يبدأ البرلمان التركي الثلاثاء مناقشة مشروع قانون موضع جدل كبير تقدمت به الحكومة الاسلامية المحافظة ومن شأنه تعزيز صلاحيات قوات الامن فيما يرى منتقدوه انه سيحول البلاد الى “دولة بوليسية”.
وهذا النص بعنوان “اصلاح الامن الداخلي” المدعوم من نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم، يسهل الى حد كبير نظام الاعتقالات والمداهمات وعمليات التنصت الهاتفي بمعزل عن القضاء كما يعزز الادوات لقمع التظاهرات.
وقد سبق وتأجل بدء النظر فيه مرتين بسبب الانتقادات التي اثارها وخصوصا لعدم الاساءة الى عملية السلام التي بدأت في خريف 2012 بين السلطات وحزب العمال الكردستاني المتمرد.
واكد رئيس الوزراء احمد داود اوغلو مساء الاثنين ان مشروع القانون “سيتم اقراره وفي الوقت نفسه ستتقدم عملية السلام”.
وعلى العكس اعتبر الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني الاحد ان التصويت على هذا القانون سيعرض المحادثات برمتها ل”الخطر”.
ونشأت فكرة طرح هذا القانون الجديد بعد الاضطرابات العنيفة المؤيدة للاكراد على اثر رفض انقرة التدخل عسكريا لصالح الميليشيات الكردية التي كانت تدافع عن مدينة كوباني او عين العرب السورية القريبة من الحدود التركية والمحاصرة من تنظيم الدولة الاسلامية. وتمكن المقاتلون الاكراد من اخراج الجهاديين من المدينة الشهر الماضي.
وادت المواجهات العنيفة بين ناشطين اكراد والشرطة او بين مناصرين اسلاميين الى سقوط نحو اربعين قتيلا.
وكان داود اوغلو اعلن حينها عن طرح مشروع قانون جديد. وكرر الاحد “لن نترك شوارع هذا البلد للمخربين والارهابيين”.
ويجيز هذا النص الذي ستبدأ مناقشته في الساعة 13,00 بتوقيت غرينتش، للشرطة القيام بعمليات دهم وتوقيف او التنصت بمجرد وجود “شبهات” وفي غياب اي تفويض قضائي.
ومن بين التدابير الهامة الواردة فيه يسمح للقوات الامنية باستخدام اسلحتها النارية ضد اي متظاهر يحمل عبوات مولوتوف، كما يمنع المحتجين من اخفاء وجوههم تحت طائلة السجن لخمس سنوات.
واخيرا يتضمن مشروع القانون الجديد تعديلا لنظام الحبس على ذمة التحقيق. فحتى الان تحدد المدة باربع وعشرين ساعة بقرار من المدعي العام قابلة للتمديد الى ثمان واربعين ساعة من قبل قاض، لكن النص الجديد يجيز للشرطة ان تقرر مدة الاربع وعشرين ساعة مع ابلاغ المدعي العام الذي بامكانه بعد ذلك تمديدها لثمان واربعين ساعة.
ندد خصوم الرئيس رجب طيب اردوغان الذي يحكم البلاد بلا منازع منذ 2003، بهذا النص واعتبروه مرحلة جديدة من نزوعه الاستبدادي، بعد القمع العنيف للحراك الشعبي المناهض له في حزيران/يونيو 2013.
وقال سيزغين تانري كولو نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري (يسار وسط) “ان تركيا تتقدم نحو نظام جديد، نظام الفاشية”.
واستطرد النائب حسيب كابلان من حزب الشعب الديمقراطي (مؤيد للاكراد) “لن نقبل بهذه الحزمة الفاشية التي تستخف بالجهاز القضائي وتنال من الحقوق والحريات”.
وبما ان حزب العدالة والتنمية يحظى بغالبية مطلقة في البرلمان فان نتيجة التصويت تبدو محسومة. لكن يتوقع ان تكون المناقشات صاخبة وطويلة لاسيما وان المعارضة وعدت بتقديم تعديلات عديدة لتأخير اقراره.
الا ان الحكومة ضربت بكل الانتقادات عرض الحائط من خلال انكارها اي رغبة في التضييق على الحريات الفردية وبتشديدها على ان مشروع قانونها يتوافق مع قوانين الاتحاد الاوروبي الذي تسعى تركيا للانضمام اليه.
وقال وزير الداخلية افكان علاء “ان هذه التدابير تضمن الامن لمواطنينا لحياتهم وممتلكاتهم”. واستطرد نائب نافذ في حزب العدالة والتنمية “يمكن للارهابيين والخونة وحدهم معارضة هذا المشروع″.
وعبر الاتحاد الاوروبي والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني عن تحفظات شديدة حيال النص. ولخص رئيس نقابة المحامين في تركيا متين فيضي اوغلو ذلك بقوله “ان هذا المشروع هو بمثابة اعلان احكام عرفية”.
القدس