأرض السورية” بحسب الصفحة.
وقدم مبعوث الامم المتحدة في 30 تشرين الاول/ اكتوبر “خطة تحرك” في شان الوضع في سوريا الى مجلس الامن الدولي، تقضي “بتجميد” القتال في بعض المناطق وبالاخص مدينة حلب للسماح بنقل مساعدات والتمهيد لمفاوضات.
وصرح دي ميستورا للصحافيين بعد اجتماع لمجلس الامن الدولي انه ليست لديه خطة سلام وانما “خطة تحرك” للتخفيف من معاناة السكان بعد اكثر من ثلاث سنوات من الحرب في سوريا.
واضاف مبعوث الامم المتحدة ان مدينة حلب المقسمة، وعاصمة البلاد الاقتصادية، قد تكون “مرشحة جيدة” لتجميد النزاع فيها، من دون مزيد من التفاصيل.
وجاء اقتراح دي ميستورا الى مجلس الامن بعد زيارتين قام بهما الى روسيا وايران اللتين تدعمان النظام السوري، سبقتهما زيارة الى دمشق.
وقال رئيس تحرير صحيفة الوطن المقربة من السلطات وضاح عبد ربه لوكالة فرانس برس “ان دمشق لم تمانع قط اي خطة ميدانية يمكنها انقاذ حياة الناس في اي مكان من سوريا، لكن مبادرة كهذه لا يمكن الموافقة عليها من طرف واحد ورفضها من الاطراف الاخرى”.
واشار عبد ربه الى ان ذلك “يعني أن الكرة الان في ملعب دي ميستورا الذي تقع على كاهله مهمة اقناع مقاتلي المعارضة بمبادرته وبخاصة البلاد التي تدعمهم وعلى راسها تركيا التي تسمح بادخال السلاح اليهم عبر حدودها الى حلب”.
في موازاة ذلك، ذكرت صفحة الرئاسة انه تم الاتفاق خلال لقاء الاسد والموفد الدولي “على اهمية تطبيق قراري مجلس الأمن 2170 – 2178 وتكاتف جميع الجهود الدولية من أجل محاربة الإرهاب في سورية والمنطقة والذي يشكل خطراً على العالم بأسره”.
ونقلت من جهتها وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن دي ميستورا تاكيده خلال اللقاء على “عزمه متابعة مهمته مع كل الاطراف من اجل تذليل الصعوبات والوصول الى الاستقرار والسلام” في سوريا.
وكان دي ميستورا شدد في مؤتمر صحافي عقده في دمشق اثر لقائه الرئيس بشار الاسد في ايلول/ سبتمبر، على ضرورة مواجهة “المجموعات الارهابية”، على ان يترافق ذلك مع حلول سياسية “جامعة” للازمة السورية.
ومنذ تموز/ يوليو 2012 ، يتقاسم مقاتلو المعارضة وقوات النظام السيطرة على احياء حلب. ومنذ نهاية 2013، تنفذ طائرات النظام حملة قصف جوي منظمة على الاحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة تستخدم فيها البراميل المتفجرة، ما اوقع مئات القتلى واستدعى تنديدا دوليا.
وخسرت مجموعات المعارضة المسلحة خلال الاشهر الاخيرة مواقع عدة في حلب ومحيطها.
وبدأ النظام السوري بالقاء البراميل المتفجرة من طائراته في اواخر العام 2012، قبل ان يرفع من وتيرة استخدامها في العام الحالي حين تسببت موجة كبيرة من هذه البراميل في شباط/ فبراير الماضي بمقتل مئات الاشخاص في مناطق متفرقة من سوريا.
وهذه الزيارة هي الثانية للموفد الدولي إلى سوريا منذ تكليفه من قبل الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بمهمته في تموز/ يوليو، خلفا للامين العام السابق لجامعة الدول العربية الاخضر الابراهيمي والامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان.
وترفض سوريا اقامة منطقة عازلة أو “آمنة” على اراضيها، وهو اقتراح تطالب به تركيا الداعمة للمعارضة السورية، معتبرة ان هذا الامر يطعن في سيادتها ويوفر ملاذا امنا للمعارضين الذين يقاتلون القوات الحكومية.
القدس العربي