استوقفني إعلان “الخلافة” من طرف أبوبكر البغدادي المتزامن مع تصاعد الأحداث في الموصل بالعراق، واكتشفت أن الحدث الذي شغل الإعلام العربي والدولي ولا يزال، هو حدث فعلا يستحق الإهتمام.
لكنني على عكس الآخرين رأيت أن أنظر إلى الموضوع من زاوية كوميدية، منطلقا من العبارة المتداولة “شر البلية ما يضحك”، قلت في نفسي، من حق دولة “الخلافة” الجديدة أن تتقدم إلى هيئة الأمم المتحدة لنيل عضويتها، بل تخيلت طلبا من مجلس الأمن الدولي إلى الخليفة البغدادي ليساهم في قوات حفظ السلام المنتشرة في العالم، وذلك لاعتبارات عديدة:
أولا أن أغلب الجيوش العربية منهمك اليوم في حماية أسر مالكة، على حساب مهامها الأصلية في الدفاع عن الثوابت وحماية الشعوب والأوطان.
وثانيا: لأن تركيا أردوغان، العضو الإسلامي في الناتو برهنت على تبعيتها لهذا الحلف الإستعماري في غزو ليبيا وفي دورها المتواطئ ضد سوريا والعراق.
لا يمكن بعد ما شاهدته خلال الأيام الأخيرة أن أتفاجأ بمبعوث من الأمين العام للأمم المتحدة بانكي مون،إلى البغدادي، وهو يستحثه لإلقاء كلمة الدولة في المنتظم الدولي، أو يطالبه بالنظر في أفضل التسويات الممكنة بين شركات النفط الدولية والخلافة لتحفيز الإقتصاد العالمي!.
إن أنظار العالم تتجه الآن نحو الأمير البغدادي، وكلها ترسم صورة للرجل الذي قلب كل الموازين، فلأول مرة في التاريخ يبايع المسلمون خليفتهم الذي لا يعرفونه..
فالرجل الذي أسس دولة افتراضية في هذا العالم المتلاطم الأمواج، لا يؤمن أصلا كما تدل أدبيات تنظيمه بالديمقراطية التي ينعتها بالكفر ويفرض على الذين وقعوا في شراكها “التوبة” أو قطع الرقاب.
أكثر من ذلك يعتقد خليفة المسلمين الجديد أن الدولة واقع يصنعه في ميادين المعارك، فحيثما وصل جيشه تنشأ ولايات وترسم حدود.
هذه هي الصورة المبسطة لما تخيلته عن “الدولة الإسلامية” التي يراد لنا أن ننشغل بها وننسى كل قضايا الأمة من فلسطين إلى حق المقاومة و حق الشعوب العربية والإسلامية في التعايش والتعاون.
لماذا؟ لأن الذين صنعوا “فوضى الربيع العربي” تحسبوا لهذه اللحظة، وهم اليوم مهما تظاهروا به من مواقف، يراقبون المشهد ويشاركون فيه وفوق هذا وذاك يسخرون من جهلنا في فهم الأحداث الجارية.