قديما أعطى مؤرخونا تسمية بلادنا بموريتانيا الكثير من الدلالات والمعاني ، ولست هنا بصدد الرجوع إليها ولا تمحيصها .
لا لأني لست مؤرخا فقط ، أو لكوني أمقت الرجوع إلى الوراء والنبش في الماضي ، بل لأنني أجد في أيامنا هذه من مرادفات ومعاني كلمة موريتانيا ما يشغلني عن ذلك .
فعندما أتابع سياسيا ، متملقا متزلفا متنكرا لمبادئه ، حربائيا يغرد كل يوم في سرب ، ويصفق كل يوم في محفل ، وانتقده يقال لي " هاذ موريتان " .
وعندما أسمع عن اختلاس ميزانيات ، أو اختفاء تمويلات ، أو نهب أو إفلاس مؤسسات وقطاعات حكومية أو عمومية ، وأستنكر يقال لي " هاذ موريتان " .
عندما أرى نزاعات لدى المحاكم ، تركت عالقة دون حل وأدت أو كادت تؤدي إلى حروب أهلية ، ومجرمون لصوصا وحتى قتلة يرفلون في حرياتهم براحة بال وأستغرب الأمر يقال لي " هاذ موريتان " .
وعندما أسمع عن تحويل تعسفي أو زبوني لموظف ، أو يبتزني شرطي أو دركي أو جمركي في مركبتي ، معيقا تنقلي دون وجه شرعي ، ومغرما دون حق ، مغتصبا مني مبلغا ماليا مقابل إخلاء سبيلي ، وأتذمر يقال لي " هاذ موريتان " .
وعندما أجدني محاصرا في زحمة مرور خانقة ، بفعل مخالفة صارخة من سائق متعمد ، وبحضور شرطي المرور ، أو بفعل معروضات تاجر في الشارع العام ، أو انتظارا لفض شجار بين أجنبي على عربة حمار غير مسالم ، ومواطن آمن مهان في عقر داره . وأتضجر يقال لي " هاذ موريتان " .
وعندما أسمع عن حوادث مرور مروعة راحت ضحيتها العشرات ، نتيجة تهور السائقين أو تهالك الطرقات والعربات ، وعن أخطاء طبية قاتلة ، وعمليات سطو مسلحة ، واغتصاب فتيات . كلها مر مرتكبوها دون عقاب وأصدم ، يقال لي " هاذ موريتان " .
وعندما أصادف جزارا ، يحمل لحوما مكشوفة ويجلس عليها على ظهر عربة يجرها حمار ، ليعرضها على شارع عام وسط نهم الذباب وأخبر بعد ذلك أن هذه اللحوم تعود لجيف حيوانات نافقة ، فأتقزز يقال لي " هاذ موريتان " .
فهل أضيف إلى معاني كلمة موريتانيا في قاموس العولمة : التملق ، التزلف ، الاختلاس ، النهب ، الظلم ، السرقة ، الاغتصاب ، الزبونية ، الابتزاز ، الفوضى ، الجشع ، الإهانة ، الإهمال .
النهاه ولد أحمدو