الشيخ ولد بايه ومعارك "حرب الخفافيش المسعورة"! / النقيب المتقاعد أحمد سالم ولد كعباش

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
ثلاثاء, 2014-12-02 18:13

غصت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإعلامية الإلكترونية في موريتانيا، مؤخرا، بسيل من التحامل ضمن حملة شعواء تستهدف شخص عمدة مدينة ازويرات، ومهندسمفاوضات تجديد اتفاق الصيد بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، الشيخ ولد بايه.. واستند كل من شاركوا في تلك الهجمة الشرسة، في حملتهم؛ ظاهريا على الأقل، إلى مقتطف من حديث للرجل يؤكد فيه أن ما يملكه من مال سليم المصدر؛ حيث حصل عليه بشكل قانوني لا لبس فيه.. وكأن الكسب الحلال بات جرما يستحق صاحبه أن يجلد أو يرجم أو تقطّع يداه ورجلاه من خلاف أو ينفى من الأرض!

ولقد وجدت من واجبي، كعارف بولد بايه وشاهد على جوانب مهمة من مساره المهني، ونزاهته ووطنيته وصدقه؛ أن أدلي بجملة من المعطيات التي لا مطعن فيها، لأن الجميع يعلمها ويحسها واقعا ملموسا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد... وفوق ذلك، حتى لا أحشر ضمن زمرة الساكتين عن الحق، وأعوذ بالله أن أكون "شيطانا أخرس".

أولا: لم تكن الحملة الحالية أول هجمة من نوعها يتعرض لها الشيخ ولد أحمد ولد بايه؛ وإنما هي جولة جديدة في حرب مسعورة وقودها الجشع، والحقد والعداء لكل من يعمل بجد وتصميم على تخليص وطنه وشعبه من مافيات النهب الممنهج لثرواته وموارده..

بدأت أولى تلك الجولات مع تقلد الرجل إدارة مندوبية الرقابة البحرية حين أدخل نظامالمراقبة كامل المياه الإقليمية لموريتانيا بواسطة الأقمار الاصطناعية؛ بهدف منع أساطيل الصيد غير المشروع من مواصلة استنزاف الثروة السمكية كما كانت تفعل على مدى سنوات طوال دون رادع ولا وازع.

لقد جنّد كبار متعهدي سفن الصيد الأجنبية من "رجال الأعمال" كل الوسائل المادية والمعنوية من أجل النيل من شخص السيد الشيخ ولد بايه؛ تارة باعتبار أنه يعمل على إغضاب شركاء موريتانيا الأوروبيين؛ وطورا بالترويج لعلاقة مفترضة بينه وبين شبكات تهريب المخدرات!؛ وأحيانا عبر ادعاء امتلاكه حسابات في بنوك أجنبية! صحيح أن "ما في نفسك يدلك على الناس".. ولأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، فقد باءت تلك الجولة الأولى بالفشل الذريع، وخرج "فرسانها" و من حشدوا معهم يجرون أذيال الخيبة ويتجرعون مرارة كيدهم..

ثانيا: عندما تم توقيع اتفاق الصيد بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، سنة 2012؛ إثر مفاوضات شاقة قادها ولد بايه، بنجاح باهر؛ تم النص على إلزامية تفريغ حمولة جميع السفن، المسجلة لدى المتعهدين الموريتانيين في ميناء نواذيبو، بعد أن كانت تتهرب من أي تفتيش بذريعة واهية تتعلق بعوائق تقنية وهمية.. وقد وقف المتحاملون على الرجل، اليوم كما الأمس، بضراوة ضد هذا البند وحاربوه بكل ما أوتوا من قوة؛ رغم أنه مكسب عظيم لموريتانيا، سياديا، واقتصاديا، واجتماعيا..

وقفوا، بما أوتوا من وسائل وإمكانيات، ضد وجود الشيخ ولد بايه في قطاع ظل لعقود، مرتعا لنهبهم وسطوتهم التامة؛ لدرجة أنهم باتوا على قناعة من أنهم خارج إطار المساءلة.. وقفوا ضد تفريغ السفن في ميناء نواذيبو؛ وقفوا ضد ردع السفن المخالفة لقوانينها والناهبة لثرواتها الوطنية؛ وقفوا ضد حصة 2% من الكميات المصطادة، والمخصصة للموريتانيين الأكثر فقرا واحتياجا؛ وقفوا ضد الكفالة المالية المفروضة على السفن؛ وقفوا ضد مرتنة 60% من العاملين على ظهور تلك السفن...أظهرو، بجلاء، محاربتهم لكل ما يصب في المصلحة العليا لموريتانيا؛ حتى بعد أن نجحت في نيل ما أرادت... رغم قبول الأوروبيين بذلك، وإنعلى مضض!

لم يستسغ زبانية نهب الموارد البحرية الوطنية؛ المتشدقون اليوم بالحرص على "النزاهة ومحاربة الثراء" القانوني؛غير المشروع من وجهة نظرهم؛ إقصاء الحكومة الموريتانية لسفن صيد الرخويات، والتي كانت من أهم مصادر "ثرائهم" هم، "المشروع" في منطق وقانون مص عرق ودماء الموريتانيين، وشرعة بيع الوطن لقاء عمولات تدفع باليورو.. فما كان منهم إلا أن أطلقوا جولة أخرى من حربهم القذرة ضد موظف وطني لم يزد على أداء واجبه بكل نزاهة وكفاءة واقتدار؛ لكنه، بالنسبة لهم كان سببا في قطع مصادر ثرائهم وسر وجودهم، واستئصال خراطيم النهب التي عاشوا عليها ردحا طويلا من الزمن.. ولم تكن تلك الجولة بأفضل حظا من سابقتها، حيث ولّوا على أعقابهم مدبرين.

ثالثا: بما أن المنهزم في أية معركة يحاول استغلال الفترة الموالية لتحليل أسباب تلك الهزيمة ومحاولة إعداد العدة للجولة التالية، وتحين الفرصة التي يراها مواتية للإجهاد على "العدو"؛ لم تخرج خفافيش الحرب ضد ولد بايه على هذه القاعدة التقليدية؛ حيث وجد مناوئو اتفاق الصيد الجديد في ترشيح الرجل لمقعد عمدة بلدية ازويرات، بناء على دراسة ميدانية لتطلعات السكان، وحرص على تحقيق مكسب انتخابي مضمون يدعم القاعدة الشعبية العريضة لرئيس الجمهورية،؛ محمد ولد عبد العزيز، على أعتاب انتخابات رئاسية؛ فرصة لبدء هجومهم في جولة جديدة من "حرب الخفافيش" التي تستهدفه.

نزل هؤلاء بخيلهم ورجلهم لخوض معركة تختلف في ميدانها وطبيعتها عن الجولتين السابقتين؛ رغم وحدة الأهداف والدوافع؛ فباشروا حملة أكثر شراسة لشراء الذمم من أجل إنجاح أي مرشح آخر منافس للشيخ ولد بايه، بما في ذلك مرشحو أحزاب المعارضة، ورصدوا أموالا طائلة في حملة تشويه دعائية محلية وعبر بعض وسائل الإعلام المجندة، أصلا، لهذا الغرض.. لكن وعي سكان المدينة المنجمية وضجرهم من دعايات عهود الفساد وممارسات مصاصي دماء الشعب وخفافيشهم؛ إلى جانب معرفتهم بالرجل وخصاله ومساره الناصع؛ كانت كلها عوامل مكنت من هزيمة الباطل من جديد وانتصار الحق نصرا مبينا؛ حيث تجسد رد ساكنة ازويرات في انتخاب الشيخ ولد أحمد ولد بايه عمدة لمدينتهم.. وخرج المبطلون، مرة أخرى، مهزومين شر هزيمة..

لقد غاب عن هؤلاء أن نقل حربهم، الخاسرة بكل المقاييس، من ميدان خبروه طيلة عقود، وتلقوا فيه هزائم متكررة (مجال الصيد البحري)؛ إلى ميدان آخر يجهلون أبجدياته الأساسية (مجال السياسة)، كان في حد ذاته إقرارا منهم بالهزيمة التامة في الميدان الأول؛ من جهة، ومن جهة أخرى، نوعا من المغامرة غير المحسوبة.. فإلى جانب الرد الصاعق الذي واجههم به الناخبون في ازويرات؛ هاهو الرد الأكثر صعقا يأتي من رئيس الجمهورية شخصيا؛ من خلال اختياره لمدينة ازويرات، وحدها بعد نواكشوط، ضمن تدشيناته بمناسبة الذكرى الـ54 للاستقلال الوطني؛ وكذا من خلال حرصه على ذكر نسبة مصائد الأسماك المخصصة للتوزيع المجاني على المواطنين في مشارق البلاد ومغاربها، في خطاب الاستقلال؛ باعتبارها أهم إنجاز حققته البلاد في مجال الصيد البحري خلال مأموريته الأولى..

رابعا: لم يسلّم زبانية "حرب الخفافيش" بخسارتهم، رغم الهزائم المتلاحقة التي باؤوا بها في جميع الجولات؛ بل سولت لهم أنفسهم أن يجربوا ميدانا آخر؛ عساه يكون حلقة أضعف من سابقيه لتحقيق "حدث خارق" يتمثل في انتصار الشر على الخير؛ وبالتالي قلب قانون طبيعة الكون التي أقرها خالقه في الأزل!

الميدان الجديد الذي اختاره هؤلاء مسرحا لمعركتهم ضد ولد بايه، كان الشركة الموريتانية للحراسات، التي أسسها الرجل ويتولى إدارتها، التي أنهت عقودا من معاناة آلافالموريتانيين، بين عسكريين سابقين، متقاعدين أو مسرحين من الجيش؛ وعمال سخرة تمتص عصابات سماسرة البشر عرقهم ودماءهم منذ أمد غير قصير؛ مقابل نسب ضئيلة من رواتب تأخذها باسمهم من الشركات العملاقة، دون أية حقوق أو امتيازات؛ أي دون ضمان اجتماعي، أو حق في السكن، أو حتى العلاج، ودون أية عقود عمل تربطهم بمشغليهم؛ أو على الأصح مستعبديهم.. حاول "فرسان" الحرب على ولد بايه، تأليب مجموعة ممن أقصاهمإصلاح نظام العمالة الجديد، المطابق لجميع ترتيبات مدونة الشغل؛ بسبب بلوغهم سن التقاعد، أو عدم الأهلية للعمل، ضد الشركة من خلال دفعهم إلى الخروج في حراك احتجاجي بدعوى "المطالبة بالحقوق"؛ متجاهلين أنهم هم من منعوهم أبسط الحقوق طيلة عقود من أبشع صور الاستغلال.

وككل الجولات الفاشلة السابقة، بذل المتمالئون ضد ولد بايه، الحانقون على كل وطني نزيه، ما أوتوا من وسائل مادية ومعنوية في سبيل تحقيق مبتغاهم من هذا التحرك الجديد؛ لتتحطم كل مساعيهم على صخرة الواقع المعيش والماثل عيانا للجميع..

لقد مكنت الموريتانية للحراسات من تسوية وضعية الآلاف من العمال الذين كانت تستغلهم شركات تشغيل وهمية (تاشرونا)، والعسكريين السابقين الذين أفنوا سنين شبابهم وعطائهم دفاعا عن هذا الوطن وتضحية في سبيل عزته وكرامته وأمن مواطنيه، من رفاق الشيخ ولد بايهفي السلاح؛ والذين أعتز بكوني واحدا منهم.. ووفرت لجميع هؤلاء مواقع عمل دائمة بمرتبات معتبرة، مع جميع الحقوق المترتبة على ذلك من عقود، وضمان اجتماعي، وتأمين صحي، وحق في المعاش. ولأن قادة وجنود "حرب الخفافيش" من مصاصي دماء البشر مدمنون على تلك الدماء، فقد دفعوا بمجموعة من العمال "غير الدائمين" من ضحاياهم السابقين، إلى تهلكة السير على الأقدام من ازويرات إلى نواكشوط؛ معرضين حياتهم لكل أنواع الخطر رغم تقدم أغلبهم في السن؛ ليجدوا أنفسهم قابعين في أرض جرداء بعيدا عن ذويهم وأهليهم وبيوتهم؛ تلفح وجوههم الشمس الحارقة نهارا، ويقاسون لسعات برد الشتاء القارس ليلا على مشارف العاصمة، لا لشيء سوى إشباع نزوة زمرة من ناهبي ثروات الشعب والمتاجرين بمصالح الأمة؛ لكن الحق حصحص فأزهق أباطيلهم كما في كل الجولات السابقة..وفي وقت لم يزل فيه باب الحوار مفتوحا أمامهم على مصراعيه بإشراف من مفتشية الشغل.

ولئن كان سكان مدينة المناجم قد بدأوا يجنون ثمار انتخابهم عمدة من عيار السيد الشيخ ولد أحمد ولد بايه؛ من خلال الإجراءات العملية التي بادر باتخاذها فور تسلم مهامه، من قبيل حل أزمة مياه الشرب المزمنة، بتوفير ما يربو على 12 شاحنة صهريج جديدة توزع الماء الشروب على مدار الساعة، وإعادة تأهيل قطار نقل المياه من بولنوار بولاية دخلة نواذيبو؛ مع تنفيذ إستراتيجية مستدامة لضمان تزويد الساكنة بالماء الشروب؛ تمثلت في بناء سدود وحواجز مائية؛ وإلغاء جميع الرسوم الضريبية التي كانت مفروضة على المحلات التجارية الصغيرة، وإلغاء كل الضرائب عن البضائع القادمة إلى المدينة عبر الحدود الشمالية؛ وتأهيل المستشفى الجهوي؛ ودعم التعاونيات النسوية، والجمعيات الشبابية، الثقافية والرياضية.. فضلا عن التكفل بحج عشرة شخاص في سن الستين فما فوقهان كل عام عن طريق القرعة، وكذا تقديم منح لجميع الطلبة الناجحين في الباكالوريا على مستوى ازويرات، الذين يلتحقون بجامعة نواكشوط... فإن سكان باقي مناطق موريتانيا، من نجاكو إلى بير أم اكرين، ومن نوامغار إلى فصاله؛ مرورا بأحياء نواكشوط، ومدن وقرى ولايات ا تيرس زمور، وآدرار، وإينشيري، والترارزه، ولبراكنه، وكوركول، وكيديماغاه، وتكانت، ولعصابه، والحوضين... نالهم نصيب من نجاحات هذا الرجل؛ من خلال كميات الأسماك التي أصبحت توزع عليهم من طرف شركة توزيع الأسماك التي أنشأتها الدولة بفضل اقتطاع نسبة 2% من حمولة سفن أساطيل الصيد الأوروبية التي يتم تفريغها في ميناء نواذيبو بموجب اتفاق الصيد في صيغته التي سفرت عن المفاوضات التي قادها ولد بايه وأغاظت حملة لواء محاربته..

ولعل من الجدير بالتذكير أن هؤلاء، بالذات، هم من كانوا يفرغون ملايين أطنان الأسماك، بعد نزع بيوضها، في قاع المحيط ليقذفها على اليابسة، وغالبا ما يلقون بها إلى الشاطئ؛فتتعفن أو تتحول إلى طعام للذئاب والطيور والحشرات.. يضنون بها حتى على جياع بلدهم! ويذرفون دموع التماسيح، اليوم، متباكين على ذلك العهد الذي يرفضون الإذعان لحقيقة كونه قد ولى إلى غير رجعة.. عهد ازدهرت فيه ممارساتهم التي ترقى إلى مستوى الجرائم الاقتصادية، وأحيانا إلى درجة الجرائم ضد الإنسانية، وخيانة الوطن، وتدمير الوسط البيئي؛ ولا بد أن يحاكمهم التاريخ عليها يوما ما، عاجلا أو آجلا.. ويكفي أن منظمات حماية البيئة في أوروبا طالما نددت باتفاقيات الصيد السابقة مع موريتانيا باعتبارها تخريبا للتوازن البيئي العالمي، وتهديدا لبقاء الكائنات البحرية، السمكية والنباتية وبالتالي خطرا على الأوروبيين مثلما هي خطر على الموريتانيين من باب أولى...بينما يتباكى عليها من يفترض أنهم وطنيون بحكم الانتماء والأوراق الثبوتية الموريتانية!

ختاما أنوه إلى أن حملة التشويه الدعائية الأخيرة جاءت عقب تلقف بعض مواقع التواصل الاجتماعي لفقرة مجتزأة من حديث عفوي صادق أدلى به ولد بايه؛ يعلن فيها أنه تمكن من تحصيل الكثير من المال بالطرق القانونية المشروعة؛ متحدثا عن نسبة 48% التي تعود لإدارة خفر السواحل الموريتانية كرسوم تدفعها سفن الصيد، وفق المساطر المعمول بها في البلاد؛ ومنها يتم تأمين رواتب الموظفين والعمال، واقتناء وصيانة المعدات والتجهيزات، وتغطية مختلف نفقات التسيير، إلخ.. وكان الرجل يقصد بضمير المتكلم الهيئة التي يقودها وليس شخصه بذاته.

غير أن المتربصين به ممن جاء ذكر سلسلة من إخفاقاتهم المدوية أعلاه؛ اتخذوا من تلك التصريحات، فيما يبدو، منطلقا لجولة جديدة من "حرب الخفافيش" المستعرة ضد الرجل؛ متوهمين أنهم بذلك قد يحققون شيئا مما عجزوا عنه خلال جولات سابقة أحمى وطيسا وأشد ضراوة .. ولقد أغاظهم أن مسؤولا وطنيا مثل الشيخ ولد بايه تجرأ على التصريح، علانية، بمصادر أمواله؛ وهو أكثر شيء يمكنهم سماعه، وهم الذين كدّسوا الأموال الطائلة التي تنوء بحملها حاويات سفنهم على مدى عقود متتالية من النهب والمتاجرة بخيرات الأمة وموارد الوطن.