انتخب نواب مجلس الشعب التونسي النائب عن حزب حركة نداء تونس محمد الناصر رئيساً لأول برلمان منتخب بعد الثورة بعد توافق الكتل النيابية الكبرى حوله ما يمهد ضمنياً لبداية تشكل المشهد السياسي في الفترة المقبلة .
وبعد أن تعطلت الجلسة الافتتاحية للبرلمان يوم الثلاثاء، بسبب غياب التوافق بين أكبر كتلتين نيابيتين بالأساس، حركة نداء تونس وحركة النهضة الإسلامية، توصلت أغلب الأطراف السياسية إلى دعم مرشح النداء محمد الناصر لتولي المنصب حيث حظي ترشحه وهو الوحيد الذي تقدم للمنصب بموافقة 176 نائباً من بين 214 صوتاً مصرحاً به .
ومحمد الناصر (80 عاما) سياسي مخضرم عمل في حكومات سابقة خلال حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وهو مهندس نظام الشؤون الاجتماعية في سبعينات القرن الماضي . وبعد فترة ابتعاد عن العمل السياسي في حكم لرئيس السابق زين العابدين بن علي عاد ليشغل منصب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة الباجي قايد السبسي المؤقتة بعد الثورة في 2011 .
وكان اسم الناصر مطروحاً بقوة في مفاوضات تشكيل حكومة غير متحزبة داخل الحوار الوطني في ذروة الأزمة السياسية عقب اغتيال النائب الراحل محمد البراهمي العام الماضي لكنه استبعد لتحفظ حركة النهضة من انتمائه السياسي .
لكنه التحق لاحقاً بحركة نداء تونس ليشغل منصب نائب لرئيس الحزب الباجي قايد السبسي قبل أن يعود إلى الساحة السياسية من أوسع الأبواب عبر رئاسة أول برلمان منتخب بعد الثورة .
وقال الناصر في كلمة له عقب انتخابه رئيسا للبرلمان أمام النواب انه سيتم التأسيس لتقاليد برلمانية جديدة تقوم على التشاور والحوار وتؤسس لنظام جمهوري ديمقراطي وتشاركي .
وانتخب نواب المجلس النائب الأول لرئيس المجلس عبد الفتاح مورو أحد أبرز قادة حركة النهضة الإسلامية ومؤسسيها . وحصل مورو على 157 صوتا .
يذكر انه إضافة إلى عبد الفتاح مورو، ترشح إلى منصب النائب الأول لرئيس البرلمان كل من مباركة عواينية النائبة عن "الجبهة الشعبية" (ائتلاف الأحزاب يسارية) ونعمان الفهري النائب عن حزب "آفاق" (ليبيرالي) الذي سحب ترشحه قبل بدء عملية الاقتراع .
ومباركة عواينية هي أرملة محمد البراهمي النائب السابق عن "الجبهة الشعبية" في "المجلس الوطني التأسيسي" المنبثق عن انتخابات 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 التي فازت بها حركة النهضة، والذي تمّ اغتياله يوم 25 يوليو/تموز 2013 في عملية نسبتها السلطات إلى إسلاميين متطرفين .
وتؤشر عملية تقاسم المناصب التي سبقتها مشاورات بين الأحزاب وحتى داخل كل حزب على حدة عن طبيعة الائتلافات المقبلة في الحكومة وحتى مسار الانتخابات الرئاسية .
ولم تفصح حركة النهضة عن موقفها رسميا من الدور الثاني للانتخابات الرئاسية وما إذا كانت ستستمر في البقاء على الحياد أو دعم أحد المرشحين للمنصب بين الباجي قايد السبسي والرئيس المؤقت الحالي المنصف المرزوقي . لكن نتيجة المحاصصة في مجلس النواب ستدفع عمليا النهضة إلى البقاء على الأقل في موقف الحياد وتعبيد الطريق أمام مرشح نداء تونس السبسي.