بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة "الأقصى"
rكما أنه لو لم يستعمل باستمرار أسلوبا تحامليا حاقدا حسب السياق، على شريحة معينة من المجتمع، وبحجج واهية، موغلة في التآمر والتأويل والتحميل غير المنصف، لما سمعنا خبر "إيرا" المثيرة بهذا الحجم الدعائي المدروس المقنن، من حيث الدعاية والمراحل.
لأن التطرف الشكلي المفبرك المصطنع في جو مناسب، خصوصا في بعده الحقوقي الدولي الاسترزاقي الزائف، المشبوه عند الغرب بسياسة المعايير المزدوجة "أو بعبارة أخرى الكيل بمكالين".
أقول هذا التطرف يستعمل عن قصد لأسلوب "دخل ش" أو "اتنبي" كما يقول المراهقون!.
بيرام ليس متطرفا في العمق، وهو "اذليل"، وطماع لكنه يتقن لعبة التطرف المصطنع، وعزيز "أخيز" منه، وخبير بهذا الفن الهابط.
الذي لعبه في "دار مستي" بالسنغال وهو مراهق، ورافق متقنته "المكناسية" بالمغرب، ونعني تكبر بنت أحمد.
وبيرام مجرد صنيعة، هو و"إيرا" لعزيز ومخابراته وبعض أفراد قبيلته المأمورين بدعمه في الحملة الرئاسية المنصرمة لغرض في نفس يعقوب، كما يقال في المثل العربي.
وإنه لكذلك وثيق الصلة، أي بيرام بالجمعيات الغربية، الحقوقية إسما، والموجهة غربيا عموما، وصهيونيا وأمريكيا خصوصا، وهذه "كتب" بكسر الكاف وجزمة على التاء وفتح للباء" معروفة.
لكن باختصار هذا السجن يعطي فرصة الإثمار إيجابيا لصالح هذا التوجه الفئوي بواجهة حقوقية شعاراتية براقة استرزاقية تقسيمية، معادية للدين ورموزه في النهاية فحسب.
والفكر، -ولو ورد في سياق مكشوف- مثل هذا لا يحارب إلا بالفكر،.
وهو لا يستطيع ضرب الصحافة ولا العلماء، ولا يستطيع من باب أولى تقسيم الأشقاء، من الحراطين المسالمين، وهم السواد الأعظم، والزنوج الخيرين المسالمين أيضا، والبيظان في مصطلح بيرام،.
كل هذا مثل علاقة بياض العين بسوادها، وسوادها لب بصرها وجوهر وظيفتها، والبياض لا غنى عنه، ولو كان متكاسلا محظوظا، إختبارا من الله للجميع في مدى تعايشهم، وأبتلاءا منه في عقيدة الرضا بالقضاء والقدر.
اللهم ألف بين قلوبنا وأهد شاردنا بيرام وبعض المغرر بهم إلى ساحة وجادة الصواب والمحجة البيضاء،.
وأما التهديد الفارغ، و"اتنفاخ"، فقد مل منه عزيز نفسه، بعد سب المعارضة ونعتها في مهرجان نواذيبو الشهير بأقذع الألفاظ، عجزة،... كذا وكذا...
وأنا بلا لحية، ونسي بلا حياء ربما، ومع ذلك "ما نكذب"!.
أليست إعفاء اللحية بتركها مرسلة على تأويل وحتى (دون تشذيب) في نظر البعض، جزء من سمته صلى الله عليه وسلم، والتلاعب به –أي هذا السمت النبوي- من قبل حاكم متغلب في مجتمع من المسلمين، قد تكون فيه "لقراي"؟؟؟!!!.
لكنه يلقي الكلام على عواهله، لجهله وغروره بحكم انقلابي مغصوب مزور!!!.
وبيرام مغرور بجوائز دولية حقوقية "يبره"، معروفة المقصد والرسالة والهدف، يأخذها بسهولة من الأمم المتحدة عقابا لعزيز على قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، الذي يحكم في جميع العواصم الغربية والعربية وسائر نقاط العالم تقريبا، بصورة مباشرة وغير مباشرة أحيانا، وبيرام هو العميل الصهيوني الأول في موريتانيا قبل العميل الأب معاوية وعزيز في الوقت الراهن!!!.
كلهم سواء، وبأساليب مباشرة وغير مباشرة، حسب الإقتضاء، وقد وجهت هذه الرسائل "البيراميه" لعزيز، للقول له إننا نستطيع إحراجك بجزء فقط من شريحة لحراطين، السطحيين الفقراء، نستدعيهم إلى فنادق ورتب مادية ومعنوية لم يحلموا بها قط أيضا، ونحرك لك الساكن، أنت ومناوئي التطبيع معنا، لتعلم أنك لا تحكم وحدك، ولست قادرا على التمادي في قطع الصلة بنا، فعلى الأقل، ترجع لصحبنا للتفاهم معنا مثلا من خلال فرنسا أو أمريكا أو غيرها من ربيباتنا، لتقر –ولو ضمنيا- بسطوتنا على العالم الراهن، ولو كان لك حظ من قومية عربية غير مبدئية أو دين أو نفور منا.
إن قصة بيرام لعبة داخلية، صنعها النظام بدءا، وعزيز تحديدا، وخصوصا إثر انقلاب 6 أغسطس 2008 وبوجه خاص بعد لقاء عزيز وبيرام الذي صرح به الأخير في الإعلام المحلي، وكل له حساباته، وخرجت اللعبة لاحقا من أيدي الإثنين، لتبقى أسرارها في يد المحرك الخارجي الصهيوني للسرك الخطير، المهدد للدين ووحدة الأمة الموريتانية، والغاضب –أي هذا المحرك الصهيوني- من قطع العلاقات مع اسرائيل من قبل عزيز، ذلك القطع المرحب به باستمرار من قبل الشعب الموريتاني العربي الافريقي المسلم الأصيل، والذي كان بغض النظر عن المقاصد من باب -إحسان النية- إحدى خصال عزيز الأرعن، بعد أن إنقلب على معاوية الظالم لبعض الإسلاميين وبعض الزنوج، والذي أقام هذه العلاقة المشؤومة مهما كانت الاعذار بأن الاسرائيليين إبتزوه وهددوا نظامه الإستبدادي الانقلابي، بورقة "أفلام" المصطنعة هي الأخرى، ربما لأغراض بريئة محليا، وخطيرة في المخطط الخارجي، تحكما في خيوط اللعبة، لوجود الإسلام فينا في عمق نسيجنا الشعبي "100%" ولو ظاهريا، وكوننا مصدر التعريب والإسلام في غرب إفريقيا، قبل وجود الدولة الوطنية الفاشلة، المسماة موريتانيا في زمان كنا بلاد شنقيط أو دولة "المرابطون".
وسيظل هذا النسيج والإختلاف المتنوع الإيجابي العرقي عندنا، مصدر قوة وإلهام، رغم ما يصيبنا أحيانا في حدود محدودة، بسر رباني غامض، وكذلك بشرط أن لا نعاقب الخلاف الفكري والسياسي والأتني والاجتماعي والحقوقي إلا بالفكر والإعلام وطاولات الحوار والبحث والشد والجذب السلمي، بعيدا عن فبركات المحاكم، فأنتم لم تحاكموه تحديدا وبجد على أمور متعلقة بمحرقة الكتب الإسلامية مثلا، أو تهديد العلماء والإعلاميين أو سب شريحة بكاملها، وأما تكييفاتكم "القانونية" فلم تكن موفقة ولا ذكية على الأقل، وإنما كانت فجة مكشوفة، هشة السبك والصنعة.
إستتيبوا الرجل إن شئتم، إثر مسه من أعراض بعض العلماء ومسألة حرق بعض الكتب الفقهية المقدسة فعلا في نظرنا جميعا، وهو متمسك علنا ببعض التأويلات، ويستشهد بحالات من حرق الكتب الشرعية والتاريخية والأدبية المثيرة في نظره أو نظر غيره من المأولين والباحثين في حيز الخلاف المعضل!.
وبإختصار، لا مجال للمزيد من الفتنة وهي أخطر من حرق الكتب، وأعراض البعض، فقتل مجتمع على يد عميل أو عملاء مأجورين، مأمورين خارجيا، وربما داخليا، ضمن خطة أمنية إلهائية، أمر معروف ومشؤوم العقبى.
فبادروا بإطلاق سراح الرجل قبل أن يمتنع من الخروج من السجن، أو قبل فوات الأوان ربما!.
إن اعتقال بيرام –لو إستمر شهرا واحدا- فقد نجحت خطة الصهاينة، وأنفذوا فينا غليلهم إثر قطع العلاقة معهم، لأننا سننشغل بالفتنة الباردة وقتا، في حيز الحرب الباردة، والتي ستفضي حتما إلى اقتتال حقيقي دموي، يزيل اسم موريتانيا المسالمة لا قدر الله من الوجود.
إبحثوا له عن أي عذر من أعذاركم المفبركة، وأنتم أعلم بها حين تبتغون الظلم والانتقام المشروع المحدود الحذر، وأنتم أعلم بها حين تحاولون الخروج من الورطة كذلك.
وأظن أن بيرام ليس سيئا إلى حد بعيد، فربما يتراجع عن التقرب الزائد من أسياده الصهاينة والطليان والأمريكان، ويرجع إلى دور نضالي حقوقي صاف من العمالة الخارجية العفنة الخطيرة عليه وعلى مجتمعه المسلم الضعيف، سواء من فئة العرب السمر "الحراطين" أو غيرهم من مكونات المجتمع، الشنقيطي الموريتاني الغالي العزيز، والصلح خير.
ووقتها ستكون "إيرا" انعتاقية بحق"، بعد تجاوز التجربة الأولى المشوبة، والسعيد من اتعظ بغيره ونعني "أفلام".
فبعض الزنوج لم يجنوا إلا القتل والجراح المؤلمة والمظالم، التي أنهكت وعمقت جراح المجتمع، على يد معاوية وتلامذته من أمثال اعل ولد محمد فال وغيره من "أصنادره" الإنقلابيين، ومازال المجتمع يدفع ثمنها، ماديا ومعنويا، وبدون استثناء، ورغم ذلك مازال "تيفايت" حقوق بعض الزنوج، من "أفلام" الصهيونية، "يغطسون" اصبع في "بل اليدمة" كما يقال في المثل الحساني.
فهؤلاء التيفاي "تيفايت" الدماء والنعرات والحقوق "درس" أي القديمة، يأخذون أحيانا دولارات ويوروهات وفنادق وبغايا، لكنهم يلعبون دورا حارقا لذواتهم ومحيطه الضيق، قبل أن يتضرر الآخرون أحيانا، سبحان الله.
أستغفر الله العظيم، بيرام صديقي دافع عني في جنيف باسويسرا، على مقاعد مؤتمر حقوقي عالمي، عندما حاول ولد بوعماتو أن يردني إلى السجن، بعد أفلح في رد الغرامة "300 مليون أوقية، أو زهاء أكثر من مليون دولار وقتها"، لكنني لا أجامل في الحق.
أطلقوا سراح صديقي الجسور الغاضب من الظلم المزمن ضد شريحته، لكننا في الخمسينات ولو بصورة رمزية مؤقتة أفلحنا –أي أسرة اهل اعبيدن- في تنصيب أحد عيالنا من أصل زنجي فلان كيتا تفاديا لذكر الإسم الصريح، أقول تنصيبه رئيسا لأسرة أهل اعبيدن وكان ذلك بأطار والأمر معروف، ولو كان قد أثار النزاع ولم يفلح الجناح المؤيد لمشيخته وحلت قيادته للأسرة، وبقينا نجامله تأدبا هو وعشيرته، لأنه "شيخ أهل اعبيدن"، ونعتز بعبوديتنا لله وحده. قال الله عز وجل: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".
فلا تعمم الحكم على سائر الآباء والاجداد، فمن باب أولى ضد الأجيال الراهنة من "البيظان البيظ"، حتى لا تظلم عن قصد وسبق إصرار، أو بغير تقدير وتدقيق سليم للموضوع الكبير المثير، والذي يختلط فيه الحق والباطل، ويحضر فيه أحيانا، حق أريد به باطل.
فنحن جميعا ضد الإسترقاق -إن وجدت منه حالات نادرة محدودة- وضد التضخيم الإسترزاقي، المضخم لبعض حالاته أو أثاره، ونعتقد أنك ربما بدأت عن حسن نية، ثم عرجت على الإسترزاق والتوظيف السلبي للموضوع، وأنك وبعض صحبك لمغرورون بما حصل من ضجة إعلامية ومكاسب معنوية ومادية، إثر تضخيمكم هذا للموضوع عن قصد وربما تخطيط ذكي، داخلي من قبلكم وعزيز، وخارجيا من قبل الأمريكان والفرنسيين والإيطاليين والصهاينة وغيرهم، والأنسب لنا جميعا الإبتعاد بالموضوع الشائك عن المحاكم، وإرجاعه إلى بعده الحقوقي الصرف الموضوعي إن أمكن ذلك.
وبإختصار الفكر لا يحارب بالاعتقال والتهم الحقيقية، فمن باب أولى المفبركة، أطلقوا سراح بيرام ولد اعبيدي هداه الله وصحبه إلى جادة الصواب وألهمنا وإياه الصلح والمحبة والتفاهم، على حساب العدو الخارجي المشترك، -الصهيونية العالمية- وذلك قبل اندلاع الفتنة الحقيقية المرتقبة، غير المستبعدة، حتى لا يغرق الوطن في مجاهيل الكراهية والعناد " العزيزي-البيرامي"، هداهم الله، فقد أرهقونا صعودا بضم الصاد.
ما من صواب فمن الله، وما من خطإ فمني.
إن الوحدة الوطنية باتت في خطر حقيقي للأسف البالغ.
اصطلحوا قبل فوات الأوان. اللهم سلم سلم....