ها قد أسدل الستار على أكبر عملية انتخابية تعرفها البلاد خلال هذه السنة ألا وهي الانتخابات الرئاسية التي تم تنظيمها في الواحد والعشرين من الشهر الجاري، والتي عرفت منافسة قوية بين خمسة مترشحين على التوالي الرئيس المنتهية ولايته السيد محمد ولد عبد العزيز، ورئيس حزب الوئام الديموقراطي الاجتماعي السيد بيجل ولد هميد، والمترشحة المستقلة السيدة لال مريم بنت مولاي إدريس، والمترشح المستقل رئيس منظمة إيرا غير المرخصة السيد بيرام ولد الداه ولد أعبيد، ورئيس حزب التحالف من أجل
العدالة والديموقراطية حركة التجديد السيد صار ابراهيما.
وقد قاطع هذه الانتخابات المنتدى الوطني للديموقراطية والوحدة، وحزب التحالف الشعبي التقدمي، وحزب الصواب، وجدير بالذكر هنا على أن بعض هذه الأحزاب السياسية قد شارك في الانتخابات البلدية والتشريعية الماضية، و منها ما حصل على مستشارين وعمد ونواب، ومنها دون ذلك. في حين أن البعض الآخر لم يشارك لأسباب تخصه، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح لماذا تشارك هذه الأحزاب في الانتخابات التشريعية والبلدية، ولم تشارك في الرئاسيات ؟ مع العلم أنه من بين هذه الأحزاب المقاطعة من
شارك في الحوار الوطني أواخر العام 2011، وصادق على نتائجه، والتي من أهم بنودها إبعاد وزارة الداخلية من الإشراف بشكل مباشر أو غير مباشر على الانتخابات، والإتفاق على تشكيل لجنة مستقلة دائمة للانتخابات تشرف على العملية الانتخابية بدءا من التقييد على اللائحة الانتخابية وحتى نشرها في شكلها النهائي، والإشراف بشكل كامل على عمليات التصويت حتى إعلان نتائج الانتخابات، بل وأكثر من ذلك حيث أن هناك من بين رؤساء هذه الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني من كان له الفضل في اختيار رئيس هذه اللجنة.
أما في ما يتعلق بالأحزاب المقاطعة للحوار الوطني الماضي وللانتخابات المتتالية التشريعية والبلدية، ثم الرئاسية وهي ما يعرف سابقا بمنسقية المعارضة الديموقراطية، فلا شك أنها مهما كانت الأسباب والدواعي لذلك إلا أن المقاطعة تبقى خارجة على المفاهيم الديموقراطية، فمن بين التعريفات البسيطة للديموقراطية من يقول إنها عبارة عن "حكم الشعب نفسه بنفسه" أي أن الناخب يختار من ينوب عنه من الشعب في تسيير شؤونه العامة، ولن يتأتى له ذلك إلا بالمشاركة الفعالة في الاستحقاقات مهما كانت طبيعتها.
كما أن العمل السياسي الديموقراطي كما هو معروف لدى الجميع عمل تراكمي، ولا شك أن المقاطعة هي تعطيل للمسار، وللتجربة الديموقراطية الوليدة برمتها، و يعتبر كذلك خروج على ما هو طبيعي واعتيادي، والمحاولة بالعودة إلى المربع الأول وإلى الأحكام الإستثنائية، وهذا ما من شأنه أن يكون قد ولى وإلى غير رجعة.
أما الحوار بشكل عام فهو مطلب شرعي كان وسيظل هو السبيل الوحيد للوفاق الوطني، والذي يجب أن يسعى الجميع إلى تحقيقه. ومن غير اللائق مواصلة هذا المسار على ما هو عليه من جفاء، ومحاولة خلق للأزمات، فالوطن وطن الجميع ويسع كل أبنائه، وبحاجة إلى سواعدهم جميعا، وإلى تكاتف كل جهود الخيرين من أبنائه من أجل تحقيق المزيد من الرخاء والتقدم.
ولتحيق المزيد من التقدم والنماء فقد أعطى الناخب الموريتاني كلمته الأخيرة وإشارة الضوء الأخضر لمأمورية ثانية للسيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز من خلال التصويت له بنسبة وصلت إلى 81,94 في اقتراع شهد له المراقبون الدوليون، والمراقبون الوطنيون بالنزاهة والشفافية، وأعترف له منافسوه بالفوز وهنؤوه بذلك.
وأشير هنا كذلك على أن انتخابات الواحد والعشرين يونيو 2014 جرت في ظروف عادية من الأمن والأمان، والهدوء والسكينة والحرية، وكان طابعها المميز هو الحماس، وتجسد ذلك من خلال المهرجانات والخطابات، والخطابات المضادة، وشرح برامج المترشحين، مع ما تميز به البعض في خطاباته كذكر السيد الرئيس المنتهية ولايته السيد محمد ولد عبد العزيز للإنجازات التي تحققت خلال الخمسية الماضية، وتعهده بمواصلة تلك الجهود.
وقد عملت الأحزاب والمبادرات في استقطاب الناخبين، وعلى تحسيسهم بأهمية الاقتراع، وذلك من أجل القيام بالواجب الانتخابي، والذي هو واجب وطني. ونظرا لمواكبتي للحملة الرئاسية من اليوم الأول حتى نهايتها، ونظرا كذالك لموفقي الحزبي، فأنوه هنا من خلال هذا المنبر المحترم بالجهود الكبيرة التي لعبها حزب الاتحاد من الديموقراطية والتقدم udp من خلال دعمه ومساندته للمترشح السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز من خلال المهرجانات التي نظمها الحزب وبإشراف مباشر من رئيسة الحزب السيدة الناهة بنت حمدي ولد مكناس، وكذا السهرات، والاستقبالات المتكررة والدائمة للسيد الرئيس من طرف مناضلي ومناصري الحزب على مستوى كل المحطات التي زارها السيد الرئيس.
ولا شك أن الناخب الموريتاني بتصويته للسيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز
إنما يعبر عن عرفانه للجميل لما تحقق من منجزات خلال فترة زمنية قصيرة،
ويأمل من خلال منحه لثقتة مرة أخرى للسيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى
مواصلة تلك الجهود الجبارة من الانجازات العملاقة التي تحققت خلال
المأمورية الأولى، ويطمح لتحقيق المزيد من الانجازات في كل المجالات
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية خلال هذه المأمورية الجديدة.
الكاتب/ مولاي إدريس ولد العربي
[email protected]