يفخر مصرف لبنان المركزي بأنه واحد من المؤسسات القليلة التي حافظت على وضعها ونجت من الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما في البلاد.
وبعد نحو ربع قرن من إنتهائها يأمل المصرف في ان تساعده سمعته في ان يصمد في مواجهة الصراع في سوريا الذي يؤثر على الساحتين السياسية والاقتصادية في البلاد.
وفي محاولة لإبراز هذ الإرث فتح المصرف متحفا في وسط بيروت. ويقول المسؤولون ان الفكرة هي تعزيز عنصر أساسي لاستقرار أي نظام نقدي ألا وهو ثقة الجمهور.
وقال مازن حمدان، مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان المركزي «في أذهان الناس المصرف المركزي هو صندوق اسود» مشيرا إلى ان الكثير من الناس يعتقدون ان المصرف يقوم بعمله كما ينبغي لكنهم لا يعرفون كيف يقوم به.
وقال حمدان «دورنا الأول هو ان نعرف ما نفعل» وثانيا إرساء رسالة مفادها «إنهم يقومون بعمل جيد. يجيدون ما يفعلونه وأنا أثق في الليرة (اللبنانية) «.
وزار المتحف أكثر من 2000 شخص منذ افتتاحه قبل نحو عام.
وقبل اندلاع الحرب في عام 1975 كان لبنان يعرف بأنه «سويسرا الشرق الأوسط»، ويرجع هذا لأسباب منها قوانين سرية البنوك التي جعلت هذا البلد جذابا لرؤوس الأموال.
وبعد الحرب سعى لبنان إلى إحياء دوره كمركز مصرفي رغم زيادة المنافسة الإقليمية وموجات العنف التي تتفجر من وقت لآخر والتي جعلت هذا الامر أكثر صعوبة.
ويضم المتحف مجموعة كبيرة من الأوراق النقدية من إصدلرات دول عديدة، والتي تعود إلى عقود مضت، مما يعيد إلى الأذهان الكثير من التقلبات السياسية التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط.
ويحمل الكثير من هذه الأوراق النقدية الوجوه العابسة أو المبتسمة لملوك ورؤساء أطيح بهم مثل الملك فارق في مصر وصدام حسين في العراق، أو الذين قتلوا مثل معمر القذافي في ليبيا. وتتغير الصورة على الريال الإيراني من الشاه محمد رضا بهلوي الذي فر اثناء ثورة 1979 إلى آية الله روح الله الخميني.
ويستدعي بعضها كيانات سياسية أصبحت من الماضي، مثل ورقة نقدية من فئة جنيه واحد أصدرها «بنك بيافرا» وهي دولة انفصالية لم تستمر طويلا في جنوب شرق نيجيريا. وتحمل ورقة نقدية اصدرها في عام 1929 «مجلسفلسطين للنقد» كتابات باللغات العربية والعبرية والانجليزية.
وتُذَكّرنا أوراق النقد الأحدث بكيفية تداخل تاريخ لبنان مع جارته سوريا حيث أسفرت حرب في عامها الرابع الآن عن مقتل نحو 200 الف شخص. وقبل افتتاح المصرف المركزي في عام 1964 كان بنك سوريا ولبنان هو الذي يصدر الليرة اللبنانية.
وفي ظل الحركات المتشددة والصراعات الأهلية التي اجتاحت الشرق الأوسط بعد موجة انتفاضات «الربيع العربي»، وجد لبنان نفسه على غير المعتاد بين الدول الأكثر استقرارا في المنطقة.
وقال حمدان ان استخدام الليرة اللبنانية زاد على مدار السنوات الثلاث الماضية، مضيفا «نحن راضون تماما عن وضعنا».