عام أغيث فيه الأفارقة.. بعد سنيهم العجاف.. عام مضى حملت فيه موريتانيا هم الاتحاد الإفريقي..
عام مضى.. وعند الصباح حمد القوم السرى.
سلم ربان إفريقيا الصبور الجلد الجسور الرئيس محمد ولد عبد العزيز اللواء في أديس أبابا لخليفته الجديد.. وحق له أن يخلد إلى الراحة؛ فقد أدى ما عليه وزاد.. وقد كان عند الأمانة وفوقها.
تدري إفريقيا ـ كل إفريقيا ـ أن الرجل الذي بايعته حاميا لحماها، مرافعا عن قضاياها، ذائدا عن حرماتها، آسيا لجراحها، مقوما لاعوجاجاتها.. هو باري القوس.. فسلمت القوس باريها.. ونامت ملء جفونها.
في "الزهرة الحديثة" أديس أبابا عروس مدائن الشرق الإفريقي.. وقف الجميع على رؤوس أصابعهم.. وكلهم احترام وتقدير وعرفان لقائدهم ورمزهم.. وكأنهم يرون به هلالا..
ومالهم أن لا يروا فيه قمرا يتلألأ ليلة تمامه.. ليس القوم غلف القلوب؛ وما على أبصارهم غشاوة.. وهم أهل فضل يعرفون حق المساعي.. وما حق المساعي أن تنكر.
يذكرون لابن عبد العزيز رحلته رغم المصاعب.. رغم النيران؛ رغم الصحاري.. إلى كيدال؛ ليبرم صلحا يحقن دماء غالية لأفارقة.. نزغ الشيطان بينهم.
يذكرون له أن سافر رغم المقاطعة الدولية.. رغم الوباء.. رغم الموت الذي ينبت في بلاد؛ استوطنها وحش الأيبولا.. يذكرون له أن سافر ليزرع الأمل.. الحنان.. الدفء.. الود.. في قلوب كادت تقنط من يد حانية.
يذكرون رحلته إلى البلدان التي انتشر فيها فيروس الأيبولا؛ ليقول لهم: لستم وحدكم.. الأفارقة معكم.. موريتانيا معكم.. أنا معكم.. وكان معهم فعلا لا قولا؛ كان معهم في الضراء.. كما كان معهم في السراء.. وذاك هو ديدن القادة العظام منذ أن كانوا.. وأينما كانوا..
يذكرون له مساعيه الحميدة في إفريقيا الوسطى؛ حينما كان الموت أرخص من سيجارة رديئة.
يذكرون له وقفاته في واشنطن؛ بروكسيل.. استراليا.. نيويورك.. كولمبو.. في مشرق الأرض ومغربها مسافرا يحمل هم إفريقيا.
كانت قيادة الرجل للاتحاد الافريقي أكثر من موفقة بشهادة الجميع.
كانت إضافة أخرى إلى زخم موريتانيا الدبلوماسي الذي عاد مع عودة موريتانيا لمحيطها الإفريقي والعربي والإسلامي.. داعما تقليديا لكل القضايا العادلة.. واحة أمن واستقرار.. نمو>جا في الديمقراطية والحريات.
سيذكر تاريخ موريتانيا لمحمد ولد عبد العزيز أنه كان ثاني اثنين صنعا لموريتانيا اسمها.. وسافرا بها إلى النجوم..
أولهما الرئيس المؤسس المختار ولد داداه؛ الذي سار على خطاه؛ وثبتها؛ وزاد عليها المقدام محمد ولد عبد العزيز.. وكان حق اليوم أن يكون أضوأ من أمس.
عام رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي كان بعشرات الأعوام من عمر الزمن إذا ما عدت المساعي؛ لأن الفارس الذي كان يحمل اللواء يعد بألف من الفرسان.
هو عام لموريتانيا؛ جميعها؛ سواء في ذلك الغالبية المعترفة بالجميل.. أو الأقلية المكابرة أن تفخر به.. فهو بيت لقصائد الفخر.