إنهيار أسعار النفط يدفع بوتفليقة إلى التراجع عن وعوده الانتخابية

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
اثنين, 2015-03-02 23:33

 اضطر الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، إلى التراجع عن بعض وعوده الانتخابية و»ترشيد النفقات» بعد قرابة عام من فوزه بولاية رابعة، بالتزامن مع انهيار أسعار النفط، المصدر الأساسي لعائدات البلاد.
وضربت الأزمة النفطية الجزائر بشكل مباشر حتى ان بوتفليقة وصفها بانها «قاسية»، معتبرا انه لا يمكن التكهن بتداعياتها في المدى القريب.
ومن انعكاسات هذه الازمة قرار الحكومة تجميد التوظيف في القطاع العام في 2015، وكذلك التخلي عن بعض المشاريع «غير الاستراتيجية» مثل بعض خطوط الترامواي، كما اعلن رئيس الوزراء.
كما قررت الحكومة تشديد الرقابة على التجارة الخارجية «بصفة صارمة ودقيقة بهدف الحد من تهريب رؤوس الاموال».
وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية في 2014 كان رئيس الوزراء الحالي، عبد المالك سلال، يردد خلال المهرجانات في كل انحاء البلاد ان «الجزائر دولة غنية وستستمر في تقديم الاعانات للمواطنين وتمويل مشاريع الشباب» حتى وان استخدموا هذه الاموال «في شراء السيارات والزواج».
واثارت هذه التصريحات تعليقات كثيرة في الصحف وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، واعتبر ذلك تبذيرا لاموال الدولة.
وغابت هذه التعليقات بعد نهاية الحملة الانتخابية وفوز بوتفليقة بولاية رابعة دون مفاجأة، قبل ان تعود مرة أخرى مع انهيار اسعار النفط وظهور بوادر ازمة في الموزانة، وعدم قدرة الدولة على تنفيذ وعودها الانتخابية.
واعتبر الخبير الاقتصادي محمد حمادوش ان «هناك تبذيرا كبيرا في النفقات وتحصيل قليل للضرائب في ظل انتعاش الاقتصاد الموازي وغير القانوني».
واضاف «اذا استمر الوضع على ما هو عليه فان الاقتصاد الموازي سيكون له نفس السيولة المالية للدولة في 2020، اي 50 مليار دولار لكل منهما».
واضاف ان كل سياسة الحكومة «مبينة على معطى واحد هو التصدير والاستيراد، وكل القرارات السيادية مرتبطة بسعر النفط» في بلد يعتمد بنسبة 97٪ على عائدات النفظ والغاز، ويستورد حوالي 60 مليار دولار من السلع والخدمات. لذلك يجب على الحكومة – برأيه – ان «تبدأ إصلاحات فورا للخروج من هذه التبعية خلال خمس سنوات».
وبحسب إتحاد رجال الأعمال الجزائريين فإن من بين 760 الف شركة تنشط في البلاد، هناك 300 الف لا تنتج شيئا وتعمل فقط في الاستيراد.
كما طالب بالإصلاحات صندوق النقد الدولي ايضا خلال زيارة رئيس قسم الشرق الاوسط مسعود احمد للجزائر مؤخرا.
ودعا مسعود الحكومة الجزائرية إلى إعادة النظر في الموازنة للسماح «بتكييف نفقات ومداخيل الدولة مع سعر بترول في حدود 50 و70 دولار للبرميل بدلا من 100 دولار».
ولم يشعر الجزائريون فورا بأي إجراءات للتقشف في ظل استمرار الحكومة في دعم أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، اي الدقيق والحليب والزيت والسكر، لكن الصحف اصبحت تنشر في صفحاتها الأولى اخبار ارتفاع أسعار اللحوم والخضار والفواكه.
واوضح حمادوش ان «على الحكومة ان تخاطب الشعب بواقعية وتشرح له الإصلاحات، كما عليها ان تحدد من هو في حاجة إلى إعانة، بدل توزيع الإعانات على 39 مليون جزائري، في حين ان المحتاجين لا يتعدون سبعة ملايين».
وقال ان الحكومة وعدت برفع الدخل الفردي للجزائريين إلى 8500 دولار سنويا، بينما الدخل يتراوح بحدود 5000 دولار «لكنها لن تفي بهذا الوعد او بوعود أخرى».
ورأى الخبير الاقتصادي ان ذلك يتطلب «تحقيق نسبة نمو اقتصادي لا تقل عن 8٪ سنويا لمدة خمس سنوات متتالية، بينما نسبة النمو المتوقعة للعام الحالي 3»٪.
وذهب خبراء آخرون إلى حد التحذير من ان الجزائر «قد تضطر إلى اللجوء للاستدانة من صندوق النقد الدولي خلال ثلاث او اربع سنوات» كما اكد حاكم البنك المركزي السابق عبد الرحمن حاج ناصر.
ويعيد التحذير إلى اذهان الجزائريين ذكريات مظلمة ابان التسعينات عندما كانت العائدات لا تكفي حتى لدفع خدمة الدين، بعد سنوات من انهيار اسعار النفط في منتصف ثمانينيات القرن الماضي.ويتهم منافسو بوتفليقة في انتخابات الرئاسة باطلاق وعود انتخابية وسوء استخدام الأموال التي تراكمت جراء الاسعار المرتفعة للنفط خلال السنوات الماضية.
وابرز هؤلاء المعارضين علي بن فليس، مؤسس حزب طلائع الحريات، الذي اتهم النظام القائم «ببذل كل الجهود لإبقاء الشعب في حالة جهل تام بآثار هذه الأزمة خوفا من تعرضه للمحاسبة و المساءلة» أمام «تهاوي مداخيل تصدير النفط إلى النصف».
وتحاول الحكومة ان تعوض تراجع العائدات نتيجة هبوط الأسعار بزيادة الكميات المصدرة من النفط والغاز، واستغلال الغاز الصخري، الا ان ذلك يواجه صعوبات كبيرة بسبب رفض سكان الصحراء ذلك خوفا على تلويث المياه الجوفية في منطقة قاحلة.