نواكشوط ، 27/11/2014 - وجه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز اليوم خطابا الى الشعب الموريتاني بمناسبة الذكرى إل 54 لعيد الاستقلال الوطني.
وهذا نص الخطاب
"بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على نبيه الكريم
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
تحتفل بلادنا غدا بالذكرى الرابعة والخمسين لاستقلالنا الوطني. وبهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، أتوجه إليكم جميعا، مواطني الأعزاء، بأحر التهاني وأصدق الأماني، راجيا أن نستخلص العبر من مسيرتنا الحافلة لنزداد حرصا على استقلالنا الوطني، وغيرة على حوزتنا الترابية، وتمسكا بثوابتنا المتمثلة في ديننا الحنيف، ووحدتنا الوطنية، وقيمنا الحضارية.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
بهذه المناسبة السعيدة فإننا نقف إجلالا لأولئك الأبطال، من الرجال والنساء الذين بذلوا الغالي والنفيس، من أجل حرية الوطن، واستقراره، وتقدمه. فتحية للضباط، وضباط الصف، والجنود الأبطال في جيشنا، وقواتنا الأمنية المرابطين على الثغور، لحماية الوطن و تأمين المواطن.. تحية لكل الموريتانيين في الداخل والخارج الذين يقدرون عظمة هذا اليوم. والرحمة والغفران لكل شهداء المقاومة البواسل الذين قدموا أرواحهم الزكية دفاعا عن وطننا الغالي.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
إن الاحتفال، بعيد الاستقلال يدعونا إلى إلقاء نظرة فاحصة على المسيرة التي قطعتها بلادنا، تعزيزا للمكتسبات، واستشرافا للمستقبل، للرقي ببلادنا إلى مصاف الدول والشعوب المتقدمة. و هو ما يتجلى في سعينا الدؤوب، من خلال عمل حكومي فعال،إلى تحقيق تنمية شاملة، تستهدف تحسين الظروف المعيشة للمواطنين.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
إن وحدتنا الوطنية هي الأساس المتين الذي يقوم عليه استقرار بلدنا، وهي الضامن لتطور وازدهار مجتمعنا، الذي تأسس على أخوة الدين الإسلامي الحنيف، فامتزجت الأعراق في نسيج أمة واحدة تدرك، أن تنوعها كان، وسيظل دائما مصدر ثرائها و تميزها. لقد عرف الشعب الموريتاني بالتضامن و التسامح و المحبة و التآخي، فلا مكان، اليوم، بيننا لمروجي التطرف بكل أشكاله، وخطابات الحقد و الكراهية، وسيقف المجتمع و الدولة بحزم في وجه كل ما يمس وحدتنا الوطنية، من قريب أو من بعيد.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
لقد عملنا جاهدين على تبني الحكامة الرشيدة منهجا لتدبير الشأن العام، سعيا إلى تحقيق المزيد من الشفافية، وحسن التسيير، و ترشيد الإنفاق العمومي، فاستطعنا تمويل العديد من المشاريع التنموية والخدمية بموارد ذاتية. و ستتواصل سياسة محاربة الفساد التي مكنت، حتى الآن، من ردع المفسدين، و صون المال العام، و تشجيع المستثمرين، و إعادة ثقة المتعاملين مع الإدارة، كما مكنت من استرجاع مئات الملايين التي نهبتها ثلة من المفسدين.
لقد عرفت البلاد نموا اقتصاديا مطردا وصلت نسبته هذا العام 8.6%، و ستستمر زيادته خلال السنوات القادمة، وهو ما سيمكن من الاستمرار في سياسة التوسع في توفير الخدمات و الرفع من جودتها. لقد ركزنا في المأمورية المنصرمة على بناء جيوشنا وقوات أمننا على أسس حديثة ووفرنا لها الإمكانيات اللازمة لحماية حدودنا وتوفير الأمن لمواطنينا. وستعرف هذه المأمورية اهتماما خاصا بالقطاعات الحيوية مثل الصحة، والتعليم، والبنى التحتية. وبهذه المناسبة نعلن سنة 2015 "سنة التعليم".
إن النمو الاقتصادي المطرد الذي عرفته البلاد والحكامة الرشيدة واستقلال القضاء ومدونة الاستثمار المشجعة للمستثمرين والضامنة لحقوقهم، سيفتح الآفاق واسعة أمام المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، وهو ما سينعكس إيجابا على خلق العديد من فرص العمل والحد من البطالة التي عرفت، مؤخرا، تراجعا ملحوظا.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
إن الاستغلال الأمثل لمواردنا الطبيعية مكن من تحقيق نهضة اقتصادية شاملة تجلت في عناية الدولة بقطاع المناجم عناية خاصة جذبت الاستثمارات الأجنبية وزادت أعداد الشركات العاملة في القطاع المنجمي. لقد أجرينا إصلاحات جوهرية في قطاع الصيد استرجعنا بموجبها السيطرة على ثرواتنا السمكية وضمنا لشعبنا الاستفادة القصوى منها مع ترشيد استغلالها. وقد عرف قطاع الزراعة تطورا كبيرا أدى إلى مضاعفة المساحات المستصلحة، وشق قنوات الري، وإدخال الميكنة الحديثة، فانعكس ذلك إيجابا على محصول الأرز الذي بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي منه 69% بزيادة ملحوظة مقارنة مع السنة الماضية. كما بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من الحبوب الأخرى 34%. وسيستمر هذا التطور ليصبح الاكتفاء الذاتي من الغذاء هدفا نعمل على تحقيقه في أقرب الآجال.
وفي نفس السياق حظي قطاع الثروة الحيوانية باهتمام متزايد سعيا لإخراجه من الإهمال المزمن، إلى المساهمة المعتبرة في الاقتصاد الوطني من خلال دمج منتجات القطاع في الصناعات الغذائية، و إدخال تقنيات التهجين عن طريق التلقيح الاصطناعي لتحسين الإنتاج.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
لقد ظل الحوار ، والتشاور مع كافة مكونات الطيف السياسي، وهيئات المجتمع المدني من أهم ثوابت نظامنا السياسي منذ انتخابات 2009. فقد حرصنا خلال سنة 2011 على إطلاق حوار وطني شامل أفضى إلى إصلاحات دستورية وسعت قاعدة التمثيل السياسي في الهيئات المنتخبة، وأسست تمييزا إيجابيا لصالح المرأة عزز حضورها في الوظائف الانتخابية، كما دفع الشباب إلى مزيد من المشاركة الفاعلة. و في إطار سعينا الدائم إلى تمكين الشباب من النهوض بدوره الوطني المتميز، سيتم تنصيب المجلس الأعلى للشباب خلال سنة 2015. إن موقفنا من الحوار والتشاور موقف ثابت ينطلق من حرصنا على تطوير بلدنا، وترسيخ الممارسة الديمقراطية وإشراك الفاعلين السياسيين الوطنيين في قضايا الشأن العام.
أيها المواطنون؛
أيتها المواطنات؛
في إطار سهرنا الدائم على تحسين الظروف المعيشة لمواطنينا قررنا زيادة معتبرة في الرواتب تبلغ 50% من الراتب الأساس لمن يتقاضون ما يساوي أو يقل عن مائة ألف أوقية؛ و30% من الراتب الأساس لمن يتقاضون أكثر من مائة ألف أوقية. ستدخل هذه الزيادات، حيز التنفيذ ابتداءً من شهر يناير القادم، وهي زيادات تترجم وضعنا الاقتصادي المتحسن باطراد، وإرادتنا الصادقة في أن تصل ثمرات هذا التحسن إلى كل الموريتانيين.
إن من واجبنا جميعا، أيها المواطنون، أيتها المواطنات، المحافظة على هذه المكاسب، وتعزيزها بالحرص على السلم الاجتماعي، والتمسك بالثوابت الوطنية، والاستفادة الرشيدة من مناخ الحريات التي ينعم بها جميع المواطنين في التعبير عن آرائهم، والانفتاح السياسي الذي يشرك الجميع في بناء الوطن.
عاشت موريتانيا حرة، و ديمقراطية و مزدهرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.