تخفيف الحصار الأمريكي عن كوبا ينعش اقتصادها

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
جمعة, 2014-12-19 21:40

يرى الخبراء ان تخفيف الحصار الأمريكي المفروض منذ اكثر من نصف قرن على كوبا سيؤدي إلى اثار ايجابية وسريعة ومتعددة على اقتصادها المتهالك، بالرغم من الإصلاحات الأخيرة للنظام الشيوعي.
واوضح المحلل الاقتصادي بافيل فيدال، من جامعة خافيريانا في كالي في كولومبيا، ان الاجراءات الاقتصادية التي أعلنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الأول «لن تؤدي إلى ارتفاع كبير مفاجئ للتجارة مع الولايات المتحدة وتدفق متزايد من السياح فحسب، بل سترسل ايضا مؤشرات إيجابية جدا إلى المجتمع الدولي حول مستقبل الجزيرة الاقتصادي».
ورغم ان اجراءات الحصار التجاري الذي فرضه الرئيس جون كينيدي عام 1962 ستظل سارية إلى ان يرفعها الكونغرس، إلا انه تم الاعلان عن سلسلة اجراءات لتعزيز التبادلات الاقتصادية بين البلدين.
وهكذا، وللمرة الاولى منذ عقود، سيتمكن الأمريكيون من استخدام بطاقات اعتمادهم في كوبا، وسيجاز للمؤسسات الأمريكية فتح حسابات في مؤسسات مالية كوبية.
وكل عام يزور اكثر من 90 الف أمريكي كوبا بالرغم من القيود المفروضة على الجزيرة والتي تحظر على مواطني أمريكا الشمالية انفاق المال فيها او استيراد منتجاتها.
هذا الرقم المتواضع يبدو قابلا للارتفاع، لان إدارة أوباما سترفع في الأسابيع المقبلة القيود على السفر إلى كوبا المفروضة على 12 فئة من المسافرين الذين يسمح لهم بذلك حاليا بشروط، ومن بينهم اقرباء سكان في الجزيرة.
في الوقت نفسه سيرتفع سقف المبالغ التي يمكن تحويلها من الولايات المتحدة إلى كوبا من 500 إلى ألفي دولار لكل فصل. ويمكن تخصيص هذه الأموال لمشاريع خاصة.
وتابع فيدال «يتوقع ان يشهد الاقتصاد آثارا إيجابية على المدى المتوسط، لكن كذلك على المدى القصير مع زيادة عدد السياح والاستثمارات. وهذا سيعود بالنفع على الشركات الكبرى والقطاع الخاص الناشئ على مستوى صغير» وهي بحسبه قطاعات تعاني بشدة من عجز بنيوي في الاستثمارات.
واطلق النظام الكوبي في السنوات الأخيرة سلسلة إصلاحات لتحفيز الشركات التجارية الخاصة الصغرى، التي تشمل حاليا حوالي نصف مليون كوبي. ومنحت السلطات 140 الف مزارع أراض يستثمروها بحق بالانتفاع، يضاف اليهم 100 الف مالك صغير.
بالنسبة إلى هؤلاء الفاعلين الاقتصاديين الصغار فقد تؤدي إجازة واشنطن بيع وتصدير بعض «السلع والخدمات» إلى القطاع الخاص الكوبي إلى انتعاشه بشكل كبير.
وفي حال جرى تطبيع العلاقات الكوبية الأمريكية كما ينبغي، مع إزالة الجزيرة عن لائحة الدول الداعمة للإرهاب، فان «تكاليف ومخاطر مد علاقة مع الاقتصاد الكوبي ستتقلص إلى حد كبير» بحسب فيدال.
واعتبر الخبير ان هذه الاجراءات الجديدة تأتي في مرحلة «مثالية لبدء السياسة الجديدة الداعمة للاستثمار الخارجي وللمنطقة الخاصة لتنمية ميناء مارييل، والتي تبعث الأمل في زيادة نمو اجمالي الناتج الداخلي الكوبي».
كذلك فقد يخفف ذلك عن الكوبيين القلقين من الوضع الاقتصادي الحساس لفنزويلا، شريك بلادهم الذي يقدم النفط باسعار مخفضة جدا.
في حزيران/يونيو الفائت اقرت السلطات الكوبية قانونا جديدا حول الاستثمارات الاجنبية الحيوية من أجل انعاش اقتصاد متهالك ومواكبة التحرير الجزئي للمبادرة الخاصة.
فالتبادلات بين الولايات المتحدة وكوبا التي فتحت عام 2001 أمام بعض انواع الأغذية والمواد الصيدلية تشهد تراجعا حاليا. فعام 2008 بلغت 962 مليون دولار مقابل 401 مليون في 2013.
وهذه التجارة المحصورة بالسفن غير الكوبية والمرفقة بحظر للإقراض، تباطأت عندما منعت ادارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن تسديد المدفوعات بالدولار، وفرضت تسديد ثمن المنتجات الأمريكية مسبقا.
اما الآن فقد اقترح أوباما العودة عن هذه القيود والسماح للمصارف الأمريكية بفتح فروع في كوبا لتسهيل الدفع.
وعلق الاستاذ الكوبي ارتورو لوبيز- ليفي من جامعة نيويورك بالقول «بالنسبة إلى كوبا، إنها فرصة لإنعاش عملية الإصلاح الاقتصادي والتحرير السياسي وزيادة الانفتاح».
على صعيد آخر قال خبراء في العقوبات ان الرئيس الأمريكي يملك سلطة تخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على كوبا. 
ومع ان استعادة العلاقات الدبلوماسية مع هافانا يعتبر انفراجة كبيرة، فإن الحصار المستمر منذ عقود يشكل عقبة حقيقية في طريق إقامة علاقات طبيعية بين البلدين.
وفي ظل السيطرة المرتقبة للجمهوريين على مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ) في يناير/كانون الثاني المقبل، فإن فرصة إلغاء المشرعين لجميع العقوبات المفروضة على كوبا قريبا تعتبر صفر تقريبا.
لكن أوباما لديه سلطات تنفيذية واسعة للانفتاح أكثر على كوبا بعدما أعلن أنه سيخفف القيود على التجارة والنقل والتعاملات المصرفية.
وفي حين تنص القوانين على العقوبات، وأبرزها قانون هيلمز بيرتون لعام 1996، قال خبراء إن الرئيس الأمريكي لديه مساحة للمناورة لرفع الحصار تدريجيا حتى لو اعترض الكونغرس.
وقال بيتر كوسيك، المسؤول السابق في وزارة الخزانة والذي عمل على العقوبات الكوبية «هناك متسع للسماح بأشياء بشكل أوسع من ذي قبل شريطة الالتزام بالخطوط (التشريعية) العريضة.»
والعقوبات المفروضة على كوبا أكثر صرامة من تلك المفروضة على خصوم أمريكا الآخرين مثل إيران وروسيا على الرغم من ان أمريكا تسمح ببيع الطعام والدواء لكوبا.
وقال كليف بيرنز، المحامي الخبير بشؤون العقوبات في مؤسسة «برايان كيف» في واشنطن، ان الرئيس بإمكانه تخفيف الحظر التجاري مع كوبا ما دام يحتفظ بقيد واحد على الاقل يبرر الحصار.
وأضاف «بإمكانه عمل أي شيء سوى إنهاء الحصار الاقتصادي.»
وقد يثير تقويض العقوبات غضب الكونجرس، لكن أوباما قد يصدر تعليماته – إذا أراد – إلى مكتب العقوبات بوزارة الخزانة لتخفيف القيود على كوبا.
وقد يصدر المكتب «تراخيص عامة» تسمح بتصدير السلع الأمريكية مثل السيارات أو الآنية الزجاجية إلى كوبا، أو تسمح باستيراد السكر.
وقال جون بيلينغر، كبير المستشارين القانونيين في وزارة الخارجية في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش «الرئيس لديه بعض المرونة لتخفيف القيود على الصادرات إلى كوبا لكن ليس من الواضح إلى أي مدى يمكنه أن يتحرك في ظل قانون هيلمز بيرتون.»
وهناك ست مواد على الأقل في قانون العقوبات تقيد ما يمكن لأوباما القيام به، على سبيل المثال استثمارات الاتصالات أو التجارة مع موانئ بعينها.
وقال مسؤول الخزانة السابق كوسيكانه من غير المرجح أن تخفف إدارة أوباما العقوبات للسماح بالتعامل مع القيادة الكوبية في أي وقت قريب.
وأضاف «ستكون الحكومة مقيدة ولن يتم السماح بإجراء تعاملات مع الحزب الشيوعي فجأة.»
.وقال مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية «ندعم جهود رفع القيود. لكن نتفهم أن الكونغرس لن يتخذ هذه الخطوات على الأرجح في المستقبل القريب.»