بدأ الكاتب في مقاله هذا بالقول أن النظام القائم ؛ يقوم بخطوات طفيلية مسعاها تشتيت إطار المعارضة السياسية ، ويعتقد جازما أن هذا النظام يتبع سلوكا منحرفا سياسيا ويبتعد كثيرا عن القيم والمبادئ ، وهو حسب الكاتب ؛ تارة يغوي أعضاء الأحزاب السياسة المعارضة ويهددهم بملفات الفساد المختلفة ..
وأحيانا يعرض شراء ذمم بعض المنسحبين من الأحزاب المعارضة ، في هذه النقاط بالذات ألا تستحق معارضة تتصف بصفات كهذه .. تتشت قبل أن يطلب منها ذلك بفعل تضارب المصالح وهشاشة المواقف ، يرتمي رموزها في أحضان النظام قبل إغوائه أو إغراء أتباعه، ترتعد فرائس هذه المعارضة المزعومة مع أول إشارة لفتح ملفات الفساد ؛ بفعل عدم البراءة ؛ بل بثبوت التورط وسهولة قيام الأدلة،
ثم يعود كاتب المقال إلى تقسيم الأوسمة الأخلاقية ؛ واصفا النظام بالمتعفن والقابع في وحل الفراغ السياسي ؛ والعامد إلى الاتصال بالبائعين أنفسهم ويعني طبعا رموز المعارضة ؛ لماذا وكيف كان هؤلاء رجال المعارضة بالأمس وتاج خلصائها؟.
ثم يقول الكاتب واهيا أنه ينذر بمنطق حانوتي تدار به البلاد بامتياز؛ فالرئيس عزيز كما يصفه الكاتب ؛ ينظر إلى الساسة على أنهم بضاعة تباع وتشترى ؛ ثم يرمى بها حينما تنتهي صلاحيتها ؛ ويقيم الكاتب الحجة على نفسه حين يقول : كما فعل للكثير من الساسة ذوي الوزن الثقيل في المشهد السياسي ؛كيف يكون هؤلاء هم الساسة الكبار وهم الرموز ؛ ومآلهم كما وصفت وحالهم كالذي قدمت ؛وهل يستحقون أصلا أن يقال عنهم معارضة أحرى أن يكونوا رموز؟ ، ولم يكون حالهم كهذا ؟ ومن الذي أرغمهم على الخيانة والذوبان والارتماء في الأحضان ؟.. لعله الارتزاق والبحث عن الانتفاع الشخصي ؛ وتحقيق المآرب الضيقة وعدم الإيمان بالمشاريع الواهية المقدمة من طرف هذه المعارضة ..
كيف لك أن تقول أن البلد يدار بالطريقة الخطأ ؛ ويترأسه الرئيس المنحرف الذي لا يستحق هذا المنصب كما تقول ، كيف بذلك والبلد يعيش أكثر فترات النجاح الدبلوماسي على المستوى الخارجي ؛ والرئيس يعيش أكثر فترات الانتشاء السياسي ، والحدود الوطنية تشهد أكثر الأزمان إحكاما على القبضة الأمنية ؛وأشدها ضبطا لمنافذها ؛ وتأمينا لمعابرها ، أما عن القوة المدنية الواعية ؛كما تقول وما تواجه من مخاطر قد تعصف بالبلد وأمنه واستقراره.. فلتبشر من هذه النقطة بالذات لأن هذه القوى على مستوى من الوعي والنضج؛ يجعلها لا تنجرف وراء الدعايات المغرضة ؛لأي كان ولأن الرؤية واضحة في هذا المجال ؛ فما لم يتم تحقيقه عن طريق صناديق الاقتراع ؛ والطرق السلمية الأخرى لن يجد طريقه للتحقيق إلا في أذهان مرضى السياسة والوهن الفكري ؛ دون تجسيد على أرض الواقع .
إن الشباب الموريتاني لن يسمح بالتغرير به ؛ ولن يكون وقودا لتحركات فوضوية ؛ مهما كانت عناوينها ومهما أثير حولها من عبارات الاستعطاف والتباكي سواء كان مصدره عجزة السياسة أو عاجزيها ، لقد أخطأت التوصيف حين طلبت رفع النضال المستميت ألم تدري أنه ميت ؟ وأن آخر مسمار في نعشه ؛ دق بيد رؤساء أحزاب يلتئم عليهم المنتدى اليوم بل يشكلون أعمدته ؛ التي باتت تئن بحمل جسمه النحيف،
ألا يشعر هؤلاء بانتهاء صلاحيتهم أم أنهم يتغافلون ؟ ، طبعا وكما قلت فالمنتدى في وضع لا يحسد عليه ؛ لأن تغريده خارج السرب لم يجدي نفعا ؛ ولم يعد بمقدوره بعد ذلك الانسجام مع بقية الحمائم ؛ بعد أن يئس من اتصافه أو التمكن من تقليد صوت الصقور، وما التفكيك الحاصل ؛ والانسحابات التي أشرت إليها إلا دليل على تهالك نسيج المنتدى ؛ الذي تولت عنكبوت المقاطعة نسجه من قبل ؛ فهان وتمزق قبل التئامه ، نعم مشكلة كبيرة حينما يصاب بعض الساسة بمرض" الجوع السياسي" بل الأخطر من ذلك إذا كان هؤلاء الساسة الذين تدافع عنهم مصابون بهذا المرض بشكل مزمن ،لماذا إذا كانت المعارضة مبنية على قناعة وحب للوطن والذود عن المواطن ؛ لماذا تكون عرضة للشراء ؟ بل لماذا تهب نفسها لعدوها الذي يترفع عن التزاوج بها ، وهي التي كانت أصلا تجد في وجودها عائقا في وجهه ؛ وعاملا صحيا وضرورة كونية ، أبشر بعدم تلبية الدعوة فموريتانيا مهما كانت شرائحية في أعين المصابين بعشى النهار قبل الليل ؛ ومهما كانت تعيش أقوى حالات الخلاف السياسي حسب زعم الساسة ؛ الذي نادرا ما يتسلل إليه الصدق والحياد ؛ فإن فيها من يغارون عليها ولا يعبئون بالسياسة وصراعات الساسة في سبيل الأمن والاستقرار.
عثمان جدو / كاتب وناشط حقوقي [email protected]