كشف رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أمس الأربعاء عن الخطة التي ستشكل ركيزة ولايته، وتقضي بتعبئة 315 مليار يورو من الاستثمارات الخاصة أساسا لتحريك النمو و»إعادة أوروبا إلى العمل».
وقال يونكر امام البرلمان الأوروبي معلنا عن انشاء «صندوق أوروبي للاستثمار الاستراتيجي» انه «حان الوقت لإطلاق الأشغال وإعادة أوروبا إلى العمل، لسنا بحاجة إلى أموال جديدة بل إلى انطلاقة جديدة واستثمارات جديدة».
وسعيا منه لاقناع المشككين تحدث عن «أطفال في مدرسة في تيسالونيكي (في اليونان) يعملون على حواسيب جديدة» أو «فرنسي يشحن بطارية سيارته الكهربائية على الطريق السريع».
وستستند الخطة إلى جزء من الميزانية الأوروبية وإلى بنك الاستثمار الأوروبي، الذراع المالية للاتحاد الأوروبي، اللذين سيقدمان ضمانات بقيمة 21 مليار يورو لاجتذاب مستثمرين من الجهات الخاصة.
غير انها لن تمول بواسطة مساهمات مباشرة من الدول الاعضاء، ما يأخذه عليها منتقدوها.
وقال ديمتريوس باباديموليس، النائب الأوروبي من اليسار الراديكالي اليوناني، منددا «خطتك فارغة، إنها نقطة في المحيط. إنها مجرد استمرار للوضع العادي، قارة أوروبية تهيمن عليها ألمانيا وتقشف شديد».
ورأى يونكر انه «يجدر بالدول الأعضاء المشاركة في هذا الصندوق لزيادة فاعليته»، مضيفا بالألمانية «علينا ان ندرك اننا مرتبطون بوحدة مصير وهذا يفرض التضامن مع الجميع». وأكد «ان المزيد من النمو في جنوب أوروبا سيكون أمرا جيدا بالنسبة لألمانيا».
ولتشجيع الدول على المساهمة لن يتم احتساب المبالغ التي تقدمها ضمن عجز ميزانيتها وديونها.
وفي هذه الأثناء حذر يونكر من ان «المال لن يهبط من السماء» وسيترتب «اجتذاب الاستثمارات الخاصة» التي حولتها الأزمة عن أوروبا، حيث يبقى مستوى الاستثمارات ادنى بـ15٪ من مستواه عام 2007 الأمر الذي يعيق الانتعاش الاقتصادي.
والآلية التي يقترحها يونكر معقدة وتقوم على مبادئ من الهندسة المالية. وسوف يتم استخدام أموال الميزانية الأوروبية وبنك الاستثمار الأوروبي لتلعب دورا «مخففا للمخاطر»، ما سيسمح باجتذاب موارد خاصة لا تستثمر حاليا في الاقتصاد الفعلي، من خلال توفير ضمانة متينة لها.
ويراهن يونكر على ان يكون لهذا المبلغ الأساسي البالغ 21 مليار يورو تأثير مضاعف بـ15 مرة ما سيسمح بتعبئة مجموع 315 مليار يورو على ان يدعم مشاريع اكثر مجازفة من تلك التي يتبناها بنك الاستثمار الأوروبي حاليا.
غير ان العديدين يخشون ان يكون هذا الرهان غير واقعي. وقالت الكونفدرالية الأوروبية للنقابات في بيان ان «المفوضية تستند على ما يبدو إلى أعجوبة». ورأى النائب البيئي فيليب لامبرتس ان «نسبة مضاعفة قدرها 15 تبدو لنا قليلة المصداقية».
وللرد على الانتقادات دعا يونكر إلى توفير «دعم سياسي قوي» بحيث يبدأ الصندوق العمل بحلول شهر حزيران/يونيو. وقال «اننا بحاجة إلى موافقة ودعم سياسي، لسنا بحاجة إلى تسييس للخطة، ولا إلى تلاعب سياسي بالمشاريع، ولا قائمة أمنيات وطنية».
وستطرح الخطة على جدول أعمال القمة الأوروبية المقرر عقدها في 18 و19 كانون الأول/ديسمبر في بروكسل.
وأكد يونكر «اذا اعطت خطتنا نتائج، وستعطي نتائج، سوف يتم تمديدها للسنوات 2018 و2019 و2020».
وتتوقع بروكسل زيادة إجمالي الناتج الداخلي الأوروبي بـ330 إلى 410 مليارا يورو، وزيادة مليون إلى 1.3 مليون وظيفة إضافية خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وسيتم اختيار المشاريع التي ستمولها هذه الخطة من ضمن قائمة تعرضها الدول الاعضاء. لكن مصدرا أوروبيا اشار إلى انه «لن تكون هناك حصص لكل من الدول» وسيعهد بفرز المشاريع إلى لجنة خبراء تحسم خيارها بناء على فاعلية المشاريع.
وستعطى الأفضلية لقطاعات البنى التحتية الاستراتيجية مثل الطاقة والقطاع الرقمي، وكذلك المواصلات والتربية والبحث والابتكار وسيخصص جزء من الصندوق بمستوى 75 مليار يورو للشركات المتوسطة والصغرى.