منذ أسابيع والرأي العام الوطني يتحدث عن حوار سري يطبخ على نار هادئة بين النظام و بعض قيادات المنتدى المعارض ، وبوساطة من رئيس الجمعية الوطنية السابق رئيس حزب التحالف مسعود ولد بلخير .
الحوار بشكله الحالي يثيرمجموعة من التساؤلات تتمحور حول توقيته ومدى جديته ومن المستفيد منه في حالة حدوثه، هل هو النظام كما يرى بعض أقطاب المعارضة المترددة إلى حد الساعة في قبول الحوار ؟ أم المعارضة هي من وجدت نفسها مرغمة على الدخول في حوار بعد انتكاسة ما سمي بالربيع العربي الذي حاولت ركوبه للإطاحة بنظام ولد عبد العزيز ؟ .
توقيت الحوار
كثيرة هي الخرجات الإعلامية للرئيس ولد عبد العزيز والتي دعا من خلالها للحوار مع المعارضة ، لكن ما ميز دعوته الأخيرة للحوار هو جديتها حسب بعض المراقبين ، ولعل ما نقل عنه خلال اجتماع مجلس الوزراء الاخير من توصية لحكومته بضرورة إجراء حوار جدي وصادق ، وانه مستعد في سبيل ذلك إعطاء جميع التنازلات الممكنة والتي قد تساهم في إنجاحه؟ لكن مالذي جعل النظام يظهر بهذه المرونة أمام خصومه في المعارضة ؟
جدية الاطراف في الحوار :
يتساءل الكثيرون عن صدق نية النظام في الدخول في حوار جدي مع خصومه يفضي إلى التوصل لحلول سياسية تخرج البلاد من الاستقطاب الحاد الذي تعيشه منذ وصول ولد عبد العزيز للسلطة .
لكن البعض يعتقد أن النظام يختلف هذه المرة في الدعوة للحوار عن المرات السابقة، مستدلين ببعض المؤشرات التي يرونها دليلا على ذلك ، ومنها السرية التي طبعت إلى حد الساعة اللقاءات الممهدة للحوار ، إضافة إلى تأجيل الانتخابات الجزئية للشيوخ , ثم إن البعض يرى في اتخاذ ولد عبد العزيز عطلته مؤشرا على أنه يريد التفرغ من أجل إجراء لقاءات سرية بزعماء المعارضة بعيدا عن الأضواء خاصة في ظل ما يشاع عن نيته قضاء بعض عطلته في مزرعته بولاية إينشيري .
كلها مؤشرات يعتبرها البعض دليلا على جدية الحوار هذه المرة .
الأطراف المستفيدة
بعض المراقبين يرى أن ولد عبد العزيز وجد نفسه أمام دوامة من الإشكالات الكبيرة التي قد تعصف بالبلاد ، منها ماهو اجتماعي والآخر اقتصادي مع ما خلقه الاحتقان السياسي من جو ملائم لتفاقم هذه المشاكل ,إضافة إلى الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية ، وما صاحب ذلك من انخفاض في اسعار الحديد عالميا والنفط ، . امور كلها جعلت ولد عبد العزيز يعيد حساباته ، ويبحث عن حل توافقي قد يساعد في إرساء سفينة البلاد على بر الأمان . إضافة إلى عامل شخصي بالنسبة للرئيس خاصة أنه الآن في مأموريته الثانية وبالتالي فهو يبحث عن مكسب يمكن من إخراج البلد من مسلسل التغييرات غير الدستورية والخروج من السلطة بطلا، ما يضمن له ان يعيش بقية حياته دون مشاكل تلاحقه مستقبلا، بعدما حقق كل أحلامه في رئاسة الجمهورية والاتحاد الإفريقي بالإضافة لرصيد من العلاقات الدولية.
من جهة أخرى فإن المعارضة بحاجة إلى التوصل إلى اتفاق يؤسس لمرحلة جديدة من التشارك ، ويفتح الباب امام بعض القوى التي كادت تخرج من المشهد السياسي بعد مقاطعتها الانتخابات الأخيرة ، ويبعث الأمل لمناضليها بقيام دولة مدنية تتكافأ فيها الفرص ويسعى الفرقاء السياسيين فيها لكسب ثقة الناخب من خلال برامج واقعية تهتم بالحياة المعيشية للمواطن بعيدا عن مناقشة الشكل الانتخابي وتجيير الانتخابات .
وفي انتظار ان تتضح الرؤية حول الحوار المرتقب يظل المواطن البسيط بين مطرقة تجاذبات السياسيين ، وسندان غلاء المعيشة ؟