(عدو عاقل خير من صديق غافل ) ؛ سلّط الله علينا عسكريا نياشينه تلوح على كتفيه ؛ وإن كان البعض يشك في ذالك ؛ حباه الله جرأة في القرار؛ وسعة في الباع ؛ و ابتلانا بخصوم له عجزة أصابهم الخرف ؛ و استبد بهم الأنا على كرسيّ أحزابهم ؛ وأخشى ما نخشاه حين نيل مناهم ؛ أن يتعسكر لنا بعضهم أكثر من العسكر.
فأحسن مثل لهم في المنطقة ما شاهدناه ؛ في عبد الله واد الذي ولد سنة 1926 م ؛ وقضّى خمسا وعشرين سنة يقود المعارضة ؛ حتى وصل إلى الرآسة وعمره خمس وسبعون عاما ـ بالمناسبة أحمد ولد داداه ولد سنة 1942 م ؛و يصل إلى المدتين تقريبا في السنة المقبلة ؛ فهل سينال الشبه كلّه في العام المقبل 2015م ؛ ويتوّج رئيسا لموريتانيا ؟ !ـ
أقول عندما توّج عبد الله رئيسا للسنغال ؛ نسي هموم مواطنيه؛ ومكّن ابنه مفاصل الدولة ؛ حتى صار معروفا فيها بوزير السماء و الأرض ؛ وتشبث بالكرسي ؛ حتى كادت السنغال أن تشتعل؛و تترنّح على كفّ عفريت ؛ فثارت عليه شعوبه ؛ وصرخت صناديق الاقتراع ضده ؛وهي بالأمس القريب احتفت به .
إن الانتصار الأكبر الذي حققه عزيز هو نجاحه في خرق صفّ المعارضة في أيام الربيع العربي ؛ وجذبه أحد اذرعها الضاربة الراسخة؛وتوظيفه في مكافحة المعارضة من دون أن يخسر شيئا .فهل هذا من ذكاء عزيز ؛أم أنه من غفلة المعارضة ؟.
لقد أنبرى حلف مسعود عن وعي خارق غير مسبوق لمخاطر المرحلة على كيان البلد كما يزعم ؛ أو بسبب غباء سياسي فاضح لا أعرف أيهما ؛ وإن كان كرّ الجديدين لا يزال يجلب له حججا تقوّي مذهبه ؛ أقول أنبرى الحلف ينافح عن النظام و الاستماتة دونه حتى لا يسقط العسكر؛ فكلّل أمره بنجاح باهر .
وحينها خابت المنسقية في مسعاها ؛ وفشا بينها الخور السياسي ؛ فانكفأت على نفسها ؛ وتراشقت التهم في أماكن العجز والوهن .
فباغتها عزيز قبل أن تلتقط أنفاسها؛ و تحت تأثير الصدمة الماضية ؛والصاعقة الجديدة في إعلان إجراء انتخابات 2014؛ صارت كالأسد المثخن بالجراح ؛ يتخبط بانفعال واضطراب بدون هدى ؛ فكان صيد عزيزالآن أثمن ؛ وهو الاصلاحيون ؛ وهذا لا يقل في ثمنه عن الصيد الذي قبله ؛إن لم يكن يعلوه .
إذا كان الاختلاف لا يفسد للودّ قضية عند الاصلاحيين؛ فبراكين الأقلام والأبواق من حلفائهم بالأمس ؛ شرعوا فورا في قذف حممهم ؛ بكل فظاظة على رؤوسهم ومن دون شفقة !.
ومن نشوة الأمر أصبح عزيز وحتى الآن مرتاح البالي ؛ قوي الشكيمة ؛ صفر المشاكل السياسية تقريبا ؛ ودع عنك إضرابات اسنيم ؛ فالجسم السليم يصيبه الزكام من تغير الفصول ؛ وسرعان ما يستمد حيويته ونشاطه ؛أصبح العسكري لا يخشى الغرب الذي يتودد له في مكافحة الإرهاب؛ ولا يهاب المعارضة التي هدّ حصنها بقواه الناعمة؛ فالجنرال بسعة باعه أحتوى دعوات الرحيل من دون دماء و لا سجناء رأي ؛ بل أختطف شعاراتهم وهزمهم شرّ هزيمة .
هنالك استسلم المنتدى لمحصوله السياسي الهزيل ؛ الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ؛ولا يثمر عوده إلا بالصغار والهوان والخنوع ؛ فدخل في غيبوبة ؛ أعراضها التشرذم والحسرة على ما فات من كعكة الانتخابات؛ والوجل من ارتدادات الربيع العربي ؛ وحتى لا يلتقطوا أنفاسهم أيقظهم الجنرال على زلزال الحوار ؛ فهم الآن في صحارى سيناء يتيهون .
إذن معارضتنا ما زالت تعيش تحت تأثير الصدمة ؛ وتمتاز بالانفعال والصراخ والهرج و الانفلات في الخطاب الذي يصل أحيانا إلى حدّ التحريض ؛ وهذا التخبط والضبابية في الرأي ؛ وقصر النظر ؛ مردّه عندي فيروس الخرف ؛الذي أصاب بعض قياداتها وخاصة التكتل ؛ الذي لا نعوّل عليه كثيرا إن حكم البلاد في ثوبه الحالي .
فاتركوا لنا من فضلكم هذا الرجل الذي على الأقل له مسكة عقل قد لا نزنها إلا بالذر ؛لكنها يا للأسف هزمتكم أجمعين ؛أتركوا لنا الجنرال حتي تستقيل قياداتكم الموقرة الفاشلة !.
غالي بن الصغير