لا يبدي النيجيري محمد سيمان أي أسف على إغلاق منافذ الهجرة من موريتانيا جزئيا إلى الديار الأوروبية، فما يجنيه من أموال هنا في نواكشوط يغنيه عن المخاطرة بحياته عن طريق الإبحار سرا إلى أوروبا.
قدم سيمان إلى موريتانيا قبل أربع سنوات بقصد الهجرة إلى فرنسا عبر إسبانيا، ودفع في سبيل ذلك لمهرّب نيجيري 500 ألف نايرة نيجرية (نحو 2800 دولار). هرّبه برًا عبر بنين فبوركينافاسو فمالي ثم موريتانيا، لكنه خشي ركوب البحر فآثر الإقامة بها مدرّسا ثم مديرا لمعهد لتعليم اللغة الإنجليزية.
لم يسمع سيمان بموريتانيا قبل المهرب، لكن عمله بها بات يدر عليه الكثير من المال، وهي بالنسبة إليه اليوم "أكثر الدول أمانا في العالم".
حال سيمان لا يختلف عن كثير من الأفارقة في جنوب الصحراء، ممن قدموا لموريتانيا بقصد الهجرة السرية فطاب لهم المقام بها أو قصدوها أصلا بغية العمل.
فمهنٌ من قبيل غسل السيارات والبناء والصيد والسواقة وإصلاح السيارات وخدمة المنازل.. وغيرها، باتت تستقبل أعدادا لا حصر لها من مواطني الجوار الأفريقي.
صيد وزراعة
وهنا على الضفة اليسرى لنهر السنغال بتكشكمبه على مصب خليج غوير وفي غيرها، يتناثر صيادون ومزارعون -وأحيانا مع عائلاتهم- في أخصاص (بيوت) من القش وأغصان الأشجار، وكثير منهم يقيم بشكل غير شرعي، كحال العاجي زانكو سي والغيني ألاسان بايو، ومنهم أيضا ماليون حاذقون بالصيد وتجفيفه ثم تصديره إلى بلدهم الحبيس.
وفي روصو -إلى الجنوب الشرقي من ذلك- تظل العبّارتان الموريتانيتان وعشرات المراكب السنغالية الصغيرة تذرع نهر السنغال جيئة وذهابا، وفي طريقها إلى الشمال تحمل معها عادة "سكان جوار" لا يحتاجون لإجراءات تسجيل، وهم ما بين 150 و200 شخص يوميا، وزوارا عاديين يقدَرون بمائتين إلى ثلاثمائة شخص يوميا، وآخرين من أتباع الطرق الصوفية يأتون في مواسم خاصة وتقدر أعداهم بالآلاف.
بيد أن ثمة صنفا يتسلل سباحة أو عبر استئجار قوارب صغيرة بالليل، وبعض أولئك مهاجرون سريون يضبط منهم ما بين عشرين وثلاثين كل ثلاثة أيام وهم في طريقهم إلى نواكشوط، وفق مصادر بالولاية.
أرقام
وبحسب مسؤول البرامج في مكتب منظمة الهجرة الدولية في نواكشوط، امم ولد دكرو، فإنه وفق دراسة صدرت عام 2012 فإن المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء يمثلون "أكثر من مائة ألف، أي نحو 4% من الساكنة المحلية" يتركزون أساسا في نواكشوط ونواذيبو وروصو، وأغلبهم سنغاليون وماليون وغينيون. وتقدر بعثة الخبراء الأوروبيين -المكلفة بدعم موريتانيا في مجال الهجرة- أعدادهم بما بين 150 إلى 200 ألف.
وتشير الإحصائيات إلى أن 5% من المهاجرين أوروبيون، و6% منهم عرب، بينهم 800 مغربي، أما الباقون فأفارقة.
وكما تساعد منظمة الهجرة الدولية -وفق ولد دكرو- المهاجرين هنا في الاندماج وتعرفهم على واجباتهم وحقوقهم؛ تنشط المنسقية الموريتانية للجمعيات المعنية بالهجرة والتنمية -بحسب رئيسها إبراهيم الشيخ بوكم- على مساعدتهم ودعمهم قانونيا للحصول على الأوراق اللازمة للإقامة والعمل. أما المسؤول الإعلامي للمنسقية، بابا جانفا تراوري، فيشير إلى جهودها في الكتابة عن قضايا الهجرة ودفاعها عن الموريتانيين المهاجرين في الخارج.
ويقول ولد دكرو إن منظمته تساعد المهاجرين الموريتانيين بالخارج في العودة الطوعية إلى وطنهم وبعد العودة تدعم مشاريعهم للاندماج في المجتمع، وهو ما تفعله أيضا بخصوص المهاجرين الأفارقة بموريتانيا الراغبين في العودة إلى أوطانهم، بواقع خمسين شخصا سنويا وبغلاف مالي يبلغ ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف دولار للمشروع الواحد.
كما تدعم منظمة الهجرة الدولية الحكومة الموريتانية فيما يتعلق بضبط الحدود، عن طريق بناء نقاط حدودية وتزويدها بالمعدات وتدريب مسيري الحدود من شرطة ودرك.
ويعترف ولد دكرو بقيام الحكومة الموريتانية بـ"عمل جبار" فيما يتعلق بضبط الحدود.
المصدر الجزيرة نت