وجهت وزارة المالية الكويتية إلى جميع الجهات الحكومية في البلاد طلبا لترشيد الإنفاق بهدف مواجهة انخفاض عائدات النفط، فيما وعد رئيس الوزراء بمزيد من التدابير التقشفية.
وقالت الوزارة في رسالة نشرت في الصحف المحلية أمس الثلاثاء انه يتعين على جميع الهيئات الحكومية تفعيل كل السبل اللازمة لترشيد الانفاق من اجل مواجهة انخفاض أسعار النفط.
وبلغ سعر برميل النفط الكويتي 71.4 دولار يوم الجمعة الماضي. وبذلك يكون قد تراجع بمقدار 37 دولارا منذ حزيران/يونيو الماضي بحسب الارقام الرسمية. وتحصل الكويت على اكثر من 94٪ من عائداتها العامة من النفط.
ويقول خبراء إن أسعار الخام إذا بقيت عند مستوياتها الحالية لفترة طويلة فإنها قد تؤدي إلى عجز في ميزانية الكويت التي تحقق فوائض متتالية منذ عدة سنوات.
وتنتج الكويت العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» ثلاثة ملايين برميل يوميا.
ولدى الكويت الغنية بالنفط وعضو منظمة أوبك واحدا من أقوى الصناديق السيادية في العالم والذي تقدر أصوله بنحو 350 مليار دولار ويستثمر في الأسواق العالمية، كما أن لديه بعض الاستثمارات المحلية.
من جهته أكد رئيس وزراء الكويت، الشيخ جابر المبارك الصباح، أن انخفاض أسعار النفط أمر يدعو للقلق لكن يجب ألا يصيب الكويت بالرعب، مبينا أن الحكومة ستتخذ العديد من الإجراءات التقشفية التي لا تمس محدودي الدخل.
وقال رئيس الوزراء في مقابلة أجرتها معه صحيفة (الراي) الكويتية نشرت أمس الثلاثاء «انخفاض أسعار النفط أمر متوقع مثل الارتفاع، فالنفط سلعة يتحكم بأسعارها العرض والطلب والأحداث الجيوسياسية. ونحن في الكويت نتفهم قلق الناس انما لا نريد ان يصابوا بالرعب نتيجة الانخفاض.»
وأضاف أن الحكومة احتاطت لمثل هذا الانخفاض منذ زمن بعيد «ونَوّعنا مصادر الادخار والدخل، واليوم أصبح ترشيد الإنفاق أمرا لا بد منه مع عدم المساس بأصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة.»
وأوضح رئيس الوزراء أنه تم في إجتماع للحكومة عقد الأحد الماضي عرض كل الاحتمالات المقبلة «بموضوعية وواقعية»، وتم الاتفاق على خطط مواجهة هذه الاحتمالات، إضافة إلى اعتماد برامج تخفض التكلفة التشغيلية للنفط.
وقال «ستظل الحكومة محافظة على تنفيذ برامجها التنموية بالشكل الذي يوفر أفضل الخدمات والرعاية في المجالات كافة.» وأضاف «اليوم هناك قرارات تحمي الخزينة وصندوق الأجيال ومستقبل الشباب، حتى ولو بدت غير مألوفة، من باب رفع الدعم وهي قرارات يتحملها المواطن بوعي منه لخطورة استنزاف الخزينة من جهة، ولاقتناعه بأن ادارة هذا الملف تراعي أصحاب الدخول المحدودة، وبالتالي فالأعباء الأكبر يتحملها أصحاب المداخيل الأكبر.»
ووافقت الحكومة الكويتية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي على دراسة تقترح رفع أسعار الديزل والكيروسين إلى 170 فلسا (59 سنتا) من 55 فلسا للتر في محطات التجزئة، وأكدت سعيها لاتخاذ تدابير إضافية بشأن دعم الكهرباء والماء.
ويعد خفض الدعم إصلاحا اقتصاديا مهما للكويت إذ يلتهم الدعم السخي الذي تقدمه الدولة ويذهب معظمه للطاقة نحو 5.1 مليار دينار (17.7 مليون دولار) سنويا، أي ما يقارب ربع الإنفاق الحكومي المتوقع في السنة المالية الحالية طبقا للأرقام الحكومية.
خصخصة شاملة
وأكد الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح أن الحكومة تسعى لتحقييق الخصخصة الشاملة لكل القطاعات التي تستحق الخصخصة، وذلك في إطار خطة للتنمية.
وقال «نحن اليوم نعمل وفق خطة شاملة للتنمية ونسعى جاهدين لتحقيق رؤية صاحب السمو الامير بتحويل الكويت إلى مركز مالي من خلال جملة اجراءات تحقق مرونة أكبر وتنعش الدائرة المالية بشكل عام.»
وأضاف قائلا «وما بيع حصة الدولة في عدد من الشركات الكبرى إلا خطوة في هذا الاتجاه، ونتمنى ان تستكمل بالخصخصة الشاملة لكل القطاعات التي تحتاج إليها، اضافة إلى جملة من القوانين والمشاريع التي تجذب الرساميل وتطلق عجلة الإنتاج.»
وقررت الهيئة العامة للاستثمار التي تمثل الصندوق السيادي لدولة الكويت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بيع مساهماتها في الشركة الكويتية للاستثمار وبيت التمويل الكويتي (بيتك)، وهو أكبر بنك إسلامي في البلاد، وشركة زين للاتصالات المتنقلة عملاق الاتصالات في المنطقة.
ومن المقرر أن يتم بيع مساهمة الهيئة في الشركة الكويتية للاستثمار من خلال اكتتاب عام ينتهي قبل نهاية النصف الأول من العام الجاري، مع تأجيل بيع مساهمة الهيئة في شركتي زين وبيتك «إلى وقت لاحق» لم يتم تحديده بعد.
وتمتلك الهيئة العامة للاستثمار 76.194 في المئة في الشركة الكويتية للاستثمار، و24.08 في المئة من بيتك، و24.6 في المئة من زين.
وأطلق أمير الكويت منذ منتصف العقد الماضي مبادرة لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري في المنطقة للاستفادة من موقعها الاستراتيجي في ظل تنافس إقليمي بين دول الخليج. لكن وبعد مرور نحو عشر سنوات على هذه المبادرة يقول خبراء إنه لم يتحقق منها إلا القليل.
وعانت الكويت خلال السنوات الماضية من العديد من المشكلات السياسية والبيروقراطية، التي أعاقت الكثير من مشاريع خطة التنمية الأولى التي انتهت بنهاية الربع الأول من هذا العام دون أن تحقق الكثير.
وأكد رئيس الوزراء في المقابلة أن أولويات الكويت هي تأمين الرفاه الاجتماعي، واستدامة التنمية، والتميز المؤسسي والاصلاح الاداري، وقال أن الحكومة تمضي بقوة نحو تحقيق هذه الاهداف.
وقال «نعمل على زيادة النمو الحقيقي للناتج الاجمالي وعلى توسيع شبكات الطرق وتطوير المطار والموانئ وإقامة مناطق حرة وزيادة الطاقة الكهربائية وبناء 100 ألف وحدة سكنية خلال سبعة اعوام.»
وأضاف أن الحكومة تعمل على إطلاق ورشة تشريعية شاملة بغرض تحويل الكويت إلى مركز مالي، مثل تعديل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص عبر عقود بي.أو.تي (البناء والتشغيل والتسليم) وتعديل قانون المناقصات واستقطاب الاستثمارات الاجنبية وتبسيط الدورة المستندية.